علي جمعة: يجوز تأخير صلاة الجمعة لرفع القاذورات الموجودة حول المسجد
كشف الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، ومفتي الجمهورية السابق، عن موقف دار بينه وبين أحد الأشخاص عن حكم تأخير صلاة الجمعة لرفع القاذورات الموجودة حول المسجد.
وقال جمعة من خلال منشور عبر فيسبوك: سألني سائل فلفت نظري إلى أمر خطير قال لي: إنه عند ذهابه إلى المسجد لصلاة الجمعة، ويرى الناس تسرع الخطى حتى تلحق بالخطبة وبالصلاة، لكنه رأى أكوامًا من القاذورات حول المسجد! فهل يجوز- فقهًا- أن يسارع الناس قبل صلاة الجمعة إلى رفع هذه القاذورات وتنظيف ما حول المسجد، ثم بعد ذلك يذهبون إلى صلاة الجمعة بعد ساعة أو ساعتين من بدئها؟ وهل يعد هذا التصرف تصرفًا مقبولًا في شريعة الإسلام؟ وهل هذا المسلم الذي يسارع الخطى إلى الجمعة حتى يلحق بالصلاة ويسارع الخطى بعد الجمعة حتى يعود إلى بيته وأكوام القاذورات حول مسجده أيكون قد فهم عن رسول الله - ﷺ - مراده؟
علي جمعة: الشرع يؤخذ من كتاب الله وسنة رسوله لا من فعل هذا ولا ذاك
وأضاف جمعة: وسألني وقال: ما العلاقة بين القذارة الحسية والقذارة المعنوية؟! وما العلاقة في أن نرى القذارة أو أن نصنعها أو أن ننشئها وبين أن نقبل الظلم فلا نقول له لا؟! وما العلاقة بين هؤلاء الذين يدنسون حياتنا في الظاهر وفي الباطن؟
تابع: ما العلاقة بين أن نقبل عدم الطهارة بل والنجاسات يشربها ويأكلها الناس في صورة معصية نهى الله عنها كالخمر والخنزير، وبين تلك القاذورات التي يتناولها الناس كالزنا والكذب والافتراء وشهادة الزور، وبين ظلم العباد في السياسة وفى الاقتصاد وفى الاجتماع، وبين حال الأمة في العالمين؟! وهلا تكلمتم أيها الواعظون في مسألة كهذه؟ أم أن ذلك محظور شرعًا؟
وواصل رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: قلت له: الشرع يؤخذ من كتاب الله ومن سنة رسول الله - ﷺ - لا من فعل هذا ولا ذاك، وربنا - سبحانه وتعالى - عندما أمرنا بالصلاة وهو يأمر العالمين بها وقد أرسل الرسول النبي الأمي في أمة قليلة الماء، في أمة كثيرة الأتربة والرماد والرمال، في أمة لم يكن عندهم سيارات ولا وسائل اتصالات بل هو الخيل والإبل مما يكثر معه العناء وتكثر معه المشقة والحرج من مظان النجاسات ؛ فإنه عندما أمرنا بأمر هو عماد الدين وركنه وهو الصلاة قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.
واستكمل جمعة: ربنا - سبحانه وتعالى - يأمرنا باستعمال الماء ويجعل النوم ينهي هذا الاستعمال، ويجعل نواقض الوضوء الأخرى تتطلب منا أن نسارع إلى الوضوء، ويجعل - سبحانه وتعالى - الوضوء مكفرًا للذنوب، هذا ربنا وهذا مراده في كتابه {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}.
وأوضح جمعة: بل ويأمرنا بالاغتسال في كل بدننا بعد هذه الشهوة، ثم بعد ذلك إذا فقدنا الماء {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } وقِفْ عند كلمة {طَيِّبًا} وانظر إلى أن الله طيب يحب الطيب، صَعِيدًا طَيِّبًا ليس في الظاهر، فقط بل الطيب يطلق على الظاهر والباطن معًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ، مع قلة الماء.. مع كثرة العناء وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.
ولفت عضو هيئة كبار العلماء: ويقول رسول الله - ﷺ -، فيما يرويه عنه سعد بن أبى وقاص من طريق ابنه عامر فيما أخرجه البزار والترمذي: إِنَّ الله طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ،جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، هذا هو ربنا، وهذا هو كتاب ربنا، وهذه هي سنة نبينا - ﷺ - فنَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ، نظِّفوا أمر.
واختتم جمعة: نعم يجوز أن نؤخر الجمعة لرفع القاذورات إذا ما وُجدت هذه القاذورات أمامنا الآن، وتكون جمعتنا أكثر قبولًا عند الله حيث رأى فينا أننا قد فهمنا عن الله ورسوله مراده، نعم الجمعة ممتدة إلى العصر، وربنا يأبى أن نصلي الجمعة من غير وضوء فقد أمرنا به، وربنا يكره أن نصلي الجمعة من غير اغتسال فقد سنه رسول الله - ﷺ - لنا، وربنا يأبى أن نصلي وأن نصوم ثم لا تنهانا صلاتنا عن الفحشاء والمنكر، وأن نخرج من دائرة ذكر الله - سبحانه وتعالى - إلى دائرة الغفلة.