قانوني يوضح الحق في استضافة الصغير وأثر امتناع الأم عن تنفيذ حكم الرؤية
أرسل قارئ للقاهرة 24 يقول: تزوجت منذ 5 سنوات وانفصلت عن زوجتي بعدما أنجبنا طفلنا الوحيد لاستحالة العشرة بيننا ومن يوم ما انفصلنا وطليقتي تتعمد إبعاد ابني عني ولم أتمكن من رؤيته بالطرق الودية ماذا أفعل؟
رؤية الصغير حق للأبوين، وحق للأجداد عند عدم وجود الأبوين، نظمتها المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة 1929، هكذا بدأ الأستاذ عمرو قراقيش المحامي حديثه للقاهرة 24 متابعًا: لكل من الأبوين الحق في رؤية الصغير أو الصغيرة، وللأجداد مثل ذلك عند عدم وجود الأبوين، وإذا تعذر تنظيم الرؤية اتفاقًا، نظمها القاضي على أن تتم في مكان لا يضر بالصغير أو الصغيرة نفسيًّا.
وأكمل قراقيش قائلًا: ولا ينفذ حكم الرؤية قهرًا، ولكن إذا امتنع مَن بيده الصغير عن تنفيذ الحكم بغير عذر أنذره القاضي فإن تكرر منه ذلك جاز للقاضي بحكم واجب النفاذ نقل الحضانة مؤقتا إلى من يليه من أصحاب الحق فيها لمدة يقدرها، وقد نظم الرؤية قرار وزير العدل رقم 1087 لسنة 2000، بأن جعلها لمدة لا تقل عن ثلاث ساعات أسبوعيا، وهي المدة التي رآها البعض غير كافية وأقاموا دعاوى قضائية يطالبون فيها باستضافة أطفالهم في منازلهم مدة يوم أو يومين.
وأردف: أن محكمة النقض المصرية قد أرست مبدأً مهما في هذا الشأن مفاده أن القانون لا يعرف ما يسمى باستضافة الطفل، وأن الحق في رؤية الطفل مقصور على لقائه والنظر إليه في أحد الأماكن التي حددها قرار وزير العدل سالف البيان (وهى أحد النوادي الرياضية أو الاجتماعية أو أحد مراكز رعاية الشباب أو إحدى دور رعاية الأمومة والطفولة التي يتوافر فيها حدائق أو إحدى الحدائق العامة) ولا يجوز للأب أن يباعد بين الأم وولدها في سن الحضانة أو أن يسلخه عنها، فلا يجوز له اصطحاب الصغير إلى منزله للمبيت معه.
واستطرد قائلًا: الظاهر لنا من خبرة العمل أن المشكلة ليست في القانون، وإنما فيما يكون بين الزوجين من شقاق ولدد في الخصومة، يتحايلون فيه على القانون مستغلين الأطفال للإضرار ببعضهم وبعض، ويظل الخاسر الوحيد في هذه المعركة هو الطفل الذي يخسر سكينته والطمأنينة التي يجب أن تتوافر له في هذه المرحلة العمرية.
وحتي القانون ذاته قد راعى الحالة النفسية للطفل حال تنفيذ الحكم بالرؤية فنص في المادة سالفة الذكر على عدم جواز تنفيذ حكم الرؤية قهرًا أو بالقوة، وذلك استثناءً من القاعدة التي تقضي بأن الأحكام القضائية تنفذ بالقوة حال رفض المنفذ ضده الخضوع للحكم وتنفيذه، ولكن القانون ها هنا راعى مصلحة الطفل في الحفاظ على سكينته وقدمها حتى على احترام أحكام القضاء.
مؤكدًا: ولكن ليس معنى هذا أن تُهدر أحكام القضاء، لذلك فقد عاد ونص القانون على جزاء الامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية، وهو أن يسقط حق الحاضنة في حضانة الطفل، ويتم نقلها إلى من يليها من أصحاب الحق في الحضانة لمدة محددة يقدّرها القاضي.
مكملًا: ويتم إثبات الامتناع عن تنفيذ حكم الرؤية من خلال الدفاتر الإدارية الخاصة بالمكان الذي ينفذ فيه حكم الرؤية (كالنوادي الاجتماعية ومراكز الشباب) حيث يخصص دفتر لكل حالة يثبت فيه حضور الأب أو الجد في الساعة المحددة لرؤية الصغير، فإذا حضر من بيده حضانة الصغير أثبت حضوره وتمت الرؤية، وإن لم يحضر أثبت تخلفه عن الحضور وأصبح ممتنعا عن تنفيذ حكم الرؤية، وعندها يجوز للأب أن يطلب من القاضي إسقاط الحضانة عن الحاضنة لفترة مؤقتة وتسليم الصغير إلى من يليها ممن لهم الحق في الحضانة.
واختتم قراقيش كلامه قائلًا: لكن ومع كل هذه التعقيدات التشريعية والقانونية التي تحاول جاهدة أن توائم بين مصلحة الطفل الصغير في أن ينشأ في بيئة هادئة، فإن كل هذه القوانين لن تُفلح وحدها ما لم يدرك الآباء والأمهات أن الصغير في حاجة إلى رعاية والده ومن الظلم أن يُحرم الوالد من رؤية ولده مع ما هو مفطور عليه من الشفقة والحنو عليه، إلا أن حق الوالد في ذلك لا يصح أن يؤخذ ذريعة للإخلال بحق الأم، وأن الحضانة إذا كانت حقا للأم فهي قبل ذلك حق للصغير من حيث وجوده عند من يشفق عليه ويأنس به وتسكن روحه إليه وأن شفقة الأم وسكون روح الصغير إليها من الأمور الطبيعية التي لا يتأتى أن يجحدها أحد.