في ذكرى استشهاد الحسين.. كيف سارت وقائع مأساة كربلاء؟
دارت في مثل هذا اليوم من عام 680 ميلادي، ما يعرف بمعركة كربلاء، أو مأساة كربلاء، التي شهدت استشهاد الحسين بن علي بن أبي طالب، بعدما خرج إلى الكوفة، تعبيرًا عن رفضه مبايعة يزيد بن معاوية كخليفة المسلمين.
وخاف الكثيرون من أصحاب الحسين وأهل الرأي من أن تسوء الأحداث، ونصحوه بعدم الذهاب، ومنهم ابن عباس، الذي قال: استأذنني الحسين في الخروج، فقلت لولا يزرى بي أو بك لشبكت بيدي في رأسك، ورد الحسين رضي الله عنه عليه قائلًا: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن تستحل بي حرم الله ورسوله.
وخرج الحسين من مكة وفي صحبته طائفة من أهل بيته وأولاده، وسار بهم إلى العراق، وفي أثناء سيره خرج عليه سرية من جيش يزيد، تتكون من 1000 فارس، أرادوا منعه من التقدم، لكنه لم ينصع لهم وواصل سيره حتى وصل إلى كربلاء ونزل بها.
وقائع مأساة كربلاء
في صباح وصول الحسين إلى الكوفة عقدت ولاية تكونت من أربعة آلاف رجل وسارت نحو كربلاء، بقيادة عمر بن سعد، وواصلت القوات في التوافد إلى كربلاء، حتى صاروا أكثر من 30 ألف جندي.
وعمل الجنود التابعون لجيش يزيد بن معاوية على قطع السبل بين الحسين وأهل بيته، وبين ماء الفرات، حتى اشتد بهم العطش، وكان من بينهم الرضع والأطفال والنساء، وظل الحال كما هو حتى وصلت آخر رايات الجنود، التي ضمت الشمر بن ذي الجوشن، ضمن ستة آلاف جندي، حاملًا معه كتاب من ابن زياد، لقائد القوات ابن سعد، يقول فيه، إن نزل الحسين وأصحابه على حكمي واستسلموا، فابعث بهم إلي، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم.
ولما تيقن الحسين من قرب الاشتباك معهم، جمع آل بيته، وخطب فيهم ليلة عاشوراء، وقال لهم: جزاكم الله جميعًا عني خيرًا، فلقد بررتم وعاونتم، ألا وإني لا أظن يومًا لنا من هؤلاء الأعداء إلا غدًا، وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعًا في حل من بيعتي، ليس عليكم مني حرج ولا ذمام، ليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل، وذروني وهؤلاء القوم، فهم لا يريدون غيري.
ورد عليه من معه من أهله، بأنهم لن يتركوه، وقال له إخوته: ماذا يقول لنا الناس وماذا نقول لهم؟ إننا تركنا كبيرنا وابن بنت نبينا ولم نرمِ معه سهم ولم نطعن معه برمح ولم نضرب معه بسيف لا والله لا نفارقك أبدًا، نقيك بأنفسنا، حتى نرد موردك، قبح الله العيش بعدك.
وتحرك جيش يزيد بن معاوية، في الصباح، وعلى ميمنته عمرو بن الحجاج الزبيدي، وعلى الميسرة الشمر، وعلى الخيل عروة بن قيس، وركب الحسين فرسه، ومعه 32 فارسًا، و40 رجلا وزهير بن القين في الميمنة وحبيب بن مظاهر في الميسرة، وجعل الخيام في ظهورهم.
وبدأ القتال وتقدم مسلم بن عوسجة، وظل يقاتل جنود يزيد، وقيل أنه قتل الكثير منهم، حتى سقط مقتولًا وبعد الظهر، تقدم زهير بن القين، وحبيب بن مظاهر، وقاتلا قتالًا شديدًا، وظل الحال هكذا وتقدم أصحاب الحسين يفتدونه إلى أن مات جميعهم.
وخرج عليهم الحسين وحده، وجعلوا يرمونه بالسهام والنبال، حتى ملئ درعه، وبعد أكثر من ساعة تعبت يداه، فأتاه حجرًا شق رأسه، فأخذ بطرف ثوبه يمسح الدماء، فإذا بسهم يقع في صدره، وعند ذلك طعنه صالح بن وهب في خاصرته، فسقط الحسين من على فرسه، وأقبل العديد من الجنود، ولم يستطيعوا قتله وارتعبوا، إلى أن أقبل الشمر، وجلس على صدر الحسين، وقطع رأسه بالسيف، لتنتهي تلك الفاجعة الكبرى، التي أصابت أهل البيت النبوي الشريف.