عقوبات رادعة وضرائب باهظة.. العزوبية بين ميزان المجتمعات وسلوك رجال الدين
فإذا أنت لم تملك وشيكَ فراقها.. فعفّ ولا تنكح عوانًا ولا بكرا.. نمر اليوم باليوم العالمي للعزاب، والذي يوافق 11 - 11 من كل عام، وتم اختيار هذا اليوم تحديدًا، للتعبير عن الوحدة التي يعاني منها العازب بشكل رمزي، حيث نجد التاريخ مكون من رقم 1، مكرر أربع مرات.
تم إطلاق هذا اليوم للمرة الأولى في عام 1993، بجامعة نانجينج الصينية، ومنها انتقل هذا الاحتفال إلى كافة أرجاء الصين، ثم عرفه العالم بعد ذلك، وأصبح معظم عزاب العالم يعرفون هذا اليوم، مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يحتفي روادها اليوم بتلك المناسبة، بشكل ساخر، عن طريق نشر الكوميكس، والفيديوهات، ومشاركة قصصهم وتجاربهم مع الارتباط، وقصص الحب التي لم تنتهي بنجاح.
للعزوبية فلسفة خاصة، وللعازب رأيه وحاله الذي يعيشه، فمنهم من اختار أن يكون عازبًا بمحض الإرادة، ومنهم من أجبرته الظروف على اختلافها، بعضٌ من اختار العزوبية، هم ممن مروا بتجارب سيئة، جعلت صورة الارتباط، والحب، والزواج، مشوشة، ومشوهة لديهم، وبعضهم يخشى الإنجاب، وتقلقه فكرة أن يكون سببًا في إحضار أحدهم للعالم، وتنتشر العزوبية بشكل ملحوظ في جميع أنحاء العالم، فهي ليست مشكلة بلد بعينها.
أن تكون عازبًا.. يعني أنك في ورطة
لكن تاريخيًا لم يتم التعامل مع العزاب بالصورة الموجودة الآن، بل كانوا دائمًا موضعًا للشك، من قبل الحكومة، والمجتمع المحيط بهم، لذا نجد الكثير من القوانين التي أصدرت خاصة لهم، والتي تسند لهم عدة أدوار، وأمور لا تعطى لغيرهم، من أجل جعلهم دائمًا تحت الأنظار، والرقابة اللصيقة.
في مطلع القرن العشرين، اقترح نائبًا بمجلس الشيوخ الأمريكي، مشروعًا لقانون، يجعل به الزواج إجباريًا لمن تجاوز عمره الـ 25 عامًا، ومن لا يتزوج بعد هذه السن، يحاكم، ويعاقب بالسجن، وفي عام 1920، أصدرت الحكومة الفرنسية قانونًا لجمع ضرائب من العزاب، والمُطلقين، ممن تجاوزت أعمارهم الـ 30 عام، تقدر بـ 25% على الدخل.
كما عومل العزاب باحتقار شديد من قبل سكان مدينة سبرطة اليونانية، وكانوا يحرمون عليهم حضور الاحتفالات العامة، ويجازون بالعديد من الجزاءات الرادعة، إذا خالفوا القواعد الموضوعة لهم، منها جعلهم يطوفون دون ملابس في الشوارع، أوقات اشتداد البرد، وضربهم بالسياط، وينسب إلى أفلاطون، أنه نادى بإجبار من لا يتزوج على دفع غرامات مالية، حتى يفكر بشكل أكثر جدية في الزواج.
أُجبر العزاب في القرون الوسطى، على دفع غرامات، أقرها عليهم لويس الرابع عشر عام 1666، وعمد نابليون بونابرت على تجنيدهم بشكل إجباري، قبل المتزوجين، وأعطى الأولوية لهم، للدفع بهم في مقدمة المعارك.
العزوبية.. طريق رجال الدين المستقيم
على الجانب الديني، كانت العزوبية هي طريق الزهد، والتعبد، وترك متاع الحياة من أجل العبادة، فنجد في الإسلام الكثير من الشخصيات المؤثرة، ممن تركوا طريق الزواج، واكتفوا بالانقطاع للعبادة، ولعل أشهرهم، السيد أحمد البدوي، والذي لم يتزوج في حياته قط، رغم ما كان معروف عنه بالوسامة، والجمال، خَلقا وخُلقا، وأيضًا الإمام النووي، والذي يعد أحد أعلام المذهب الشافعي، ومن كبار علماء المسلمين، لم يتزوج طيلة حياته.
يعد الإمام أبي حامد الغزالي، إمام علم الكلام، وأحد أعلام الأشاعرة الكبار، أيضًا من أشهر العزاب في التاريخ الإسلامي، ويقول البعض بأنه كان لا يحب النساء قط، وينسب إليه أنه وضع تصنيفات عشرة في النساء، وتلك التصنيفات جاءت بأنواع الحيوان، منها القرد، والحية، والعقرب، والثعلب.
وهناك من الأديان التي استحب كهانها، العزوبية، والامتناع عن الزواج، ومنهم طائفة عند الرومان، كانت لا تقبل إلا العزاب، وكانوا يعرفون بعذارى فستال، وفي البوذية، كان الأصل في الكاهن أن يكون عازبًا، وعند اليهود كان الأمر أخف قليلا، فكانت العزوبية، تكون في أوقات معينة في العام، وفي المسيحية، تشترط العزوبية في بعض الأحيان، كما أوصى بولس الرسول، وغيرهم من الطوائف والأديان الأخرى، التي رأت من الزواج، أمرا يشغل الإنسان عن العبادة، ويلهيه عن رسالته وواجباته الدنيوية.
