مُحَمَّدٌ زِينَةُ الدُّنْيَا وبهْجَتها.. مدائح الشعراء في حب النبي
نمُر في تلك الأيام بذكرى ميلاد سيد الخلق، ومعلم البشرية، أفضل خلق الله وأحسنهم، نفسًا ورسمًا، وأعلاهم شأنًا وشأوًا، مبعوث رب الناس للناس نورًا ورحمة، وسبيل يسقي الظامئين ماءً وعلمًا، جمع له الله كل جميل، وأرسله درة كل جيل، ولد الهادي في الثاني عشر من ربيع الأول، والذي يوافق 19 أكتوبر من العام 2021.
على مر التاريخ تسابق الشعراء والأمراء والناس على الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم، حيث كتبت آلاف القصائد والمدائح النبوية، والتي لا يتسع لها أي مقال، وفي السطور التالية، أوردنا لكم بعض الأبيات التي كتبت في مدحه صلى الله عليه وسلم.
يعد البصيري أشهر من مدح رسول الله، فالبردة الشريفة التي نظمها هي أشهر ما نُظم في المدائح النبوية، وتُسمى قصيدة البُرأة أو الكواكب الدريَّة، وراح الشعراء ينتهجون من بعده طريقه، ويتبعون مدائحهم بها كـ نهج البردة.
يقول البصيري في بردته:
«لَوْلاَ الهوى لم ترق دمعا على طَلَلِ.. ولا أَرِقْتَ لذكر البان والعَلَمِ
فَكَيفَ تنكر حبا بعد ما شَهِدَتْ.. بهِ عليكَ عدول الدمع وَالسَّقَمِ؟»
«يَا أكْرمَ الْخلْقِ مَا لِيْ مَنْ الُوْذ بهِ.. سِوَاكَ عِنْد حلُوْلِ الْحادث الْعَمِمِ
وَلَن يَّضِيْقَ رسُوْلَ اللهِ جاهُك بي.. اذ الْكَريْمُ تجلَّى باسْمِ مُنْتقِمِ».
«مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَم.. مُحَمَّدٌ خَيْرٌ مَنْ يَمْشِي عَلَى قَدَمِ
مُحَمَّدٌ زِينَةُ الدُّنْيَا ومُهْجَتُها.. مُحَمَّدٌ كاشِفُ الغُمَّاتِ وَالظُّلَمِ»
ويقول: «مَدْحُ النَّبيِّ أُمانُ الخائفِ الوجِلِ.. فامْدَحْهُ مَرْتَجِلًا أَوْ غيرَ مُرْتَجِلِ»
وله أيضًا: «يا نَفْسُ دُونَكِ مَدْح أحْمَدَ إنَّهُ.. مِسْكٌ تَمَسَّكَ ريحُهُ والرُّوحُ»
ويقول الشاعر عبد الرحيم البرعي في مدحه:
«يا غوث من في الخافقين وَغيثهم.. وَرَبيعهم في كل عام مجدب
يا رَحمة الدنيا وَعصمة أَهلها.. وَأَمان كل مشرق وَمغرب»
ويقول: «إني وإن فتنتوا في حبهم كبدي.. باقٍ عَلى ودهم راضٍ بما فعلوا
محمد سيد السادات من مضر.. سر السَرارة شمس ماله طفلُ
يا خير من دفئت بالترب اعظمه.. فَطاب من طيبهن السهل وَالجبلُ
نَفسي الفداء لقبر انت ساكنه.. فيه الهدى وَالندى وَالعلم وَالعمَلُ».
ويقول أمير الشعراء أحمد شوقي في مدحه:
«وُلِـدَ الـهُـدى فَـالكائِناتُ ضِياءُ.. وَفَـمُ الـزَمـانِ تَـبَـسُّـمٌ وَثَناءُ
الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ.. لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ
وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي.. وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَـديـقَـةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا.. بِـالـتُـرجُـمـ انِ شَـذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالـوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ.. وَالـلَـوحُ وَالـقَـلَـمُ البَديعُ رُواءُ
بِـكَ بَـشَّـرَ انهلـلَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت.. وَتَـضَـوَّعَـت مِـسكًا بِكَ الغَبراءُ
وَبَـدا مُـحَـيّـاكَ الَّـذي قَسَماتُهُ.. حَـقٌّ وَغُـرَّتُـهُ هُـدىً وَحَـيـاءُ
وَعَـلَـيـهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ.. وَمِـنَ الـخَـلـيلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثـنـى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ.. وَتَـهَـلَّـلَـ ت وَاِهـتَـزَّتِ العَذراءُ
يَـومٌ يَـتـيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ.. وَمَـسـاؤُهُ بِـمُـحَـمَّـدٍ وَضّاءُ
الـحَـقُّ عـالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ.. فـي الـمُـلـكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ
ذُعِـرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت.. وَعَـلَـت عَـلـى تيجانِهِم أَصداءُ
وَالـنـارُ خـاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم.. خَـمَـدَت ذَوائِـبُها وَغاضَ الماءُ
وَالآيُ تَـتـرى وَالـخَـوارِقُ جَمَّةٌ.. جِــبـريـلُ رَوّاحٌ بِـهـا غَـدّاءُ
نِـعـمَ الـيَـتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ.. وَالـيُـتـمُ رِزقٌ بَـعـضُهُ وَذَكاءُ»
ويقول في نهج البردة والتي تعد أشهر المدائح النبوية في العصر الحديث:
«ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ.. أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ
رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَدًا.. يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ
لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً.. يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي
جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي.. جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ
رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ .. إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ
يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ.. لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ
فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ.. ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ
عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلًا أُعَزُّ بِهِ.. في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُحَمِ
يُزري قَريضي زُهَيرًا حينَ أَمدَحُهُ.. وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ
مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ.. وَبُغيَةُ اللَهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ
وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ.. مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي
سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً.. فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ
قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ.. مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ
نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفًا.. وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي
حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ.. نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ
لَمّا رَآهُ بَحيرا قالَ نَعرِفُهُ.. بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ»
ويمتدحه الشاعر الكويتي المعاصر بدر الدريع في قصيدته هوينك بالغيور من الرجال:
«أتسـأل مقولي مدحًا لـطـه.. فـيـحرم مـسـمعيك مــن الـنوال
إذًا لا طار بـين الـناس ذكـري.. ومــا كـنـت الـمبرز فـي الـمقال
ومــا مـدحـي وفـيه يـقل نـصرًا.. بـــأن يـفـدى بــأولادي ومـالـي
مـعـاجـزه الـحـروف مـنـجماتٌ.. تـضيء كـما الـنجوم من الليالي
تــكـرر لا تــمـل وكـــل قـــولٍ.. عـلى الـتكرار يشكى من ملالي»
«وعـجّـل بـالـحديث بـذكـر طــه.. فــإن الـصـب دومـًا فـي عـجال
لـعل الـوجد يـرأف بـي فـيطوي.. إلــيـه مـــا تـبـقـى مـــن هــزال
لـعل الأذن تـسعف شوق طرف.. يـسـافر كــل يــوم فــي خـيـالي»
«يـتـيم صـانـه الـمولى فـأضحت.. لـــه كـــل الأنـــام مــن الـعـيال
أتـى والـناس فـي ظـلمات جهلٍ.. تـهـافت مــن كـؤوس أو سـجال
عــكــوفــًا دون أَصـــنـــامٍ وإلا.. عــكــوفــًا دون جـــبـــارٍ ووال
عـلى أكـل الـربا سـمنوا ويكسو.. لـهـم وأد الـبـنات هـزيـل حــال
كـصحراهم مـن الـخيرات خِـلوٌ.. غــلاظٌ كـالصخور مـن الـجبال
فـجـاء كـمـاطرٍ مـن بـعد جـدبٍ.. وكــالآمـال لـــم تـخـطر بـبـالي
عـلـيه الـنـاس مـن ولـه كـصبٍّ.. خــلال الـبين فـوجئ بـالوصال»
«مــخـاضٌ جـــاء آمـنـة فـهـزت.. بـجذع الـمكرمات مـن الخصال
كـــأن خـروجـهـا مـنـهـا ولـيـدًا.. خـروج الشمس من رحم الهلال
كــمـال خـلائـق وكـمـال خـلـق.. ومــا شـغل الـهواجس كـالكمال
تـريـك بـنـوره نـيـران كـسـرى .. بــأن الـشـيء يـحـجب بـالـمثال»
«ومــا خـطـت كـتـابٌ مـنـه كـف .. ولـكـن مــا كـتـاب مـنـه خـالـي
فـــوا عـجـبـًا لأمـــيٍّ تــصـدت .. بـنـصـرته الـيـراعـة لـلـنـصال
تــفــدّيـه أنـــــام مـــــا رأتـــــه .. ويــعـظـمـه لـــديــن الله قــالــي
ونـقـصـد قــبـره ولــنـا قــلـوب.. ونـقـفل والـقـلوب عـلى الـرمال
وحـسـبـك بـالـهـوى أنّــا أنــاسٌ.. جـسـومـهم تـسـيـر بــلا ظــلال
نـقـبـل كـــل لــفـظ قـــد تـوشـى.. بــمــيـم أو بـــحــاء أو بـــــدال»