ارتفاع أسعار اللحوم والحبوب 20%.. كيف تؤثر الحرب الأوكرانية الروسية على المصريين؟
يترقب العالم الأزمة الروسية الأوكرانية على مدار الساعة، خوفًا من اندلاع الحرب في أي لحظة، وهي الحرب التي ستترتب عليها كثير من التبعات السياسية والاقتصادية، أهمها على الإطلاق أسعار بعض السلع، ويختلف الوضع كثيرًا في مصر، فهي من أكثر الدول التي ستتأثر من اندلاع الحرب، لأنها تستورد مجموعة من السلع الغذائية الاستراتيحية منها، في مقدمتها اللحوم والحبوب، وعلى رأسها القمح إذ تستود مصر 13 مليون طن سنويًا من القمح من روسيا وأوكرانيا مجتمعتين، ونستورد من أوكرانيا الذرة والشعير وفول الصوريا، بالإضافة إلى زيت الطعام، والحديد والفولاذ ومنتجاته.
وتوقع مجموعة من الخبراء والمتخصصين أن ترتفع أسعار بعض هذه السلع بنسبة 20%، جراء اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا، بخلاف زيادة أسعار البترول.. ولن يتوقف ارتفاع الأسعار على مصر، بل سيمتد الأمر إلى باقي الدول العربية ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقد صرح روسلان نيشاي، مستشار سفارة أوكرانيا بالقاهرة لشئون التجارة والاقتصاد، أن التبادل التجاري بين مصر وأوكرانيا بلغ بالنصف الأول من عام 2021 نحو 894.2 مليون دولار، ينقسم ذلك بين صادرات مصرية بقيمة 63.4 مليون دولار تتمثل في الفاكهة المنتج الرئيسي للصادرات المصرية إلى أوكرانيا، وخاصة الحمضيات التي تشكل 49.3% من إجمالي الصادرات، وعلى الجانب الآخر صادرات أوكرانيا 830.8 بقيمة مليون دولار تتمثل في الحبوب، مثل القمح والدهون والزيوت من أصل حيواني ونباتي والمعادن الحديدية والتبغ وبدائله الصناعية.
السلع التي تستوردها مصر من أوكرانيا
تستورد مصر من أوكرانيا القمح، الذرة، فول الصويا، اللحوم، زيت عباد الشمس، الحديد والصلب والفولاذ، التبغ، واليوريا، وبعضها من السلع الاستراتيجية مما يضعنا أمام مأزق بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية، خاصة أنها المصدر الأول المورد للقمح إلينا هي أوكرانيا وروسيا، يقول الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية سابقًا، أن مصر تستورد 13 مليون طن قمح سنويّا، 90% منها من روسيا وأوكرانيا.
ارتفاع أسعار اللحوم
يقول محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بالقاهرة، إن مصر تستورد 50% من استهلاكها من اللحوم، وننتج 50% محليا، سواء لحوم حية أو مجمدة، والدول التي نستورد منها هي البرازيل وإثيوبيا والسودان وأوكرانيا، موضحًا أن الصيف الماضي كان أكثر استيرادنا من البرازيل، أما في الشتاء الحالي نستورد من السودان، لأن يصعب النقل عبر المحيطات بالشتاء.
وحذر هيثم عبد الباسط، عضو شعبة القصابين، من ارتفاع أسعار اللحوم في مصر، وباقي دول العالم حال قيام حرب بين أوكرانيا وروسيا، لأنها ستؤثر بشكل مباشر على وارداتنا من اللحوم، موضحًا أن سوق اللحوم في مصر مستقرة ومصر دولة محفوظة، ولدينا مستوردون كبار يحاولون التعامل مع الأزمة، فهناك أحد المستوردين أدخل 3 مراكب من العجول، أمس.
واتفق معه وهبة، قائلًا إن الحرب ستؤثر على استيراد اللحوم من الخارج وبالتالي ستؤثر على أسعارها، لكن المستوردين عاملين حسابهم، وسنزيد معدل ما نستورده من لحوم من السودان، ومصر تستورد لحومًا من عدة دول أخرى بخلاف أوكرانيا.
وعن ارتفاع أسعار اللحوم في السوق المحلي مؤخرًا، كشف أن سببه ارتفاع الرسوم والجمارك والأعلاف، لأن مصر دولة مستورة للأعلاف.
ارتفاع أسعار الحبوب والبترول بنسبة 20%
ومن اللحوم إلى القمح، توقع الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية سابقًا، ارتفاع أسعار الحبوب بنسبة 20%، موضحًا أن اندلاع الحرب في أوكرانيا يؤدي لأمرين، أولًا ارتفاع أسعار البترول في العالم، التي بدورها سوف تؤثر على أسعار الغذاء، وبالتالي سوف ترتفع تكاليف النقل البحري والبري داخل الدول، ثانيًا سوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار القمح والحبوب بشكل عام؛ لأن روسيا وأوكرانيا تتحكم في كمية كبيرة من استيرادات الحبوب في العالم، لذلك سوف ترتفع أسعار الحبوب بشكل لن يقل عن 20%، بخلاف زيادة أسعار البترول التي ممكن تصل إلى 20% أيضًا، لذلك سوف تتأثر الأسعار داخليًا وخارجيًا .
وأضاف نور الدين لـ القاهرة 24، أن اندلاع حرب بين روسيا وأوكرانيا سيؤثر على استيرادنا من الحبوب من أوكرانيا؛ لأنه لو قامت الحرب ستغلق موانئ أوكرانيا كلها، لكن روسيا لا أتوقع أن تغلق موانئها، لكن تكاليف النقل قد تزيد، لأن السفن تفرض بدل مخاطر في المناطق التي فيها حروب، وبالتالي تكاليف استيراد القمح سوف تزيد.
وأوضح أن الحرب ستؤثر كثيرًا على استيرادنا من الحبوب كالقمح والذرة الصفراء للأعلاف وزيوت الطعام، ما يؤثر على المخزون الاستراتيجي، لأن المخزون الاستراتيجي الخاص بمصر ثلثه بالمخازن وثلثه على المراكب بالبحر وثلثه تعاقدات، فثلث الخاص بالتعاقدات هو الذي سوف يتأثر إلى أن نحل التعاقدات مع أوكرانيا إذا قامت الحرب.
وعن الخطة البديلة للحكومة حال حدوث حرب، يقول مستشار وزير التموين سابقًا: أقمنا تعاقدات جديدة مع دول أخرى، لذلك سوف نستبدل ما نستورده من الحبوب الأوكرانية من دول أخرى، مثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا والأرجنتين وكندا وأستراليا.
الخطة البديلة
وتابع نورالدين: الخطة البديلة حال اندلاع الحرب أن نتجه لفرنسا لأنها أقرب المنشآت المصدرة للقمح، وبعدها أستراليا، والإثنين يوصل القمح منهم خلال أسبوع إلى 10 أيام، ثم نلجأ إلى المنشآت البعيدة مثل كندا والولايات المتحدة والبرازيل، مضيفًا القمح بهذه الدول أفضل من القمح بروسيا وأوكرانيا؛ لأن القمح الروسي والأوكراني أقل من الأسعار العالمية بـ10%، لأن أنواعه أقل من القمح الأمريكي والأسترالي والفرنسي، لكن ذلك الفرق سوف يزيد من أسعار القمح بالإضافة لزيادة سعر البترول إذا اندلعت الحرب.
ووفقًا لموقع Agrochart، فإن مصر أولى دول شمال إفريقيا المستوردة للقمح من أوكرانيا، بمعدل 2.458 مليون طن، تليها دولة المغرب 1.092 مليون طن، ثم تونس 701 ألف طن، ثم ليبيا 651 مليون طن، وأخيرًا الجزائر بقيمة 13 ألف طن، وهي إحصائية ربع سنوية عن عامي 2020/2021.
أما على مستوى الشرق الأوسط، تستورد تركيا نحو 820 ألف طن، تليها اليمن 793 ألف طن، وتعقبها لبنان 628 ألف طن، الأردن 188 ألف طن، ثم السعودية 154 ألف طن، وتحتل الإمارات المرتبة الأخيرة بمعدل 7 آلاف طن.
ارتفاع أسعار الذرة والشعير
بخلاف القمح سترتفع أسعار مجموعة أخرى من الحبوب مثل الذرة والشعير وفول الصويا، ومتوقع أن تكون الزيادة قيمتها 20% وفقًا لتوقعات مستشار وزير التموين سابقا، حيث تحتل مصر المرتبة الأولى من حيث أكثر الدول استيرادًا للذرة من أوكرانيا بالموسم الزراعي 2020/2021 بنحو 2.280 مليون طن.
وكشف مستشار وزير التموين، أن مصر تستورد 10 ملايين طن ذرة صفراء، أكثر من نصفهم من روسيا وأوكرانيا، ويلي مصر في الترتيب ليبيا بـ 444 ألف طن، وتعقبها تونس 414 ألف طن، ثم الجزائر 159 ألف طن، ثم المغرب 32 ألف طن.
وعلى مستوى الشرق الأوسط، تحتل إيران المرتبة الأولى في ترتيب الدول الأكثر استيرادًا للذرة من أوكرانيا عامي 2020/2021 نحو 1.775 مليون طن، تعقبها تركيا 640 ألف طن، وتليها لبنان 274 ألف طن، ثم عمان 263 ألف طن، ثم العراق 227 ألف طن، ثم الإمارات 76 ألف طن.
تحتل مصر المرتبة الأخيرة، من حيث أكثر الدول استيرادًا للشعير من أوكرانيا بقيمة تبلغ 5 آلاف طن بعامي 2020 /2021، أما يترأس المرتبة الأولى ليبيا نحو 295 ألف طن، وتعقبها تونس 161 ألف طن، وتليها الجزائر 79 ألف طن، ثم المغرب 12 ألف طن
أما من حيث دول الشرق الأوسط، فإن السعودية تحتل المرتبة الأولى نحو 334 ألف طن، ويعقبها الأردن 56 ألف طن، ويليها قطر 47 ألف طن، ثم لبنان 36 ألف طن، ثم الإمارات 28 ألف طن، ثم تركيا 23 ألف طن، ثم إيران 17 ألف طن، ثم عمان 6 ألاف طن.
ارتفاع أسعار زيت الطعام
قال نادر نورد الدين، مستشار وزير التموين سابقا، إن مصر تستورد زيوت الطعام خاصة عباد الشمس وزيت الذرة من روسيا وأوكرانيا، حيث تعتمد مصر على استيراد زيت الطعام من الخارج بنسبة 95:97 % من احتياجات السوق المحلي.
وقبل اندلاع الحرب بين أوكرانيا وروسيا، شهد سوق زيت الطعام العالمي ارتفاعًا مقارنة بالعام الماضي، إذ بلغ سعر طن زيت عباد الشمس المكرر عام 2022 نحو 27.500 جنيه، وذلك مقابل 25.500 بالعام المنصرم، بينما وصل سعر طن زيت الذرة الخام بالعام الحالي 22.000 جنيه نظير 18.000 جنيه بالعام الماضي، كما ارتفع سعر طن زيت الذرة المكرر نحو 4 آلاف جنيه عن العام السابق ليصل إلى 28.000 جنيه، ومن جانب آخر انخفض سعر طن زيت فول الصويا المكرر بمقدار 500 عن العام الفائت ليصل حاليًا إلى 23.000 جنيه.
ويذكر أن كلًا من مصر وليبيا والجزائر المراتب الأولى بالترتيب السالف ذكره، كأكثر الدول المستورة لزيت عباد الشمس من أوكرانيا، حيث بلغ استيراد مصر بالموسم الزراعي 2020/2021 نحو 30 ألف طن، أما ليبيا 23 ألف طن، وأما الجزائر 2 ألف طن>
أما عن استيراد دول الشرق الأوسط لزيت عباد الشمس من أوكرانيا، فإن العراق احتلت المرتبة الأولى بـ 297 ألف طن، تلتها السعودية 81 ألف طن، ويعقبها الإمارات 73 ألف طن، ثم لبنان 50 ألف طن، ثم تركيا 44 ألف طن، ثم إيران 32 ألف طن، ثم الأردن 25 ألف طن، ثم عمان 17 ألف طن، ثم قطر 13 ألف طن، وذلك وفقا لموقع Agrochart
سوق الحديد في مصر
بخلاف اللحوم والقمح وباقي الحبوب والزيوت، فإن مصر تستورد الحديد والفولاذ ومنتجاتها من أوكرانيا، وتوقع خبراء أن ترتفع أسعار طن حديد التسليح بمقدار 400 جنيه خلال الأشهر المقبلة.
وقد عاني سوق الحديد في مصر آخر 3 سنوات وشهد عدة ارتفاعات وانخفاضات، إذ بدأ سعر متوسط طن الحديد بعام 2019 نحو 11.650 جنيه للطن لينخفض بنهاية العام إلى 10.400 جنيه، كما عاود الانخفاض بشهر نوفمبر 2020 ليصل إلى 9950 جنيهًا، لكنه ارتفع بنهاية العام ليصل إلى 11.600 جنيه، إلا أن ارتفاعه بلغ في 2021 ليصل نحو 15 ألف جنيه للطن، كما يتوقع ارتفاعه بشهر فبراير 2022 بزيادة 400 جنيه للطن، ليصل طن الحديد للمستهلك بقيمة تتراوح بين 15.400 و15.500 ألف جنيه.
ويبلغ عجز مصر السنوي من إنتاج خام البليت 1.5 مليون طن، لذلك تلجأ مصر إلى استيراده من الخارج وخاصة من أوكرانيا، التي تعد من الدول الأولى المصدرة للحديد، وتحصل مصر على 90% من مخزونها الاستراتيجي من البليت من دولتى روسيا وأوكرانيا، حيث استوردت مصر بشهر يناير الماضي 2022 نحو 150 ألف طن من خام البليت من أوكرانيا وروسيا لتلبية احتياجات السوق.