وزير خارجية ليبيا السابق: حكومة باشاغا ستكون الأخيرة في تاريخ البلاد.. ومصر حملت همومنا وطافت بها العالم | حوار
- حكومة باشاغا الانتقالية ستكون الأخيرة في تاريخ ليبيا
- نحتكم إلى صندوق الديمقراطية بدلًا من الذخيرة
- لن نرى حكومتين في البلاد ولن تكون هناك حروب أو صراعات
- تفكيك المليشيات وإنهاؤها يحتاج إلى حوار ومراجعات
- أينما حلّ الرئيس المصري كان الملف الليبي رئيسيًا على طاولة النقاش
- الدور التركي كان سلبيًا في السابق ونشاهد تغييرًا كبيرًا الآن
تعيش ليبيا مرحلة مفصلية من تاريخها وسط مساعٍ محلية ودولية للوصول إلى أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد، بعدما تعذر إجرائها في 24 ديسمبر الماضي؛ ليتجه البرمان الليبي برئاسة المستشار عقيلة صالح، إلى تغيير حكومة الوحدة الليبية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتكليف فتحي باشاغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق السابقة، لتشكيل حكومة جديدة أطلق عليها حكومة الاستقرار، فيما يرفض الدبيبة تسليم السلطة التنفيذية للبلاد.
«القاهرة 24» أجرى حوارًا مع عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية الليبي السابق، للتعرف على كيفية استقبال الحكومة الجديدة من قبل المجتمع الدولي، خاصة أنها جاءت من قبل مجلس النواب الليبي، دون توقيع اتفاقيات خارجية، كما حدث في عديد من الحكومات الانتقالية التي توَّلت زمام الأمور في الساحة الليبية منذ عام 2011.
في حواره أوضح الحويج أبرز المعوقات التي ستواجه حكومة الاستقرار الليبية للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يأملها الليبيون منذ 11 عامًا، ومصير حكومة الدبيبة، ويوضح الدور المصري على الصعيدين الدبلوماسي والرئاسي لإنهاء الأزمة في ليبيا.
وإلى نص الحوار..
في البداية.. البرلمان انتخب رئيس حكومة جديدة.. هل نشهد حكومتين في الشرق والغرب مع رفض الدبيبة تسليم السلطة؟
لن نرى حكومتينِ في البلاد، ولن تكون هناك حروب أو صراعات، خاصة أنه لأول مرة نرى حكومة تتولى شؤون البلاد بصناعة ليبية خالصة، وتتولى رئاستها قيادة ليبية خاضعة للإرادة الليبية، وناتجة عن حوار ليبي ليبي، كما أعتقد أنها ستكون من أنجح الحكومات؛ لأنها جاءت بإرادة ليبية دون أي تدخل خارجي.
كيف سيتعامل الليبيون مع حكومة الدبيبة الذي يرفض الاعتراف بالحكومة الجديدة؟
ليبيا ستكون بها حكومة واحدة وهي حكومة استقرار ليبيا، وسنذهب لتسليم السلطة للحكومة الجديدة من قبل الحكومة الحالية، والدليل على ذلك الزخم الذي استقبل به فتحي باشاغا، رئيس الحكومة الليبية الجديدة، فلن يصل الليبيون إلى وجود حكومتينِ في البلاد مجددًا، ولن يصلوا إلى الحرب الأهلية؛ لأن الحكومة جاءت بإرادتهم.
لماذا تحظى الحكومة الجديدة بكل هذا الزخم وتأكيد أنها ستصل إلى الانتخابات الرئاسية المرتقبة؟
الحكومة الجديدة من الضرورة أمامها الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقًا لخارطة الطريق التي أقرها مجلس النواب، كحد أقصى خلال 14 شهرًا من تاريخ تسلم الحكومة الجديدة لمهام عملها، لنحتكم إلى صندوق الديمقراطية بدلًا من صندوق الذخيرة.
كما أن الوصول إلى مصالحة شاملة بات مطلبًا لجميع الليبيين، وبذلك ستودع ليبيا الألم حال تمكنت تلك الحكومة من الوصول إلى ليبيا الجديدة التي يصنعها جميع الليبيين، دون تمييز بين أحد.
ماذا لو فشلت تلك الحكومة في الوصول إلى الانتخابات المرتقبة؟
أعتقد أنها ستكون آخر حكومة انتقالية في تاريخ ليبيا، وسنصل من خلالها إلى الانتخابات الليبية المرتقبة، وإلى الدستور الشامل، والمؤسسات المستقرة، وسننتهي من جميع المراحل الانتقالية والظروف الاستثنائية التي تمر بها ليبيا، خاصة السجون السياسية والسجون السرية والمجموعات المسلحة وفوضى السلاح والإرهاب والهجرة غير الشرعية.
ماذا عن المليشيات الموجودة في ليبيا؟
إحدى المشكلات الأساسية التي تواجه الحكومة الليبية الجديدة تتمثل في وجود المليشيات والمرتزقة على الأراضي الليبية، تفكيك تلك المليشيات وإنهاؤها يحتاج إلى حوار ومراجعات وبناء الثقة وإقناع أبنائنا الذين يحملون السلاح بالعودة إلى المربع الأول والعودة إلى التعليم والتنمية، والعمل على كل ما يُسهم في تنمية البلاد، فالمعركة الحالية لليبيا هي معركة التنمية والمصالحة ولملمة الجراح والذهاب إلى صناديق الانتخابات.
ما أبرز المعوقات التي تواجه حكومة الاستقرار الليبية الجديدة؟
لا نستطيع أن نقول معوقات، هناك تحديات تواجه الحكومة الجديدة تتمثل في التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وتحديات الانقسام الذي عمقته وتسببت في حكومة الوحدة وعليها أن تكون في مستوى آلام وآمال الليبيين، والحكومة إذا تشكلت على الكفاءات والمختصين في المجالات المختلفة ستكون قادرة على تأدية مهام عملها.
ليبيا عانت على المستوى الخارجي طوال سنوات.. كيف ستتعامل الحكومة الجديدة على المستوى الخارجي؟
نتمنى حلحلة المشاكل العالقة وخلق توازن في العلاقات الدولية خاصة مع دول الجوار والدول العربية والإفريقية ودول البحر المتوسط، ويجب أن تخلق الحكومة الجديدة علاقات قائمة على الود والاحترام المتبادل.
نود أن تعمل الحكومة الجديدة من خلال النشاط الخارجي على حلحلة المشكلات الأساسية المتمثلة في التعليم والمياه وتوحيد حقيقي للمؤسسات، ليس كما حدث في حكومة الوحدة التي كانت اسمًا دون محتوى، ونريد منها أن تسير بليبيا إلى انتخابات عامة، لا تكون الحكومة وأعضاؤها جزءًا منها.
مصر من أولى الدول التي أعلنت مساندتها للحكومة الجديدة وجميع الأطراف الليبية.. كيف ترى ذلك؟
مصر دولة مهمة وكبيرة ودورها مهم على المستوى الإقليمي والدولي، مصر دورها محوري ومفصلي على المستوى العربي والإفريقي والدولي، وسيكون هناك اعتراف بهذه الحكومة على الصعيد الدولي.
هذه الحكومة حظيت بإجماع مجلس النواب وهو الجسم التشريعي المنتخب بالبلاد، والمجلس الأعلى للدولة، فالنصاب القانوني موجود بعدما حصلت على موافقة ثلثين مجلس النواب، وأعتقد أن الاعتراف الدولي قائم خاصة بعدما اعترفت بها مصر، وسيعترف بها المجتمع الدولي قريبًا.
كيف ترى العلاقات المصرية الليبية طوال السنوات الماضية؟
على مدى العقود الماضية مصر تربطها بليبيا علاقات سياسية واقتصادية واجتماعية، والعلاقات المصرية الليبية هي علاقة شعب واحد في دولتين، حتى وإن حصل بعض الهفوات والتأثيرات فإنها لا تؤثر في عمق العلاقات، ومصر كانت دائمًا داعمةً ومساندةً للشعب الليبي ومع إرادة الشعب والليبي، ومع ما يقرره الشعب الليبي.
كنتَ وزير خارجية ليبيا خلال فترة إعلان القاهرة.. كيف رأيتَ الإعلان؟
إعلان القاهرة كان دوره مفصليًا ومهمًا جدًا، وكان أحد أهم ملامح خارطة الطريق التي اعتمدت عليها اجتماعات برلين الأولى والثانية، وكل القرارات الدولية ذات الصلة بليبيا ارتبطت بإعلان القاهرة، لأنه عبّر عن إرادة الشعب الليبي وقراره ودعمته الرئاسة المصرية، التي يوجه لها الشعب الليبي كل التحية على دعمهم الدؤوب لجارتهم ليبيا التي كانت تنزف دمًا.
ماذا عن الدبلوماسية المصرية للبحث عن حل للأزمة الليبية؟
يُحسب لمصر - خاصة الرئاسة المصرية وليست الدبلوماسية المصرية فقط - أنها حملت الملف الليبي وحملت هموم الليبيين، وطافت بها في كل دول العالم أينما حلّت مصر.
وأينما حل الرئيس المصري، كان الملف الليبي إحدى القضايا الرئيسية على طاولة النقاش، وهذا يحسب لمصر ودورها في عرض مشكلة ليبيا إلى المجتمع الدولي؛ للتعريف بحقيقة الأزمة والوصول إلى حل دائم يصون حرية وحياة كريمة للشعب الليبي بعيدًا عن لغة السلاح والانقسام، ومصر كان دورها مهمًا جدًا في أن يكون الملف الليبي على طاولة الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي والساحات المصرية والعربية.
خلال فترة توليك ملف الخارجية كان هناك تداخل تركي في ليبيا.. كيف تُقيم الموقف التركي الآن؟
الدور التركي فيما سبق كان دورًا سلبيًا، وكانت تركيا طرفًا منحازًا، وكانت تقدم الدعم العسكري والسياسي لحلفائها في ليبيا، ونشاهد اليوم تحولًا وتغيرًا في الموقف التركي، ونتمنى أن هذا التحول والتغير يستمر باتجاه مصلحة الشعب الليبي، وأن الشعب يكون هو فقط مصدر القرار، وأي دولة تريد مساعدة ليبيا يكون بشكل إيجابي، وليس على مصلحة الشعب الليبي أو سيادة ليبيا واستقرارها وصيانة حدودها.