لقد عفت من ديار العلم آثارُ.. قصيدة للشاعر السعودي عبد الله بن علي
تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر السعودي عبدالله بن علي بن آل عبد القادر، المولود في مثل هذا اليوم 19 نوفمبر عام 1925، تميز شعره بالروعة والخيال الواسع، كما أنه كتب في الفخر والمديح والغزل، بجانب المساجلات الشعرية، ووصف الورد والحمام، وارتجل الشعر في العديد من المناسبات الدينية، وعارض الشعراء مثل طرفة بن العبد في ذكرى الأهداف التي يعيش من أجلها.
قصيدة في مدح الديار.. فأصبح العلم لا أهلٌ ولا دارُ
لقد عفت من ديار العلم آثارُ
فأصبح العلم لا أهلٌ ولا دارُ
يا زائرين ديار العلم لا تفدوا
فما بذاك الحمى والدار ديارُ
ترحل القوم عنها واستمر بهم
مشمر من حداة البين سيارُ
قد أورد القوم حاديهم حياض ردى
فما لهم بعد ذاك الورد إصدارُ
تبكي السماء عليهم وهي كاسفة
لا الشمس شمس ولا الأقمار أقمارُ
والأرض من بعدهم ثكلى مرزأة
يعلو لها من زفير الوجد إعصارُ
فلم تدع معلما فيها ولا علما
ضل الهداة بها والركب قد حارُوا
حييت يا دار سعد غاب مسعدها
يا ما دام أنت أوطان وأوطارُ
يا صاحبي تعالوا نقض واجبها
فقبلنا قد وفت بالعهد أحرارُ
عهدي بها يوم شمل الحي ملتئم
في ظلها وهي جنات وأنهارُ
يا صاحبي أعيراني جفونكما
جفني قريح ودمع العين مدرارُ
وأفرغا في فؤادي فضل صبركما
عدمت صبري وفي أحشاي تسعارُ
يا بين مهلا أتدري ما الذي صنعت
بنا يداك ويأتي منك إشعارُ
لقد رميت بسهم في مقاتلنا
حياتنا بعده يا بين أقدارُ
سهم تخير في الأحياء كلهم
وهكذا كان سهم البين يختارُ
فجعتنا بفتى الفتيان قاطبة
كأنه تحت طي البرد أسوارُ
ماضي العزيمة لا يلوي على أحد
مهند مرهف الحدين بتارُ
إذا تسابق فرسان البلاغة في
ميدانها فله سبقٌ وإظهارُ
له الإمارة في أهل اللسان كما
له الصدارة إن لاقته أحبارُ
بحر من العلم قد جفت مشارعه
جم الدراري بعيد القعر تيارُ
فخر المدارس لا يؤتى بمسألة
إلا لها منه قرآنٌ وأخبارُ
زين المجالس مسلاة المجالس عن
همومه وهو بالخيرات أمارُ
خطيب صدق خلت منه منابره
وعندها منه للباقين إنذارُ
قد كان من بركات الأرض إن له
ظلا ظليلا وتجنى منه أثمارُ
أبو الفضائل عبد اللَّه طار له
صيت بعيد وطابت منه أسمارُ
عليه منا سلام اللَّه راح به
منا إليه عشيات وأبكارُ
قم يا خليلي نقم للعلم مأتمه
نبكي عليه فخطب العلم كبارُ
لهفي على سرج الدنيا التي طفئت
ولا يزال لها في الناس أنوارُ
لهفي عليهم رجالا طال ما صبروا
وهكذا طالب العلياء صبارُ
مالوا يمينا عن الدنيا وزهرتها
لأَنَّها في عيون القوم أقذارُ
وصاحبوها بأجساد قلوبهم
طير لها في ظلال العرش أوكارُ
يا صاح دعني أسف الترب حيث وطت
أقدامهم فالهوى العذري عذارُ
هم الذين رعوا للعلم حرمته
للعلم بينهم شأن ومقدارُ
صانوه طاقتهم عما يدنسه