انتخابات على شفا الانهيار.. كيف يؤثر مؤتمر استقرار ليبيا على الاستحقاقات الدستورية؟
ترقب ليبي وإقليمي لما يمكن أن يسفر عنه مؤتمر استقرار ليبيا، المقرر انعقاده الخميس المقبل، وفقًا لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش، وسط دعم أممي ودولي واسع، للتأكيد على إجراء الانتخابات في موعدها المقرر وفقا لخارطة الطريق المدعومة من قبل الأمم المتحدة، في حين يشير بعض المحللين إلى إمكانية تأجيل الانتخابات عقب المؤتمر الدولي الذي يعلق عليه الكثير من الليبين آمالهم لانتهاء ازمة بدأت منذ ما يقارب 10 سنوات.
وتتجه أنظار الليبيون في شرق البلاد وغربها وجنوبها، الخميس المقبل، إلى العاصمة طرابلس في انتظار مخرجات مؤتمر استقرار ليبيا، حيث أنه من المتوقع أن تكون الانتخابات في صدارة اهتمامات المؤتمر الدولي، إلى جانب توحيد المؤسسات العسكرية الليبية، وإخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا، وتفكيك ودمج المليشيات المسلحة الأخرى.
ويأتي المؤتمر الذي بدأت نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية الليبية في الدعوة له منذ أسابيع، وفقًا لمبادرة من المجلس الرئاسي الليبي، بالتزامن مع اقتراب إجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر المقبل، وبالتزامن أيضا مع التعثرات الليبية والدولية في تنفيذ أحد أهم البنود الموضوعة في الاتفاقيات السياسية التي شهدتها الساحة السياسية الليبية خلال الأعوام الماضية والتي على رأسها إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا.
ويرى المحللون، أن للمؤتمر نتائج أخرى يمكن الوصول إليها، ومن بين تلك النتائج ما يمكن أن يعيد الصدام والصراع الليبي ما بين الغرب من جهة، والشرق والجنوب الليبي في جهة أخرى، خاصة في حال عدم مشاركة بعض الأطراف الموجودة في تلك المناطق خلال المؤتمر الدولي، إلى جانب وجود خلاف ما بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة الليبية والمفوضية العليا الوطنية للانتخابات بشان قانون اجراء الانتخابات الرئاسية ما يزيد مخاوف إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
تأجيل الانتخابات الليبية
من جهته قال الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولي بجامعة طرابلس، أن المؤتمر الدولي المقرر عقده في العاصمة الليبية طرابلس من شأنه أن يسعى إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد 24 ديسمبر المقبل.
وأضاف الزبيدي في تصريحات لـ القاهرة 24، أنه عقب تغيير مقر انعقاد المؤتمر من مدينة سرت الليبية التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، والتي شهدت اجتماعات مجموعة 5+5 العسكرية، واجتماعات المصالحة الليبية، إلى العاصمة طرابلس التي تسيطر عليها المليشيات المسلحة المختلفة، من شأنه أن يخلق أزمة بين الأطراف الليبية.
وأوضح، أن نقل المؤتمر إلى الغرب الليبي يعني عدم مشاركة القوى السياسية الموجودة في الشرق والجنوب الليبي، بسبب سيطرة المليشيات المسلحة على الغرب الليبي، معللا ذلك بأن كافة التحركات الحكومية تجري في اتجاه تأجيل الانتخابات، والتمديد الدولي لحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، بسبب التشظي الذي تشهده ليبيا في الوقت الراهن وخاصة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.
وكانت تهديدات المجلس الأعلى للدولة الليبي بشأن عدم السماح بإجراء الانتخابات الليبية، بلغت ذروتها، بعد تهديدات رئيس المجلس خالد المشري، والذي يعرف بانتمائه للإخوان، بقوله: لن نسمح بإجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، في ظل وجود دعم دولي وإقليمي مكثف لإجراء الانتخابات الليبية الرئاسية والبرلمانية في موعدها.
الجدال ما بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي بات مشهد متكرر ودائم في الساحة السياسية الليبية، فما أن يصدر مجلس النواب أحد القوانين المتعلقة بإمكانية إجراء الانتخابات المقبلة، ليسارع الأخير بإعلان رفضه ومعارضته لقرارات النواب.
معارضة المجلس الأعلى للدولة لقانون الانتخابات البرلمانية الصادر بتاريخ الرابع من أكتوبر الجاري، من مجلس النواب لم تكن الأولى من نوعها، بعدما أظهر معارضته لقانون الانتخابات الرئاسية الصادر بتاريخ 8 سبتمبر الماضي، مسارعًا إلى إعلانه قاعدتين دستوريين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
تكرار سيناريو حكومة فايز السراج
في ذات السياق، قال خالد محمود، الباحث في الشأن الليبي، إن المؤتمر الذي يحمل استقرار ليبيا، لن يؤثر على إمكانية إجراء الانتخابات الليبية المرتقبة في موعدها المقرر، معللا ذلك بأن الحكومة الحالية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، فقدت ولاء المنطقة الشرقية لها، وباتت مهددة بالانهيار.
وأضاف في تصريحات لـ القاهرة 24، أن الخلافات بين مجلسي النواب والدولة ستدفع مفوضية الانتخابات إلى طلب التأجيل لحين الوصول إلى توافق فيما بينهم، متوقعًا عدم حدوثه في القريب، معللا ذلك بأن الإخوان المتمثلين في المجلس الأعلى للدولة يسعون لإقصاء خليفة حفتر من الترشح للانتخابات الرئاسية.
كما أوضح أنه في حال تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية، سيكرر الدبيبة سيناريو حكومة الوفاق التي كان يترأسها فايز السراج، بتمسكه بالسلطة وعدم تركه لرئاسة الحكومة عقب انتهاء فترتها المحددة في خارطة الطريق، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي المتمثل في المنظمات الأممية والدولية يعمل على إدارة الأزمة فقط في ليبيا دون حلها.
انفصال الشرق والجنوب الليبي
في سياق مختلف، يرى الدكتور محمد الزبيدي، أن مؤتمر استقرار ليبيا الذي سيتم عقده في العاصمة الليبية طرابلس، من شأنه أن يزيد الأزمة الليبية ما بين الأقاليم الثلاثة، متوقعًا إمكانية الوصول إلى مطالبة الشرق والجنوب الليبي إلى الانفصال، بسبب صدام فيما بينهم على خلفية عدم إمكانية مشاركتهم في المؤتمر بسبب عقده في العاصمة التي تسيطر عليها الميليشيات المسلحة.