الخميس 19 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أصوات شعرية | أمل دنقل.. شاعر القومية والرفض

الشاعر أمل دنقل
ثقافة
الشاعر أمل دنقل
الإثنين 07/مارس/2022 - 05:45 م

أمل دنقل، الشاعر الذي رفض بشعره الواقع المعاصر للوطن العربي، فكتب من الشعر ما لا يمكن أن يتجرأ شاعر في زمانه على كتابته.

يعتبر الشاعر أمل دنقل من أولئك الشعراء الذين زار الحزن شعرهم، فعاش حياةً أليمة، ولكنه كان أملًا يشع حقًا على اسمه، ويعود سبب اتسام شعر أمل دنقل بالحزن إلى فقده لوالده وهو في سن العاشرة، بعد أن اكتسب منه الأخلاق والقيم، كذلك كان لمرضه أثر في كتاباته، وبالأخص شعره الاخير الذي دونه على عُلب السجائر في المعهد القومي للأورام، وتلك الغربة التي أحس بها عندما ترك وطنه الصعيد.

وُلد دنقل في الصعيد عام 1940، وورث عن والده الشعر، فنظمه، بل أحسن نظمه، مستعينًا على القراءة من مكتبة والده الكبيرة الكائنة في صحن منزلهم بقرية قفط في الصعيد.

هي أشياءُ لا تُشترى.. أشهر قصائد الشاعر أمل دنقل 

لا تصالحْ

ولو منحوك الذهب

أترى حين أفقأ عينيك

ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى..؟

هي أشياء لا تشترى..

ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،

حسُّكما فجأةً بالرجولةِ،

هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،

الصمتُ مبتسمين لتأنيب أمكما.. وكأنكما

ما تزالان طفلين!

تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:

أنَّ سيفانِ سيفَكَ..

صوتانِ صوتَكَ

أنك إن متَّ:

للبيت ربٌّ

وللطفل أبْ

هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟

أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..

تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟

إنها الحربُ!

قد تثقل القلبَ..

لكن خلفك عار العرب

لا تصالحْ..

ولا تتوخَّ الهرب!

لا تصالح على الدم.. حتى بدم!

لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ

أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

أقلب الغريب كقلب أخيك؟!

أعيناه عينا أخيك؟!

وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك

بيدٍ سيفها أثْكَلك؟

سيقولون:

جئناك كي تحقن الدم..

جئناك. كن يا أمير الحكم

سيقولون:

ها نحن أبناء عم.

قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

واغرس السيفَ في جبهة الصحراء

إلى أن يجيب العدم

إنني كنت لك

فارسًا،

وأخًا،

وأبًا،

ومَلِك!

لا تصالح..

ولو حرمتك الرقاد

صرخاتُ الندامة

وتذكَّر..

إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة

أن بنتَ أخيك اليمامة

زهرةٌ تتسربل في سنوات الصبا

بثياب الحداد

كنتُ، إن عدتُ:

تعدو على دَرَجِ القصر،

تمسك ساقيَّ عند نزولي..

فأرفعها وهي ضاحكةٌ

فوق ظهر الجواد

ها هي الآن.. صامتةٌ

حرمتها يدُ الغدر:

من كلمات أبيها،

ارتداءِ الثياب الجديدةِ

من أن يكون لها ذات يوم أخٌ!

من أبٍ يتبسَّم في عرسها..

وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..

وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،

لينالوا الهدايا..

ويلهوا بلحيته وهو مستسلمٌ

ويشدُّوا العمامة..

لا تصالح!

فما ذنب تلك اليمامة

لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،

وهي تجلس فوق الرماد؟!

(4)

لا تصالح

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟

وكيف تصير المليكَ..

على أوجهِ البهجة المستعارة؟

كيف تنظر في يد من صافحوك..

فلا تبصر الدم..

في كل كف؟

إن سهمًا أتاني من الخلف..

سوف يجيئك من ألف خلف

فالدم الآن صار وسامًا وشارة

لا تصالح،

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

إن عرشَك: سيفٌ

وسيفك: زيفٌ

إذا لم تزنْ بذؤابته لحظاتِ الشرف

واستطبت الترف

تابع مواقعنا