كيف وجّه السيسي اهتمام المصريين البسطاء إلى حضارة مصر العظيمة؟
يوم السبت، الثالث من إبريل 2021، تزينت القاهرة بأبهى حلة، لاستقبال الاحتفال الكبير، الذي نظمته الدولة المصرية برئاسة السيد عبد الفتاح السيسي، وشَهِده العالم بأسْرِه، وانبهر به الجميع، وأثنى عليه المؤتلِف والمختلِف، وهو موكب المومياوات الملكية المصرية.
هذا الموكب الذي ضم 22 مومياء لأشهر الملوك المصريين عبر التاريخ، حيث غادروا المتحف المصري بالتحرير، متجهين إلى المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، في موكب مهيب، يُعبر عن مدى احترامنا واهتمامنا وإجلالنا، للأجداد العظام، الذين تركوا لنا وللإنسانية، الحضارة، والتمدن، والعلم.
تحدثت جميع الصحف والفضائيات العالمية الكبرى عن هذا الحدث العظيم، والذي أخرجته مصر في أبهى صورة ممكنة، مشاهد متكاملة الأركان، ونسبة إبداع 100%، امتدح الجميع الحكومة المصرية، ورئيس الدولة عبد الفتاح السيسي على هذه الصورة البديعة النادرة.
لكن يظل الأمر اللافت للنظر، والجدير بالاحتفاء والتقدير، استقبال المواطنين البسطاء، المصريين، أصحاب القلوب المُنيرة، والعقول الواعية بأهمية تلك الحضارة، وبعظمة ما خلفه لهم الأجداد، رأينا خلال هذا الحفل العديد من المشاهد التي لم نكن نظن حقيقة وجودها، تلك التجمعات التي كانت في كواليس الحفل، والتي لم تظهر خلال البث المباشر، لكن وثقتها أعين الحاضرين.
رأينا أُسرا بأكملها، من الجد إلى الحفيد، تقف في شرفات البيوت، حاملين الأعلام، تزين وجوههم الضحكات والابتسامات، وتنثُر أعينهم نظرات الفخر والانبهار، رأينا الشباب، بمختلف أعمارهم وثقافاتهم، يملؤون الشوارع التي مر بها موكب المومياوات المهيب، تتسابق جباههم من أجل الصعود بضع سنتيمترات أعلى لرؤية العربات الملكية.
لم يقف اهتمام جموع المصرين عند تلك النقطة، ورأينا مواطنين عاديين، يمتدحون الفقرات الموسيقية، وخاصة المقطوعة الجنائزية التي غُنت باللغة المصرية القديمة، على الأنغامِ الموسيقية الكلاسيكية، وانفعل الجميع مع المؤدية المصرية العالمية أميرة سالم، وعازف الكمان الماهر أحمد منيب، وعازفة الطبول المتمكنة رضوى البحيري، والموسيقار نادر عباسي.
عمل دؤوب وجهد مشهود للدولة المصرية
الاهتمام الكبير الذي أظهره المصريين بهذا الحدث، بالطبع لم يكن وليد اللحظة، ولم يتوقف بعد انتهاء الحفل، هناك الكثير من العوامل، والعمل، اهتمام كامل من الحكومة، وتوجيه الدعم الكبير، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية، جذب انتباه المصريين العديد من المشاريع والاكتشافات، التي جرت على قدم وساق، وما زالت مستمرة، وعلى رأسها بالطبع المتحف المصري الكبير، الذي صُمم ليكون الأكبر في العالم ويضم داخله قطع أثرية فريدة ونادرة، بعدد قطع معروضة تتجاوز الـ 100 ألف قطعة أثرية، ومن المتوقع أن يفتح أبوابه للزوار في مطلع عام 2022.
افتتحت الحكومة أيضا العديد من المتاحف، وعملت على تجديد وترميم العديد منها في جميع أنحاء الجمهورية، ويأتي في قمة المتاحف المُرممة، متحف الفن الإسلامي، والذي عاد بـ حلة أجمل من السابقة، بعد أن قامت الجماعات الإرهابية بتفجير واجهته، مما تسبب في تدمير الكثير من القطع المعروضة بالداخل، وافتتاح متحف الزعيم جمال عبد الناصر 2016، وهو مقر سكن الزعيم الراحل، وافتتاح متحف ملوي، والذي تعرض للتدمير والسرقة من قبل أتباع جماعة الإخوان الإرهابية عام 2013 عقب عزل مرسي.
كما افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي متحف مطروح الهام، الذي يضم مجموعة نادرة ومتميزة من المعروضات، وتطوير متحف تل بسطة الواقع بالزقازيق، محافظة الشرقية 2018، الذي يضم بداخله قطع أثرية نادرة، شاهدة على عصر متميز من عصور الدولة المصرية، إضافة إلى متحف شرم الشيخ، ومتحف المركبات الملكية، وغيرهم.
أرض من الإبهار لا تنضب
بشغف لافت تابع المصريين أخبار الاكتشافات الأثرية المتوالية، وبحب عظيم، تعاونت جميع مؤسسات الدولة لإخراج تلك الصور الجميلة الصافية، وخلال السنوات القليلة السابقة، كشفت الحكومة مجموعة، من أهم ما عثر عليه خلال القرن الحالي، ومنها كشف سقارة العملاق 2020، الذي ضم أكثر من 80 تابوت، معظمهم في حالة مبهرة، من الألوان والجودة، وتم عقد مؤتمر صحفي عالمي وقتها، وعرض أمام الصحفيين والمراسلين الذين أتوا من جميع أنحاء العالم، 59 تابوت أثري.
في أواخر عام 2018، تم الكشف واحدة من أجول المقابر الفرعونية على الإطلاق، وهي مقبرة واح تي، والتي يقدر عمرها بأكثر من 4400 عام، احتفظت بحلتها البديعة، وألوانها الزاهية، ومنحوتاتها الفريدة، والتي لم تمس قط قبل هذا الكشف.
مسك البدايات فاح في الخواتيم
مرت أيام قليلة على الحدث الفريد، افتتاح الدولة المصرية برئاسة السيد عبد الفتاح السيسي طريق الكباش التاريخي، بحفل عملاق، لا يقل عن موكب المومياوات المبهر، هذا الطريق الذي يمتد مسافة تقدر بـ 2700 متر، ولأول مرة يعود هذا الممشى البديع، المشيد من 3500 عام، ليصل بين معبد الكرنك ومعبد الأقصر، وتتزين جوانبه بـ 1057 تمثال لأبو الهول وتماثيل الكباش.
أنشئ طريق الكباش في عهد الملك نختبو الأول، مؤسس الأسرة الـ 30، ويعد أشهر ما شهده هذا الطريق، عيد الأوبت القديم، الذي احتفل به المصريين قبل 2000 عام، بمناسبة بداية العام، ومن هذا العيد، استمدت الدولة المصرية، طابع الحفل الكبير الذي تابعه العالم بشغف، واصطفت جميع أطياف الشعب المصري أمام التلفاز تشاهد، وتتباهى، وتفتخر بتاريخ مصر، الذي عاد من جديد، ليتربع في قلب كل مصري ومصرية.