دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم
أجابت الأمانة العامة لدار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليها حول حكم القتل الرحيم بمعنى أن يطلب المريض من الطبيب إنهاء حياته بسبب شدة ألمه، أو أن يقرر الأخير أن هذا الأفضل للمريض على أن يعيش متألمًا.
قالت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، إن الله جل جلاله هو أرحم الراحمين بعباده، بل هو أرحم بالإنسان من أمه وأبيه والناس أجمعين؛ حيث قال في قرآنه: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وكذلك قال جل شأنه: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، مشيرة إلى أن الآيات في القرآن الكريم كثيرة متعددة حول هذا المعنى، وأحاديث البشير النذير صلى الله عليه وآله وسلم ذكرت هذا المعنى واضحًا جليًا.
أوضحت الإفتاء أن هذا البدن الذي أعطاه الله تعالى للإنسان ليس ملكًا له يتصرف فيه كيفما يشاء، ولكنه أمانة يُسأل عنها أمام الخالق جل في عُلاه يوم القيامة؛ وقال عز مِن قائل في قرآنه: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، لافتة إلى أن المريض الذي يطلب من الطبيب إنهاء حياته بطريقة أو بأخرى فإنه يعد منتحرًا والعياذ بالله عز وجل.
استشهدت الإفتاء بالحديث الذي أخرجه الشيخان في «صحيحهما» عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهوَ في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، رواه البخاري، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَةٌ، فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا، فَلَمْ يَرْقَأ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ رَبُّكُمْ: قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّة.
أضافت أن إنهاء الطبيب حياة المريض لمصلحة يراها من تلقاء نفسه، فإنه والعياذ بالله تعالى قتل للنفس بغير حق؛ قال ربنا تبارك وتعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا، كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ الْجَمَاعَةَ.
تابعت في نهاية إجابتها: إن القتل الرحيم بشقيه المنوه عنهما في السؤال لا يجوز شرعًا، وهو من الكبائر؛ كما جاء في جملة أحاديث عن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى الأطباء أن يعلموا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فمهما طلب المريض مثل هذا المطلب فلا يستجيبون له ولا يقتلون النفس بغير حق.