في ذكرى رحيله.. كيف نظر ابن خلدون إلى التعليم والفكر في مقدمته الشهيرة؟
تحل اليوم، ذكرى رحيل ابن خلدون، المفكر، والمؤرخ، والعالم العربي الشهير، والذي توفى في 19 مارس من عام 1406، والذي يعد أحد أهم المصادر العلمية في العالم، وأحد مصادر الفكر الحديث، وخاصة في علوم الاجتماع، كان فكر ابن خلدون نتاج وخلاصة الفكر العلمي والسياسي والأدبي والفكري في مجتمع الإسلامي.
كان ابن خلدون مفكرا، ومؤرخا، حيث أضاف للتأريخ نكهة فلسفية فكرية، لم تكن معتادة، وذلك يرجع إلى اهتمامه في الأصل بالعلوم الفلسفية، التي كان يدرسها في مقتبل حياته، حيث أنتج كتابًا يضم أهم أفكار المتكلمين المتقدمين والمتأخرين، وهو في العشرين من عمره.
اتجه فكر ابن خلدون للتاريخ عندما كان على مشارف الأربعين من عمره، وظل قرابة الأربع سنوات يفحص التاريخ، ويحاول رصد الوقائع التاريخية، وربط السياق التاريخي لكل ما جرى قديما، ووضع معادلة تتكون من حيثيات للحكم على الأمر، وهي الزمان، والمكان، والعادات، والإطار التاريخي، والخلفية، وفي البداية كان فقط يبحث في ذلك لنفسه، لا بقصد أن يكون مؤرخا، لكنه وصل إلى نتائج هامه، دفعته للتدوين، ليصبح تاريخ ابن خلدون أحد أهم مصادر التاريخ.
ابن خلدون والفكر
تعد مقدمة ابن خلدون هي العمل الأشهر، والأهم، التي أورد فيها الكثير من الأفكار والنتائج الحساسة، والمؤسسة للعديد من العلوم والأفكار، ومما اهتم به في مقدمته، كان التربية، وتعليم الأفراد، ودورهما في العمران البشري، لرؤيته بأن الإنسان ميزه الله عن الحيوان بالفكر، ليهتدي به لتحصيل معاشه، والتعاون عليه بأبناء جنسه.
ورأى ابن خلدون بأن الفكر، هو الأداة التي تستخدم لتحصيل الطباع، من خلال الرجوع إلى من سبق بعلمه، أو أخذ ذلك من الأنبياء المتقدمون، وخلال ذلك، يتعرض الإنسان للكثير من الأفكار المتداخلة، والتي يحتاج حينها إلى العلم والمعرفة، من أجل تمييز ما يتلقاه، ويرى ابن خلدون بأن العلم والتعليم في عمومه طبيعي في البشر.
ابن خلدون وطرق التعليم
وكان لـ ابن خلدون في مقدمته العديد من الآراء، في طرق التعليم، حيث رأى بأن الشدة على المتعلمين أمر مضر، ومرهق، خاصة للصغار، وعلل بأن الشدة، وإرهاق النشء بالتعليم، يؤدي إلى ذهاب النشاط عن المتعلم، وإبداله بالكسل، وتحمل على تعلم الكذب، والمكر، والخديعة.
عدد ابن خلدون في مقدمته العديد من النصائح والرؤى حول قضية التعليم، منها وجوب تعليم المتلقي بشكل تدريجي، والعمل على التركيز على ملكة المتعلم، حيث أنه إن نمت لدى المتعلم ملكة في علما من العلوم، حصل له النشاط الكبير وحمله ذلك على طلب المزيد والنهوض إلى ما هو أعلى، حتى وصوله إلى غايات هذا العلم، وقال ابن خلدون بأن الملكات إنما تنشأ من التكرار، وعلته بأن الفعل إذا تم نسيانه، نسيت الملكة معه.