هل حاول الملك فاروق اغتيال الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس؟
إحسان عبد القدوس، الروائي والقاص والمفكر المصري الكبير، أحد أعلام الأدب العربي في تاريخه الحديث، والذي رحل عن عالمنا في مثل تلك الأيام وشيعت جنازته بحضور القامات الثقافية والسياسية المصرية في 12 يناير من العام 1990، كتب إحسان عبد القدوس خلال حياته ما يقرب من 5000 قصة ورواية.
اشتهر إحسان عبد القدوس خلال رحلته الأدبية الكبيرة، بجراءته ودخوله مناطق محظورة وجديدة، مثل الحديث عن علاقات الحب والغرام، ومناقشة قضايا سياسية كبيرة، حتى أنه تعرض للاغتيال العديد من المرات، أحدهما دبرها له الملك فاروق، والأخرى ابن عمه، بسبب معركة الأسلحة الفاسدة، في خرب 1948.
المحاولة الأولى كانت عندما هجم رجل على إحسان عبد القدوس، وكان يحمل سكينا انهال بها على إحسان، قاصدا قتله، واستطاع طعنه العديد من الطعنات التي أسقطته أرضا غارقا في دمه، توجه به أصدقاؤه وقتها إلى مبنى الإسعاف، وتم علاجه وخياطة الجروح، وقال إحسان أثناء تحقيقات النيابة، إن تلك الجريمة لها أبعاد سياسية، بسبب ما يكتبه في روز اليوسف.
بعد ثورة 1952، أعيد التحقيق في تلك الحادثة، والذي أدى إلى اعتراف الجاني بتحريض ابن عم الملك فاروق على قتل إحسان عبد القدوس، حيث كان النبيل عباس حليم أحد المتهمين في قضية الأسلحة الفاسدة.
المحاولة الثانية كانت عندما شغل إحسان عبد القدوس منصب رئيس قسم التحقيقات بجريدة الزمان، ووقتها كان هناك خبر عن نسف بيت مصطفى النحاس، فنزل من بيته ليتابع القضية، وعند وصوله تجمع حوله أنصار الوفد، محاولين الاعتداء عليه، بسبب أنه من الكتاب الذين يهاجمون الوفد.
فاروق يخطط لاغتيال إحسان عبد القدوس
والمحاولة التي دبرها الملك فاروق شخصيا، كانت بعد أن عزلته الثورة عن حكم مصر، وكان فاروق يتواجد وقتها في منفاه، وفي عام 1953، أرسل مجلس قيادة الثورة إحسان عبد القدوس ليكون ممثلا للصحافة المصرية في مؤتمر رؤساء تحرير الصحف في كان، وقابل هناك أمين فهيم سكرتير الملك فاروق، الذي كان يعيش على شاطئ الريفيرا.
كان الملك فاروق ينشر مذكراته على هيئة حلقات في الصحف الأجنبية، وكانت تلك المقالات تحوي هجوما ضاريا على الثورة المصرية ورجالها، وقال إحسان عبد القدوس لسكرتير الملك، أن يخبر فاروق بأن يتوقف عن نشر تلك المذكرات، حتى لا يثير غضب رجال الثورة منه، وفي اليوم التالي، أخبر سكرتير الملك إحسان أن يقابل الملك بنفسه ليقنعه بهذا الكلام.
أعجب إحسان عبد القدوس بالفكرة، وخاصة أنه سيكون الحوار الأول له بعد الثورة، وتحدد الموعد في الرابعة من مساء اليوم التالي، لكنه عند علم زوجته التي كانت ترافقه في تلك الرحلة، عارضت اللقاء بشدة، وقالت أنها تخشى أن يكون فاروق يدبر له مكيدة للتخلص منه وقتله، وبالفعل انصاع لكلام زوجته، وأرسل يعتذر عن المقابلة.
بعد تلك الواقعة بفترة، ترك أمين فهيم عمله مع فاروق، وعاد لمصر، وأخذ ينشر مذكراته في مجلة آخر ساعة، وفي إحدى الحلقات التي نشرها، ذكر أن فاروق كان قدو وضع خطة لاغتيال إحسان عبد القدوس، لولا اعتذاره عن الحضور.