العراق يترقب قرار القضاء في الطعون الانتخابية.. فهل يهدأ الشارع وتتشكل حكومة جديدة؟
بالرغم من مرور قرابة الشهرين على إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية المبكرة، وما شهدته نتائج تلك الانتخابات من احتجاجات واعتراضات من القوى السياسية الخاسرة، لا يزال المشهد السياسي العراقي أكثر ضبابية، حاملا معه سيناريوهات عديدة ستحدد ملامح المرحلة المقبلة.
وفق مراقبون، فقد كشف الجدل المستمر على نتائج تلك الانتخابات، وعناد الأحزاب السياسية، حالة الفرقة والتخبط السياسي، ورسمت مساحة واسعة من المواقف المتباينة لغالبية الكتل السياسية، أبرزها الكتل المسلحة.
الدكتور عمر عبد الستار، خبير العلاقات الدولية العراقي، نفى لـ القاهرة 24، انطلاق مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة بالعراق، قائلا إن تشكيل الحكومة يبدأ بعد اختيار رئيس الوزراء، وهذا لم يحدث إلا بعد اختيار رئيس الجمهورية، وكذلك اختيار رئيس مجلس النواب، وانعقاد أول جلسة برلمانية، بعد دعوة رئاسية للانعقاد، وبالتالي كل هذا يحدث بعد تصديق المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات.
وأضاف السياسي العراقي: غدا تنظر المحكمة الاتحادية في الطعون الانتخابية التي رفعتها الجهات الخاسرة في الانتخابات الأخيرة، لذلك فالشارع العراقي سينتظر غدا الأحد، قرار المحكمة حول تلك الطعون، هل ستصادق على تلك النتائج؟، أم أنها ستطلب فرز وعد الأصوات من جديد؟.
تغيرات إقليمية
وتابع عبد الستار: ما يجري الآن في المشهد العراقي، هي مشاورات بين الكتل السياسية، في إطار تنسيقي شيعي يقوده نوري المالكي، فالرجل يتحرك الآن على الأطراف الموجودة، مثلما يتحرك مقتدى الصدر أيضا على تلك الأطراف، لكن وبكل تأكيد فلا يوجد إلى الآن أي اتفاق حول الكتلة الأكبر، بسبب أن الخلافات لا تزال موجودة، لكن يبدو الأمر مرتبط بالتغيرات الإقليمية الحاصلة الآن، ومن ثم نعتقد أن المحكمة الاتحادية لن تصادق على نتائج الانتخابات هذا العام.
وتابع خبير العلاقات الدولية: هناك تحركات إيرانية تؤكد أن طهران قد تصنع ثنائي شيعي بين الصدر والمالكي، وثنائي آخر سني بين محمد الحلبوسي وخميس الخنجر، لكن الجملة المهمة في كل ما يجري هي كلمة مسعود البرزاني، فالرجل سيكون مع من؟ هذا هو الأهم الآن، فالكتلة السنية والشيعية الآن تبحث كيفية التعامل مع المعادلة الجديدة، تحديدا بعد التغيرات التي حدثت مع نتيجة الانتخابات، بموجبه خسرت به جماعة السلاح السياسي، والذي قد يغير معادلة القوة، وبالتالي هؤلاء يريدون الآن صناعة أي برنامج يمنحهم التواجد مع الحكومة، فهل سينجحون أم لا، هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.
تقارب إيران والسعودية
وأكمل السياسي العراقي حديثه، أن الإشكال الأكبر الموجود الآن، هو تغيير مهمة القوات من قتالية إلى استشارية، تحالف الخاسرين لا يريد استشاريين ولا يريد مقاتلين، وهذا يتعارض مع العلاقات ما بين الدول، ومن ثم فهذا إشكال قد يضع المليشيات في الفترة القادمة أمام تحديات صعبة، خاصة في ظل أن إيران الآن أولوياتها لم تعد كما كانت سابقا، ربما الآن تسعى وتحرص على علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية، الأمر الذي قد يعق المليشيات المسلحة عن أداء أدوار معينة في العراق.
في السياق، قال المحلل السياسي العراقي، أياد العناز، إن الانتخابات العراقية الأخيرة التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، أعطت صورة واضحة لحقيقة المشهد السياسي العراقي والصراعات بين أحزاب السلطة الحاكمة، وعدم وجود رؤية واقعية لكيفية إدارة شؤون الحكومة القادمة وتحديد آفاقها المستقبلية وعناوينها البارزة.
صراعات سياسية
وأوضح العناز في تصريحات صحفية، أن الصراعات السياسية داخل العراق، انعكست سلبا على طبيعة المواقف الميدانية والرؤى السياسية للأحزاب والكتل المشاركة في الانتخابات، ورسمت مساحة واسعة من التناقضات والمواقف المتباينة بين الجميع.
في سياق متصل، كانت انطلقت جولة مشاورات جديدة قبل أيام، بهدف تشكيل الحكومة المقبلة، وسط ترقب من الأوساط السياسية، للقرار النهائي بشأن الدعوى المرفوعة من تحالف الفتح، والتي يطالب فيها بإلغاء نتائج الانتخابات، بسبب خسارته المدوّية، حيث أجلت المحكمة الاتحادية النطق بالقرار النهائي لتلك الدعوى إلى جلسة غدا الأحد.
وعلى وقع ذلك، بدأت الكتل السياسية العراقية، زيارات متبادلة، بهدف المشاورات حيال تشكيل الحكومة المقبلة، حيث زار وفد من الإطار التنسيقي، إقليم كردستان العراق، للقاء زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني.
ورقة الأكراد
ووفق تقارير دولية، فقد ذكر بيان للحزب أن الرئيس مسعود بارزاني رحب بوفد رفيع المستوى بقيادة نوري المالكي في مصيف صلاح الدين، حيث ناقش الاجتماع نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر الماضي، والتطورات الأخيرة في العملية السياسية العراقية".
وأكد الاجتماع ضرورة مراجعة الحكم في العراق، والاستفادة من التجارب السابقة، والنظر في مبادئ الشراكة، والتسوية والتوازن في عملية الحكم.
تصعيد ميداني
على صعيد آخر، لم تتمكن القوى الخاسرة من الحصول على مرادها عبر التصعيد الميداني، والتظاهرات التي تضاءلت بشكل كبير، خلال الفترة الماضية، مما اضطرها إلى اللجوء للقضاء، والضغط بهذا المسار، ما يعني تأجيل المصادقة على النتائج، لكن مصادر صحفية تتحدث عن قرب المصادقة النهائية على النتائج، خاصة أن الأدلة المقدمة بشأن التلاعب أو التزوير لا تدعم اتخاذ قرار كبير مثل إلغاء نتائج الانتخابات.
وتعد الدعوى القضائية آخر فصول أزمة الانتخابات في العراق، بعد انتهاء العد والفرز اليدوي، والبت في الطعون التي قُدمت إلى الهيئة القضائية، وأدت إلى تغييرات طفيفة، في خمسة مقاعد فقط.
وأفرزت الساحة السياسية في العراق، عقب الانتخابات النيابية التي أجريت في العاشر من أكتوبر الماضي، ثنائيات مكوناتية داخل الطائفة الواحدة، حيث أدت إلى بروز قوى الإطار التنسيقي والتيار الصدري داخل الكتل الشيعية، وبروز تحالفي تقدم والعزم في الكتل السنية، بالإضافة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني فيما يتعلق بإقليم كردستان.
ومنذ سنوات، لم يهدأ العراق، والتي شهدت أراضيه مئات الاحتجاجات، والتي خلفت المئات من القتلى والجرحى، اعتراضا على المعيشة تارة، وأخرى على المصالح والمطامع السياسية، والانقسام الحزبي.