أصوات شعرية| فاروق شوشة.. الشاعر المنتظِر وصاحب العلاج بالشعر
فاروق شوشة، الشاعر الذي ركز أكثر جهده على أدب الإنسان، وخاض غمار جديدة منظرًا أن يعالج الشعر ما ألًّم بالقلب من جروح، وما يلاقيه الإنسان من متاهات.
يعد فاروق شوشة واحدًا من أبرز وأهم الشعراء المصريين الذين تحدثوا عن البساطة، وكتبوا عن الجمال، ولم يقف عند حد انتظاره لأشياء جديدة تحدث ترتب له حياته، بل أبدع وحارب بقلمه، وعمل في الثقافة والأدب وكان عضوًا فاعلًا في عددٍ من الأماكن المختلفة.
وًلد الشاعر فاروق شوشة في الـ 9 من يناير عام 1936، بمدينة دمياط، وحفظ القرآن الكريم منذ صغره، وأكمل مراحله التعليمية حتى تخرج في كلية العلوم عام 1956، وكلية التربية بجامعة عين شمس في عام 1957.
كتب فاروق شوشة الشعر بكل حب وانسيابية وبساطة، وتحدث عن القضايا التي تشغل العصر، كما أنه كتب في الغزل وأحب المرأة، وله العديد من الدواوين الشعرية أبرزها: ديوان العيون المحترفة، وديوان ينفجر الوقت، وديوان لؤلؤة في القلب، وديوان عشرون قصيدة حب، وديوان لغة من دم العاشقين، وديوان قصائدي التي تصحبني، وديوان يقول الدم العربي، وديوان الرحيل إلى منبع النهر.
رسالة إلى أبي.. قصيدة للشاعر فاروق شوشة
يفاجئني الذي اكتشفت: أنت في نفسي حللت
في صوتي المرتج بعض صوتك القديم
في سحنتي بقية من حزنك المنسل في ملامحك
وفي خفوت نبرتي ـ إذا انطفأت ـ ألمح انكساراتك
وأنت..
عازفا حينا
وحينا مقبلا
وراضيا، تأخذني في بردك الحميم
أو عاتبا مغاضبا
فأنت في الحالين، لن تصدني..
وتستخير الله، أنت تكون قد عدلت !
يفاجئني أنك لم تزل معي
وأنت شاخص في وقفتي الصماء، والتفاتاتي
أرقبني فيك،
وأستدير باحثا لدي عنك
تحوطني، فأتكئ
تمسك بي، إذا انخلعت
تردني لوجهتي
مقتحما كآبة الليل المقيم
الآن، عندما اختلطنا
صرت واحدا
وصرت اثنين
عدت واحدا
عنك انفصلت واتصلت
لم أدر كم شجوك النبيل قد حملت
أضفته لغربتي
ومن إبائك الذي يطاول الزمان.. كم نهلت
فاكتملت معرفتي
واتسعت أحزان قلبي اليتيم
بالرغم من أبوتك
وأنت ناصحي المجرب الحكيم
لم تنجني من شقوتك
أبي تراك في مكانك الأثير مانحي سكينتك
وقد فرغت من رغائب الحياة
فانسكبت شيخوختك
على مدارج الصفاء والرضا
وصار قوس الدائرة
أقرب ما يكون لاكتمالها الفريد
هأنذا ألوذ بك
أنا المحارب الذي عرفته، المفتون بالنزال
وابنك..
حينما يفاخر الآباء، بالبنوة الرجال
منكسرا أعدو إليك
أشكو سراب رحلتي
وغربتي
ووحدتي
محتميا بما لديك من أبوتي
ولم يزل في صدرك الرحيب متسع
وفي نفاذ الضوء من بصيرتك
جلاء ظلمتي وكربتي
فامدد يدك الذي قد غاله الطريق
واخترقت سهامه صميمه.. فلم يقع
لكنه أتاك نازفا مضرجا
دماؤه تقوده إليك
زندبة في جبهتك
وصرخة مكتومة يطلقها.. إذا امقتع
هذا ابنك القديم
وابنك الجديد..
يبحث فيك عن زمانه،
وحلمه البعيد
فافتح له خزانتك