دا جوزها يعمل اللي هو عاوزه.. هل يحق للزوج ضرب امرأته بدافع الشرع؟
أشعلت قضية عروس الإسماعيلية، التي تعرضت للضرب على يد زوجها، عقب خروجها من الكوافير، أمام الجميع، ما أحدث نزيفا في أنفها، لوث فستان زفافها الأبيض، في ليلة كان من المفترض أن تكون سعيدة، حديث الرأي العام المصري، حيث كان تصرف الزوج غير مقبول بالمرة لدى الجميع، ما دفع البعض لوصف الفتاة ب «مشروع منتحرة»، خاصة بعد تصالح الزوجين، وقبول الزوجة بإتمام ليلة الزفاف بشكل طبيعي.
ومما أثار غضب متابعي مواقع التواصل الاجتماعي أكثر، هو سكون المحيطين بعروس الإسماعيلية حال الاعتداء عليها، دون تدخل أحد سواء من أهلها أو من المارة، معللين ذلك بقولهم: «دا جوزها ودا حقه يعمل اللي هو عاوزه».
في هذا الصدد، وضمن الدور الذي تلعبه دار الإفتاء المصرية دوما، كإحدى المؤسسات الدينية في الدولة، في نصرة المرأة والحفاظ على حقوقها، كانت الإفتاء قد حذرت في عدة فتاوى سابقة لها، من سوء معاملة الزوجة، وعدم البر بها، ومخالفة وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان إليها، وأولادها.
حكم ضرب الزوجة
دار الإفتاء أوضحت في فتوى سابقة لها، أنه لا علاقة للشريعة الإسلامية السمحاء، بما يدعيه بعض الأزواج من أن ضرب الزوجة أو ترويعها ومعاقبتها أو الإساءة إليها، هو حق مكفول للرجل المسلم بشكل شرعي، مؤكدة أن الشرع بريء من هذه الاتهامات جميعها.
وأكدت الديار المصرية، أن الإسلام قد حث على خلاف ذلك، وجعل حسن معاملة الأزواج لزوجاتهم وأهليهم معيارًا للخيرية؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي.
ولفتت الإفتاء كذلك إلى حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وتعامله مع زوجاته، مؤكدة أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ضرب نساءه قط؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ.
تفسير قوله تعالى: وَاضْرِبُوهُنَّ
وعن قول الله تعالى في ضرب النساء: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: 34]، أوضحت دار الإفتاء المصرية، أنه لا يقصد بالضرب هنا إهانة الزوجة وإيذاؤها، بل هو لبيئة وثقافة معينةٍ تستحسن الضرب وسيلةً لعتاب الزوجة وإظهار عدم الرضا بسلوكها، ويكون تربيتًا باليد أو السواك أو فرشة الأسنان ونحوها، فالغرض منه التنبيه لا الإيلام.
المرأة في الإسلام
وتابعت دار الإفتاء خلال فتوى سابقة لها: الإسلام هو دين الرحمة، وقد وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين فقال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، معقبة: وأكد الشرع على حق الضعيف في الرحمة به، وجعل المرأة أحد الضعيفين؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأة»، مشيرة إلى قول الإمام النووي في هذا الصدد: المرأة أحق بالرحمة من غيرها؛ لضعف بنيتها واحتياجها في كثير من الأحيان إلى من يقوم بشأنها؛ ولذلك شبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساء بالزجاج في الرقة واللطافة وضعف البنية، فقال لأنجشة: «ويحكَ يا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ».
المعاملة بين الزوجين
وعن المعاملة الحسنة بين الزوجين، قالت الإفتاء إن علماء المسلمين، فهموا وطبقوا الآيات السابقة أسمَى تطبيق، حتى كان من عباراتهم التي كوَّنت منهج تفكيرهم الفقهي: الأنوثة عجز دائم يستوجب الرعاية أبدًا.
واختتمت: أمر الإسلام الزوج بإحسان عشرة زوجته، وأخبر سبحانه أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة، فقال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21]، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حسن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي».