مفتي الجمهورية السابق يتحدث عن جزاء الصبر: فيه مطلق الخير
تحدث الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية السابق، حول فضل الصبر عند حلول البلايا والمصائب.
ولفت مفتي الجمهورية السابق، إلى أن الله سبحانه وتعالى، أمرنا بالصبر عند نزول البلاء؛ مشيرا إلى قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
وبيّن رئيس اللحنة الدينة بمجلس النواب، خلال منشور له بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن رتب الفلاح على الامتثال للأمر بالصبر والمصابرة، لافتا إلى أنه أخبر بأن الصبر خير لنا، مشيرا إلى قوله تعالى: (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، معقبًا: ويأمرنا سبحانه عند لقاء العدو بالصبر إذ يقول حكاية عن عبادة المؤمنين: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)، وجعل الله الصابرين في معيته سبحانه فيقول: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
وأردف الدكتور علي جمعة خلال منشوره: وعن مطلق الخيرية في الصبر قال رسول الله ﷺ: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له».
علي جمعة يبين أنواع الصبر وتقسيماته
وعن أنواع الصبر وتقسيماته، أشار الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إلى قول الماوردي الشافعي: واعلم أن الصبر على ستة أقسام: فأول أقسامه وأولاها: الصبر على امتثال ما أمر الله تعالى به والانتهاء عما نهى الله عنه؛ لأن به تخلص الطاعة وبها يصح الدين وتؤدى الفروض ويستحق الثواب كما قال في محكم الكتاب: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب).
وأكمل: والقسم الثاني: الصبر على ما تقتضيه أوقاته من رزية قد أجهده الحزن عليها، أو حادثة قد كده الهم بها ؛فإن الصبر عليها يعقبه الراحة منها ويكسبه المثوبة عنها، وبذلك يكون قد صبر طائعًا وإلا احتمل هما لازما وصبر كارها آثما وهو ما حذر منه النبي ﷺ فقال: يقول الله تعالى: «من لم يرض بقضائي ويصبر على بلائي فليختر ربا سواي».
واستطرد: القسم الثالث: الصبر على ما فات إدراكه من رغبة مرجوة وأعوز نيله من مسرة مأمولة ؛فإن الصبر عنها يعقب السلو منها والأسف بعد اليأس خرق، روي عن النبي ﷺ أنه قال: «من أعطي فشكر ومنع فصبر وظلم فغفر وظلم فاستغفر فأولئك لهم الأمن وهم مهتدون»، وقال بعض الحكماء: اجعل ما طبته من الدنيا فلم تنله مثل ما لا يخطر ببالك فلم تقله.
وعن القسم الرابع، قال الدكتور علي جمعة: الصبر فيما يخشى حدوثه من رهبة يخافها، أو يحذر حوله من نكبة يخشاها، فلا يتعجل هم ما لم يأت فإن أكثر الهموم كاذبة، وإن الأغلب من الخوف مدفوع، قال الحسن البصري رحمة الله: لا تحملن على يومك هم غدك فحسب كل يوم همه.
وواصل: القسم الخامس: الصبر فيما يتوقعه من رغبة يرجوها وينتظر من نعمة يأملها ؛ فإنه إن أدهشه التوقع لها وأذهله التطلع إليها انسدت عليه سبل المطالب، واستفزه تسويل المطامع، فكان أبعد لرجائه وأعظم لبلائه، وإذا كان مع الرغبة وقورا، وعند الطلب صبورا ؛ انجلت عنه عماية الدهش، وانجابت عنه حيرة الوله، فأبصر رشده وعرف قصده لذلك قال النبي ﷺ: «الصبر ضياء»، يعني والله أْعلم أنه يكشف ظلم الحيرة ويوضح حقائق الأمور.
واختتم: القسم السادس: الصبر على ما نزل من مكروه أو حل من أمر مخوف، فبالصبر في هذا تنفتح وجوه الآراء وتستدفع مكائد الأعداء ؛فإن من قل صبره عزب رأيه واشتد جزعه، فصار صريع همومه وفريسة غمومه ولذلك أمر الله تعالى بالصبر في الشدائد فقال سبحانه: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).