غليان ودعوات إلى مليونية.. هل يُجري السودان انتخابات مبكرة لاحتواء اشتعال الشارع؟
على مدار الأيام الماضية، جاب عشرات الآلاف من السودانيين شوارع الخرطوم وباقي الولايات للدعوة لمليونية جديدة غدا الأحد، للتظاهر ضد قرارات رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وكذلك الاتفاق الأخير بينه وبين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وتطالب القوى الشعبية السودانية بإرساء الحكم المدني الديمقراطي وخروج العسكريين من المشهد، خاصة بعد قرارات البرهان في 25 أكتوبر الماضي والتي بموجبها أقال رئيس الحكومة واعتقل مسؤولين آخرين لكن بعد الضغط الشعبي تراجع عن هذه القرارات.
وعلى الرغم من عودة حمدوك لرئاسة الوزراء وعمله على تشكيل حكومة تكنوقراط فإن الشارع السوداني لم يهدأ وتستمر الدعوات لمليونية 18 ديسمبر، فهل يُمكن أن يذهب السودان إلى انتخابات مبكرة؟
أسمهان إسماعيل، باحثة سودانية في جامعة الخرطوم، قالت إنه من الحقائق التي لا جدل حولها حقيقة راسخة ألا وهي لا ديمقراطية بلا أحزاب سياسية، مضيفا أن الأحزاب هي أساس الحكم المدني الديمقراطي ولكي يرسخ الحكم الديمقراطي تصبح ممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب شرطا وضرورة لا غنى عنه وهذا ما تفتقر إليه الأحزاب السودانية جميعا دون استثناء.
وأوضحت لـ القاهرة 24، أن الأحزاب السودانية تفتقر لممارسة الديمقراطية السليمة في حد ذاتها مهما تذرعت بممارسة شكليات وإكليشيهات شبه ديمقراطية تدّعي ممارستها، وهي في حقيقة الأمر ممارسات منقوصة ومشوهة لمفهوم الديمقراطية.
وأشارت إلى أن الأحزاب السودانية تحاول الهروب إلى الأمام لتنادي بتطبيق الديمقراطية على مستوى حكم الدولة وتتجاهل تطبيق الديمقراطية على نفسها في تناقض واضح مع مرامي الديمقراطية، وهذا ما يفسر تجذر الصراعات والخلافات السياسية على المستوى الحزبي أولا وعلى مستوى تجارب العمل اليومي في المسرح السياسي السوداني، ولذلك طيلة الفترة منذ الإطاحة بنظام البشير وحتى زماننا المشهود ظلت قيادات الأحزاب السودانية تهرب للأمام عند المناداة بضرورة إجراء انتخابات عاجلة في السودان لحسم الخلافات السياسية.
وأرجعت أسمهان السبب في ذلك إلى أن هذه الأحزاب في حد ذاتها لم تمارس الفعل والقيم الديمقراطية داخلها كما تحدث الممارسات الديمقراطية في الدول الغربية، مشيرة إلى أن على الدول ذات المصالح في السودان ضرورة الدفع نحو إجراء انتخابات في السودان مهما تذرع الرافضون لذلك بحجة أن الانتخابات ستأتي بنسخة جديدة من النظام البائد.
وشددت على أن التغيير الذي شهده السودان منذ ديسمبر 2018 وما أعقبه من ممارسات الأحزاب للحكم بذريعة الارتكاز على التفويض الثوري قد أثبت عمليا سير السودان في مسار غير ديمقراطي في استمراره تقويض مبتغى التغيير الذي شهده السودان بعد حكم البشير، لأن المخرجات اليومية لممارسة الحكم والشعارات المرفوعة ونتائج المسيرات والتظاهرات لم تخالف شعارات ثورة ديسمبر المجيدة فحسب، بل ألقت بمزيد من التشكيك حول ممارسة الديمقراطية نفسها.
وأكدت تعاظم أهمية إجراء الانتخابات في السودان بأعجل ما تيسر وهذا ما أدركه الفاعلون من أفراد المجتمع الدولي دولا وجماعات وطنية لإدراكهم ضرورة إعادة السودان للمسار الديمقراطي بوضع ثقلهم وتأييدهم لاتفاق البرهان-حمدوك والمناداة بضرورة إجراء الانتخابات في السودان كشرط ضروري لتفعيل المسار الديمقراطي وتحقيق الحكم المدني.
واختتمت بتأكيدها أنه مع مؤشرات الوضع في السودان تتعاظم الفرص أمام إجراء انتخابات مبكرة في السودان تحت رعاية المجتمع الدولي.
بينما أكد محمد عزالدين رئيس مؤسسة النيل للدراسات الإفريقية والاستراتيجية أن التيارات الموجودة بالشارع السوداني لا تمثل كل الطوائف السياسية وليست جمعية، مؤكدا أن هناك تيارات مؤيدة للاتفاق.
وأشار لـ القاهرة 24، إلى أنه من المتوقع أن يمضي الاتفاق بين حمدوك والبرهان قدما وينجح ويتم ترضية الشارع بطريقة أو بأخرى.
وفي السياق ذاته، قال تجمع المهنيين السوداني عبر حسابه الرسمي على تويتر اليوم إن هزيمة الانقلاب -حسب وصفه- ليست طريقًا لعودة المشهد إلى ما قبله، بل لخلق سلطة الشعب النابعة من قلب القوى الثورية المؤمنة بأهداف التغيير الجذري وغاياته، سلطة التحالف القاعدي الواسع الملتزم بغايات التغيير العميق والشامل، تحالف ديسمبر المجيد.