ذكا الأعور والي العباسيين الأخير أمام مطامع الفاطميين.. من يفوز؟
تمر اليوم ذكرى دخول ذكا الأعور، القائد العسكري والوالي العباسي الأخير إلى أرض مصر، لمنع دخول الفاطميين البلاد، وإعادة الاستقرار للبلاد مرة أخرى، وذلك في 9 ديسمبر من عام 914.
وشهدت مصر بعد سقوط الدولة الطولونية حالة من عدم الاستقرار، وزادت أعمال القمع والنهب في البلاد، وقام المصريون بالعديد من الحركات الاحتجاجية على تلك الأوضاع المقيتة، وخلال فترة قليلة؛ تبدّل على مصر عدد كبير من الولاة، وذلك لصعوبة المهمة التي يواجهونها، وزادت تلك الصعوبة من محاولات الفاطميين المستمرة لدخول مصر بكافة الطرق.
وفي تلك الأوقات، استطاع الفاطميون السيطرة على العديد من المناطق الإفريقية، مثل طرابلس؛ التي أخضعوا أهلها تحت سيطرتهم، وفي المغرب الأقصى دارت العديد من المناوشات والعثرات؛ التي انتهت إلى محاربة الفاطميين لهم، كما أخضعوا سجلماسة، ونهبوا كل ما فيها.
واتجه الفاطميون إلى صقلية، ليضمنوا سيطرتهم على البحر، وكان أهل صقلية ملتفون حول أمير يدعى محمد بن أحمد زيادة الله بن قرهب، وشكّل هذا الأمير في وجه الفاطميين عثرة وجدار عالي في وجوههم، وشن عليهم العديد من الغارات الكبيرة، ودمّر لهم الأسطول بأكمله في إحداها.
عمل الفاطميون على السيطرة على طرق التجارة الرئيسية، لذا كانت جميع أهدافها تمثل أهمية وقيمة كبرى؛ أخضعوا لهم في سبيل امتلاك البحر والسيطرة على الحركة فيه على تلمسان، وفاس، وغيرهم من الموانئ المطلة على المتوسط، لكن كانت البقعة الأهم في كل تلك المخططات والأحلام الفاطمية، هي مصر، همزة الوصل بين حركات التجارة العالمية، كما أنها بوابة إفريقيا، وخط دفاعها الأول، إضافة إلى الموارد المادية الكبيرة.
معارك كبيرة ومحاولات تزداد إصرارا وقوة
هاجم الفاطميون مصر في محاولات متكررة مستمرة ومتتالية، وانقضوا على الإسكندرية من البر والبحر، وكادوا يحتلون المدينة، لكن الحملة فشلت فشلًا ذريعًا في بدايات القرن الرابع الهجري، لما قامت به الدولة العباسية من إرسال الجيوش خلف بعضها، وعاونهم المصريين أيضًا لردع الهجوم الفاطمي.
وقاوم الفاطميون العديد من القادة وعلى رأسهم القاسم بن سيما وأحمد بن كيغلغ، ومؤنس الخادم، وختامهم كان ذكا الأعور، والذي عمل بعد مجيئه على رصد عيون الفاطميين والمواليين لهم في البلاد، لكن لم يمر بضع أعوام، حتى عاود الفاطميين الكرة وبشكل أكبر وأكثر تنظيمًا، بعد أن سيطروا على صقلية، وأصبح أسطولهم البحري أقوى وأفضل، لتدور العديد من المعارك الكبيرة؛ انتصر فيها العباسيين بشق الأنفس، وكان ذلك في الفترة بين 914 و915.
وخلال إحدى الغارات التي قام بها الفاطميون، خرج ذكا الأعور لقتالهم؛ وأثناء المعارك، كان المرض اشتد عليه، وقبل وصول المدد له، كان قد توفي متأثرًا بمرضه في عام 919، وخلال عهده لم يستطع الفاطميين دخول مصر بأي شكل رغم محاولتهم الكبيرة والمستمرة.