قصة مصرية تعمل طيارًا عن بعد بأمريكا وتضع استراتيجيات مناهج الدراسة: كنت مستحيل أصدق وصولي للنجاح ده
منذ صغرها ترسم شيرين السيد، المصرية بالخارج، طريق أحلامها بنفسها، تجدف به من خلال طموحاتها وثقتها بالله، تغلق عيناها عن التجارب المماثلة غير الناجحة، وتؤكد بقراره نفسها أن الطريق الذي رسمه الرحمن لها لا بد وأن يكون به إشارة ربانية، فكانت الأولى من بين أسرتها التي التحقت بالتعليم الجامعي، وتدرجت سلم أحلامها إلى أن وصلت دكتورة بجامعة كينت ستيت بأمريكا، قائلة:« أما بدأت لو كان حد يقولي اني النهاردة هوصل للي انا فيه دلوقتي كان مستحيل أصدقه».
نشأت الباحثة والدكتورة الجامعية شيرين السيد، بمحافظة البحيرة، وبعد نجاحها بالثانوية العامة، قررت الالتحاق بالجامعة حيث كلية الزراعة، وبالرغم من الجمل السلبية من أسرتها بأنها كلية ليس لها مستقبل للأولاد فكيف سيكون لها مستقبل للبنات؟!، إلا أنها قررت أن تخوض التجربة، مُسترسلة في حديثها مع القاهرة24:«اعتبرتها فرصة جديدة للحصول على شهادة جامعية ولو فشلت فا مكسبي أني هقدر أنقل لأولادي خبرتي».
لسه الأحلام بتبان في عنينا
لم يكن مشوار الجامعة سهلًا على شيرين السيد، الفتاة المقيمة بمركز أبو حمص، فكانت تذهب يوميًا من المركز لدمنهور، قائلة: «كان بالنسبة لي تحدي ومصاريف كمان زيادة عليا وعلى أهلي»، ومع سعيها للنجاح، كان هناك جبر خاطر الاهي بحصولها على المركز الأول بأول عام دراسي لها، لتتجدد طاقة شغفها بباقي السنوات وتتخرج بنجاح وتفوق.
بعد عدم تعيين شيرين بالجامعة أو مركز بحثي نتيجة تفوقها، رأت أنها عادت مرة أخرى لنقطة الصفر، لكنها لم تستسلم، وطرقت باب التقدم للماجستير، وعلى الرغم من رفض أسرتها إلا أنها أقنعتهم بأن يتركوها تخوض التجربة لعل وعسى يكون بها طريق بداية جديد، وأثناء رسالة الماجستير ساق القدر لها طريق منحة للماجستير بأسبانيا وبالتحديد المركز الدولي للدراسات الزراعية المتوسطة، لتواجه تحدي جديد في اقناع أهلها بالسفر للدراسة.
من مركز أبو حمص لبد أوروبية غريبة.. عاشت شيرين السيد الشهور الأولى بإسبانيا بشعور غربة وحشي، فبالرغم من محاولاتها العديد لإقناع أهلها بالسفر إلا أنها تفاجأت بأن الأمر ليس سهلًا كما كانت تتخيل، رادفة: «واجهت صعوبات كتير بس ربنا قدرني وقدرت اتأقلم وبمجرد تعليمي اللغة شعرت بالارتياح خطوة تلو الأخرى.
ست سنوات خاضتهم الباحثة المصرية شيرين السيد بإسبانيا، حصلت خلالهم على رسالة الماجستير ثم الدكتوراه في عام 2014 بمجال الهندسة الزراعية حيث إدارة الري الزراعي بمنحة من المجلس الأعلى للبحوث العلمية في إسبانيا، قائلة: «تجربة إسبانيا كانت ثرية ورائعة وتعلمت منها الكثير».
من أسبانيا إلى أمريكا
تقول شيرين السيد إنها تسعى دومًا في كل الطرق، ففي عام 2016، حصلت شيرين السيد على منحة جمعية الزمالة الأمريكية للنساء الجامعات في أمريكا، لعمل أبحاث مابعد الدكتوراه، حيث شاركت في العديد من المشاريع الزراعية، وكان آخر بحث لها بمثابة فتحة خير، فكان استخدام الطائرات عن بعد دون طيار للزراعة الدقيقة، وهو ما يسمى بالدرونز.
تحكي شيرين السيد، أنه وبعد انتهاء مرحلة ما بعد الدكتوراه بأمريكا، أعطى القدر لها فرصة التدريس بجامعة تكساس قسم الزراعة الحيوية، وبسبب شغفها بتقنية الدرونز الحديثة اقترحت عليهم إضافة مقررات تتحدث عن تكنولوجيا الطائرات بالمجال الزراعي، فحصلت على رخصة طيار عن بعد معتمد من إدارة الطيران الفيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية، وعملت كمحاضر ومدرب للأفراد والشركات الناشئة على استخدامات الدروانز ومساعدتهم في الحصول على رخصة الطيار، رادفة: «نتيجة خبرتي بالتدريس سمحولي اضع برامج تدريبية أخرى تناسب القادمين للتدريب».
أينما زرعك الله أزهر
مع العديد من الأبواب التي طرقتها الباحثة المصرية شيرين السيد، انضمت مؤخرًا إلى جامعة كينت ستيت، وبالتحديد ولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية كمدير وأستاذ مساعد لبرنامج تكنولوجيا البستنة الحديثة حيث تعمل على وضع استراتيجيات لمقررات المناهج الدراسية بما يناسب التطورات التكنولوجية فى هذا المجال، وتدريب المحاضرين على تدريسها، لتخريج شباب بدرجتين علميتين، قادر على منافسة سوق العمل.
ترى شيرين السيد، أن مجال الزراعة مجال مثمر وقوي، وبها مجالات كتير مختلفة ومطلوبة في مختلف دول العالم، قائلة: «نفسي نغير مفهوم ان كلية الزراعة مش مهمة، ولو معندناش ناس مؤهلة المستقبل هيكون في مشاكل كتير محتاجين نستغل قدرات خريجي كلية الزراعة ليستطيعوا إفادة مجتمعهم»، واختتمت شيرين حديثها بجملة «أينما وضعك الله أزهر».