أخاف أن أعرف.. مقتطفات من شعر الراحل أنسي الحاج
نمر في هذه الأيام بذكرى رحيل الشاعر أنسي الحاج، وهو شاعر لبناني توفي في مثل يوم 18 فبراير عام 2014، تعلم في مدرسة الليسيه الفرنسية، ثم في معهد بيت الحكمة، وهو نجل المترجم والروائي المعروف لويس الحاج.
قل، ماذا رأيت؟ قصيدة غزل للشاعر أنسي الحاج
عمل بالصحافة، وكتب القصص القصيرة، كما أنه تميز وبرع في الشعر وكتب العديد من القصائد على مختلف ألوان وأغراض الشعر، فكتب في الحزن قصيدة تحت عنوان أخاف أن أعرف وفيها يقول:
أجمْلُه ما بين الجهل والمعرفة.
أكثرُه ألَمًا وأشدُّه اعتصارًا.
لا أعرف ما ستقرّرين.
عيناكِ اللتان في لون ثيابكِ ثابتتان في دوختي ثباتَ الحَيرة المنقِذة في العذاب.
كذابٌ هذا الصقيع، كذابٌ ذلك البحر التافه، كذابٌ أيُّ انهماكٍ كان: سوف أنساك.
كذابٌ أنا، لو كان لي أنْ أنساكِ لما فعلتُ لأنّكِ، أنتِ أيضًا، لستِ لي. وكيف أنسى من ليست لي!
كان يكون مريحًا لو.
لكنّي كذابٌ أيضًا.
أرْفُضُ هذه الراحة.
يَحْدث ما يحدث وما لا يجب أن يحدث وما لا يحدث. أحبّيني لا لأني أُحَبّ، بل لأن عينيكِ تُحبّان طريقتهما في إحراقي.
يوم ولدتِ كنتُ كبيرًا.
أمسِ كنت صغيرًا يومَ كبَرتِ.
ولولا الضوء لما رأيتُ من عمري سوى الرعشة.
صغيرًا كالبداية، وأنتِ كبيرةٌ ككلّ ما يجعل النهايات تبدأ من جديد.
أنتِ لسوايَ، ككلّ مَنْ أحْبَبْتُ. لسوايَ، ككلّ ما هو لي.
قَدَر المشتهي مُقتنى غيرِه، قَدَرُ حامل الفتنة، قَدرُ الزائرِ الغريب، قَدَرُ ناشرِ الاضطراب والحريّة، قَدَرٌ جميلٌ هو قََدَري.
وبين الجهل والمعرفة مصيري وأخاف أن أعرف ما سيصير.
أجْمَلُه ما بين الجهل والمعرفة، تُدلّلُكَ أحلام القَلَق وتغدر بك.
والويل لك من جمال تنكيل تلك الحَيرة، والويل لك من اليقين.
فأنتَ مولودٌ تحت التاج والسُمّ.
وكتب في الغزل قصيدة تحت عنوان قل، ماذا رأيت؟ حيث قال فيها:
لامرأةٍ عينان عاليتان عميقتان، تشرفان عليّ وتستأصلانني.
لامرأةٍ عينان رأيت الأشرعة وما رأيت مثلهما.
لامرأة عينان مشرقتان غائبتان، تقولان الرمل والدخان، تقولان الحلم ودماره.
لامرأة عينان أصغيتُ إلى الاعترافات، وما سمعت عنهما.
لامرأة عيناها.
لامرأةٍ عينان بحريتان بريتان، تتنزه بهما دون انتباه على شوار الحب، وكل ما تقع عليه عيناها يسقط دون انتباه في البداية.
لامرأةٍ عينان طاهرتان قاتلتان حافيتان على رؤوس الغمائم..