أبطال مصر.. صناعة أنفسهم
لا تزال نعم الله تنهال على مصرنا الغالية وعلى أبناء شعبها، فيأتي علينا من يجدد وطنيتنا وأملنا في أن نرفع اسم مصر وعلمها عاليًا، وبينما نحيي انتصارات أكتوبر ونشيد بقواتنا المسلحة، تأتي رموز لقوتنا الناعمة مثال رامي السبيعي وسمر حمزة ومحمد صلاح وعلي زين وغيرهم الكثير والكثير ممن يقفزون من نهر شعبنا الذي لم ولن ينضب أبدًا بإذن الله. هؤلاء هم حقًا أبطال بمعنى الكلمة، لا يعلم بتضحياتهم إلا الله وأنفسهم ومن ضحى معهم من آباء وأصدقاء ومن عاشوا معهم العناء حتى وصلوا إلى المجد.
رامي وزملاؤه من الأبطال يشاركوننا انتصاراتهم لأنهم هم الوطنيون حقًا، وهم أهل الكرم وأصحاب الأخلاق والروح الرياضية، ولأن من بيننا أهلهم وذويهم. وبصراحة مطلقة، في هذه المحافل، أغار على هذا النجاح وأتمنى أن يعطى كل ذى حق حقه، فعلى المسئول أو رئيس الاتحاد الذي ينتمى إليه كل بطل من هؤلاء الأبطال أن يراجع نفسه وينظر فيما قصر وفيما أهدر من حق هؤلاء الرموز الوطنية ويهتم بزملائهم الذين لا يزالون يعانون نفس المشاكل التي مر بها هؤلاء الأبطال أو ينسحب من موقعه بشكل هادئ أو أضعف الإيمان أن يلتزم الصمت ويمتنع عن التملق بهؤلاء الرموز، لأنه هو أول من وقف عقبة في أوجه هؤلاء إما بالبيروقراطية ووضع العراقيل أو بالتزام الصمت للحفاظ على منصبه بينما هم لا يزالون يعانون.
لم يتلق رامي السبيعي جنيهًا واحدًا من اتحاد كمال الأجسام المصري، محمد صلاح فر هاربًا من معتقل المقاولون العرب، وسمر حمزة بطلة العالم المصرية في المصارعة عادت من قرار الاعتزال لتحقق ميدالية تاريخية وظلت لا تدري بمشاركتها البطولة من عدمه بسبب سوء إدارة الاتحاد وبعد معاناة لتجد غرفة بالمركز الأوليمبي بالمعادي لإقامة معسكرها. يا معالي وزير الشباب والرياضة، لدينا اتحاد ألعاب قوى، والملاكمة باتا في تعداد المفقودين، واتحاد رفع أثقال لا يملك ما ينفقه على لاعبيه.
وإذا نظرنا إلى المركز الأوليمبي بالمعادي والذي هو بالأساس مخصص لإعداد أبطال مصر للمشاركة في الأولمبياد والبطولات العالمية، به صالات الجيمانزيوم تعد الأسوأ على الإطلاق ومع هذا يتشارك بها جميع اللاعبين المحترفين المقيمين بالمركز وغيرهم، بينما تنتظر إدارته أحلام تطوير صالات جديدة لنحو خمس سنوات وأكثر ولايزالون ينتظرون، فضلًا عن التغذية غير الجيدة والتي لا تتناسب مع طبيعة الإعداد الرياضي. أتساءل ماهي خطة الدولة الخاصة بأولمبياد باريس، وهل هناك أمل في صناعة أبطال دون تغذية سليمة واتحادات ليست هشة قادرة على توفير ما يلزم من إيجاد أطباء تغذية، ومدربي أحمال، ومعدين نفسيين وكشافين لاكتشاف وإنتاج الخامات والجينات الرياضية السليمة وتخريج الأبطال الدوليين الذين يرفعون راية مصر كسفراء لها.
نداء إلى الدولة وعلى رأسها وزارة الشباب والرياضة، إلى ضرورة العمل بشكل محترف للحفاظ على ثروة مصر من الأبطال والسعي والتسويق وتوفير الرعاية اللازمة لرياضيين مصر من خلال التواصل مع الهيئات المعنية وشركات القطاع الخاص لتوفير الدعم لتلك المواهب بدلًا من إهمالهم الذى يجعل من شركات –بل شركة واحدة– وظيفتها الوحيدة الاصطياد في الماء العكر وتقطيع –روابط– العلاقة بين الاتحادات الرياضية ووزارة الشباب واللاعبين، حيث تنتهز تلك الشركة غياب دور الوزارة والاتحادات باستقطاب هذه المواهب مستغلة حاجاتهم الطبيعية من ملابس وتغذية واستخدام هؤلاء الأبطال في عملية تسويق تقليدي وإعلاني بشكل حصري تهدف لجني المال بدلا من رعايتهم.
أناشد الدولة بأجهزتها مجتمعة، أبطال مصر والرياضة في مصر هم ثروة مجتمعية وأحد أهم قوى مصر الناعمة، بها يتأثر الرأي العام وتنشغل الأسرة المصرية ويسعد المجتمع ويُرفع علم مصر والتغافل عنها يفسد المجتمع وتنتشر المفاسد ويستقطب أبناء الوطن تباعًا بين الهجرة والتجنيس الذي بدأ موسمه مع بداية بطولات العالم لشهر ديسمبر ولا داعى لذكر أمثلة. كما أذكر بإنشاء شركة وطنية تعمل على التنسيق بين شركات القطاع الخاص وأجهزة الدولة لدعم هؤلاء الأبطال وتوفير البيئة السليمة لهم من دعاية، رعاية، وتغذية ومعدين إلى آخره، فالمعادن الرياضية الحقيقة تكمن في محافظات مصر وضواحيها والتي تستلزم نفقات لاكتشافها وإعدادها.