صراع باشاغا والدبيبة.. ليبيا بين سندان الحرب ومطرقة المفاوضات | تقرير
سيناريو متكرر تعيشه ليبيا في الوقت الحالي، ما بين حكومة مكلفة برئاسة فتحي باشاغا، لإدارة فترة انتقالية جديدة للبلاد أملًا في الوصول إلى عقد انتخابات رئاسية وبرلمانية ينتظرها الليبيون منذ أكثر من عشر سنوات، وحكومة أخرى برئاسة عبد الحميد الدبيبة جرى اختيارها من قبل مؤتمر الـ 75 بدعم من الأمم المتحدة وتزكية من مجلس النواب الليبي الحالي، بعد حرب دامية في البلاد بين حكومة فايز السراج والجيش الوطني الليبي، إلا أن الحكومة التي يترأسها الدبيبة ترفض تسليم السلطة للحكومة الجديدة بزعم أنها مستمرة لحين إجراء الانتخابات الرئاسية الأولى في تاريخ البلاد منذ استقلالها، لتنقسم البلاد مرة أخرى ما بين شرق وغرب ويعود الشعب مجددًا ليتوسط ساحة النزاع بين طرفي الأزمة.
على الجهة الشرقية يقف فتحي باشاغا رئيس الحكومة الجديدة المعلنة من قبل مجلس النواب، معلنًا أن حكومته ستتسلم مهام عملها دون استخدام القوة، فيما يخرج على الجهة الغربية رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة معلنًا رفضه القاطع تسليم السلطة، ومجددًا تأكيده بأنه حكومته تتميز بحصولها على الشرعية الدولية من قبل الأمم المتحدة، لتصل الأزمة بين كلا الطرفين إلى حد زحف المليشيات العسكرية وتحركها داخل وخارج العاصمة الليبية طرابلس، ما جعل ليبيا على شفا اندلاع حربًا بين أنصار مؤيدي الحكومتين.
الدبيبة وباشاغا أبناء مصراتة في صراع رئاسة الحكومة
محمد الكبير، رئيس مبادرة السلام للمصالحة الوطنية الليبية، يرى أنه من الصعب الوصول إلى حد نشوب حرب بين باشاغا والدبيبة، معللا ذلك بأن كليهما ينتميان إلى مدينة مصراتة، ما يتيح توسط مشايخ القبائل فيما بينها.
الكبير لفت في تصريحات لـ القاهرة 24، إلى وجود مشايخ قبائل مصراتة التي ينتهي إليها كل من فتحي باشاغا رئيس الحكومة الجديدة، وعبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها حال دون نشوب صراع جديد على مدى الأيام الماضية.
وأوضح رئيس مبادرة السلام للمصالة الوطنية في ليبيا، أن ما حدث خلال الأيام الماضية تمثّل في تحرك بعض الكتائب من مصراته لاستقبال باشاغا في مطار معيتيقة الدولي، إلا أن بعض الميليشيات الموالية للدبيبة اعترضت طريقها ما تسبب في تأجيج الأوضاع وارتفاع المشاحنات العسكرية بين الطرفين، إلا أن تدخّل مشايخ القبائل حال دون اصطدام الطرفين عسكريا بالطرق المؤدية للمطار.
الترشح للرئاسة مقابل تسليم السلطة
في ذات السياق بدأت الأطراف الليبية في الحديث عن عودة المفاوضات بين جميع الأطراف الليبية لتسليم السلطة للحكومة الجديدة، بعدما قالت مصادر ليبية إن عبد الحميد الدبيبة اشترط ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة مقابل تسليم السلطة للدبيبة، وفقًا لوسائل إعلام ليبية.
الأمم المتحدة تعمل على مواصلة الصراع
فيما يرى الدكتور عادل ياسين، رئيس مجلس التعاون الدولي والعلاقات الدبلوماسية في ليبيا، أن الأوضاع الحالية بين الطرفين متأزمة خاصة أن الصراع الحالي يجري على المناصب القيادية في الأجسام السياسية.
وأضاف ياسين في تصريحات لـ القاهرة 24، أن الخلاف بين حكومة الدبيبة ومجلس النواب الليبي ليس وليد اللحظة خاصة في ما يتعلق بالمناصب والمكاسب المالية بين الطرفين.
وأشار رئيس مجلس التعاون الدولي والعلاقات الدبلوماسية في ليبيا، إلى أن الأطراف الخارجية وفي مقدمتها الأمم المتحدة، تسعى لإطالة أمد الأزمة الليبية، وأن يبقى الوضع كما هو عليه، مؤكدًا أن جميع الأطراف تخشى الوصول إلى الانتخابات في الوقت الحالي، خاصة أن الشعب يسعى لاختيار شخصية من خارج المناصب والأجسام السياسية الحالية لتولي رئاسة البلاد، وهو ما دفع الأجسام الحالية لتأجيل الانتخابات لاستمرارها في مناصبها الحالية.
وتابع الدكتور عادل ياسين، أن الأطراف الخارجية تعمل على تأجيج الموقف، وبعض الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ليس من مصلحتها استقرار ليبيا ولا تريد الوصول لاتفاق بين الأطراف بشكل عام، وتعمل على إطالة أمد الأزمة الليبية لمواصلة الاستفادة من تواجدها في الأراضي الليبية، وخاصة النفط الليبي.
إدارة الصراع الليبي من الخارج
أما المستشار عز الدين عقيل، السياسي الليبي، فيرى أن الصراع الحالي ليس بين الأجسام السياسية الليبية، وإنما يتم إدارته من قبل أطراف خارجية لتمكينهم من البقاء في السلطة مقابل الحصول على الدعم الخارجي.
وقال عقيل في تصريحات لـ القاهرة 24، إن الصراع الحالي في ليبيا يتم إدارته من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من جهة، وبين موسكو من جهة أخرى خاصة بعدما تسببت تلك الأطراف الخارجية في تأجيل الانتخابات عقب ترشح سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي الراحل للانتخابات الرئاسية في مواجهة كل من فتحي باشاغا رئيس الحكومة الجديدة المكلفة، وعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة المنتهية ولايتها.
ودوليًا، أكدت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز، أن طرفي النزاع قد يجريان محادثات مباشرة، لحل الأزمة السياسية في البلاد، مؤكدة أن الأمم المتحدة لا تحبذ أيًا من الجانبين، ولسنا في مجال تأييد الحكومات أو الاعتراف بها، وذلك في مقابلة لها مع وكالة بلومبيرج الأمريكية.
وتعيش الساحة السياسية الليبية حالة من التوتر عقب أداء الحكومة الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، اليمين القانونية أمام مجلس النواب، في حين تواصل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تمسكها بمواصلة مهامها لحين إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، فيما توترت الأوضاع ما بين الطرفين وسط تحركات عسكرية في محيط العاصمة الليبية طرابلس من قبل القوات الموالية لكلا الطرفين، الأمر الذي من شأنه أن يهدد بنشوف حرب من شانها أن تعيد البلاد للمربع الأول مجددًا ما يهدد باندلاع حرب أهلية بين شرق البلاد وغربها في تكرار لما حدث منذ عام 2011 وصولًا لما قبل حكومة الدبيبة.