يوفون بالنذر.. أهالي قرية النزلة بقنا يحتفلون بذكرى الخلاص من الكوليرا بموائد الطعام
مع آخر جمعة من شهر نوفمبر من كل عام، نلاحظ حركة ونشاطًا غير عاديين بقرية النزلة ببهجورة، التابعة لمركز نجع حمادي، شمالي محافظة قنا، فالجميع على أهبة الاستعداد في يوم الوفاء بالنذر، في عادة تتجدد تلقائيًا منذ قرابة الـ100 عام تتوارثه الأجيال بالقرية، بعد رحيل مرض الكوليرا والطاعون.
بعد أداة صلاة الجمعة يذهب الرجال لمنازلهم عائدين بصينية بها الطعام المتوفر في المنزل، كاللحوم والأرز والخضار، والفطائر أو الألبان (جبن أو عسل)، وفي تلك اللحظة لا نستطيع أن نميز أي صينية تتبع أي رجل، فجميع الموائد تمتزج ببعضها، والكل يتناول الطعام دون تفرقة بين العائلات والأطفال والفقراء والأغنياء، ففي يوم النذور تختفي كل الانتماءات الاجتماعية.
ويقول محمد أبو طه، أحد أهالي القرية لـ القاهرة 24، إن أهالي قرية النزلة يحتفلون سنويًا في آخر جمعة من شهر نوفمبر من كل عام، أو حسبما يتم الاتفاق بين جميع الأهالي، بتقديم الطعام بساحة القرية أمام المسجد الكبير، الذي يعد أقدم مساجد القرية، للوفاء بنذر آبائهم وأجدادهم، بعد نجاتهم من وباء الكوليرا والطاعون.
علي محمود، أحد شباب القرية، يشير إلى أن أهالي القرية حين أصيبوا بالمرض منذ أكثر من 90 عامًا، كانوا يتضرعون إلى الله لنجاتهم من المرض المهلك، وعلى رأسهم الشيخ محمد أحمد عويس، أحد أبناء القرية، الذي طلب من الأهالي آنذاك التصدق والدعاء إلى الله مستشهدًا بحديث النبي صل الله عليه وسلم: داووا مرضاكم بالصدقة، خاصة أن كل أسرة كانت تودع 4 أو 5 أفراد منها بسبب المرض القاتل.
وأضاف محمود أن أهالي القرية نذروا نذرًا، حال نجاتهم من الوباء، وأنهم سيتصدقون بإخراج الطعام والزكاة، للنجاة من ذلك المرض الفتاك وهذا الوباء الذي حل على جميع البلدان، مؤكدا أن الاحتفال يتكرر سنويًا في الموعد نفسه، آخر جمعة من شهر نوفمبر، وأحيانًا توافق أول ديسمبر، ويتم تقديم موائد الطعام من كل منزل أمام المسجد الكبير وفاءً للنذر.
ويحرص أهالي قرية النزلة على اصطحاب الأطفال، ودعوة جميع الأهالي بالقرية والقرى والنجوع المجاورة، لمشاركتهم تلك المأدبة، بهدف ترسيخ تلك العادة في الأطفال ليداوموا شكر الله على نعمته بعد إفلاتهم من الموت بسبب الطاعون، والحفاظ عليها في المستقبل.