صراع بايدن وبوتين.. لماذا صوتت ليبيا ضد روسيا في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة؟
انتقل صراع الولايات المتحدة وروسيا داخل الأراضي الليبية إلى قاعة الأمم المتحدة، بعد أن صوتت ليبيا لصالح المشروع الأمريكي بتجميد عضوية روسيا بالمجلس الأممي، لتكون البلد العربي الوحيد الذي يصوت لصالح هذا القرار، الأمر الذي وضع ليبيا في مشهد الصراع الأمريكي والغربي ضد روسيا في أوكرانيا، ولكن الأمر ليس موقفًا سياسيًا بل عدة أمور متشابكة.
فخلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس، صوتت ليبيا، بالموافقة على تعليق عضوية روسيا بمجلس حقوق الإنسان الدولي للأمم المتحدة، معلنة تأييدها للقرار الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وبخاصة عقب الكشف مئات الجثث في أعقاب انسحاب القوات الروسية ببعض من القرى بالقرب من العاصمة الأوكرانية كييف، أثار العديد من التساؤلات عن سبب تأييد طرابلس للقرار، وانضمامها للمعسكر الأوروبي الأمريكي في مواجهة موسكو، في ظل وجود حكومتين إحداها برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والأخرى منتخبة من قبل مجلس النواب الليبي برئاسة فتحي باشاغا.
الصراع الروسي الأمريكي في ليبيا
فحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، تحظى بدعم أمريكي وأوروبي، للاستمرار في مهامها وعدم تسليم السلطة للحكومة المنتخبة من قبل مجلس النواب الليبي برئاسة فتحي باشاغا، كونها تحظى بتأييد من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يحظى بدعم روسيا في مواجهة التدخلات الأمريكية بليبيا.
وفي ذات السياق يرى الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولي والمحلل السياسي الليبي، أن تصويت حكومة الدبيبة ضد روسيا بالأمم المتحدة ليس مستغربًا في ظل دعم واشنطن وحلف الناتو لاستمرار حكومة الدبيبة على رأس السلطة الليبية.
وأضاف الزبيدي لـ القاهرة 24، أن الحكومة الليبية الحالية مرتهنة في قرارها السياسي للإدارة الأمريكية، مؤكدًا أن السياسة الخارجية لطرابلس يتم إدارتها من قبل السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، بالتنسيق مع وزير الخارجية الليبية نجلاء المنقوش.
تأثير الحرب الروسية الأوكرانية في ليبيا
وأردف أستاذ القانون الدولي الليبي، بأن ليبيا في ظل الحكومة الحالية تخضع لرؤية حلف الناتو في القضايا الدولية إثر وجود القوات التركية في الغرب الليبي، ووجود قوات إيطالية في مصراتة، وهما دولتان رئيسيتان في حلف شمال الأطلسي الناتو.
وأوضح الزبيدي أن حكومة الوحدة الوطنية ترى في موسكو عدوًا لها، بسبب وقوف روسيا إلى جانب الجيش الوطني الليبي في مواجهة القوات الخارجية والميليشيات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في الغرب الليبي.
وأضاف الدكتور محمد الزبيدي، أن بقاء حكومة الوحدة الوطنية في سدة الحكم بليبيا مرتهن بتأييد الإدارة الأمريكية لها، مشيرًا إلى أنه في حال أغضبت حكومة الدبيبة البيت الأبيض بتصويتها لصالح روسيا، أو في أي من المواقف الخارجية، سيتم إزحتها من المشهد السياسي الليبي وإنهاء بقائها في السلطة، وهو ما يمكن تفسيره بأن حكومة الدبيبة تسعى لاسترضاء البيت الأبيض للاستمرار في سلطتها.
وفي ذات السياق شهدت العاصمة الليبية طرابلس العديد من اللقاءات الأمريكية بوزيرة خارجية حكومة الدبيبة نجلاء المنقوش، للتأكيد على دعم واشنطن للمسار السياسي في ليبيا من خلال حكومة الوحدة، وتعزيز التعاون بين البلدين، إلى جانب اختيار وزارة الخارجية الأمريكية للمنقوش للجائزة الدولية للمرأة الشجاعة، التي تمنحها الخارجية الأمريكية سنويًا.
سبب تصويت ليبيا ضد روسيا في الأمم المتحدة
وعلى الصعيد الأوروبي، أعلنت إيطاليا أنها أبرمت أولى صفقاتها للحصول على مزيد الغاز من ليبيا، ليحل محل الغاز الروسي، عقب الحرب الروسية على اوكرانيا، وفقًا لوكالة رويترز.
في حين يرى الدكتور عادل ياسين، رئيس مجلس التعاون الدولي والعلاقات الدبلوامسية في ليبيا، أن الحكومة الليبية تسعى من خلال التصويت للحصول على تأييد أمريكي للبقاء في السطلة في صراعها مع حكومة فتحي باشاغا المنتخبة من قبل مجلس النواب الليبي.
وأضاف ياسين، لـ القاهرة 24، أن السياسة الخارجية للحكومة الليبية يتم إدارتها من قبل السفير الأمريكي بطرابلس، وأن حكومة الوحدة تريد كسب ود إدارة بايدن، والمستشارة الأممية في ليبيا ستيفاني وليامز، للبقاء في صدارة السلطة الليبية، في ظل انقسام البلاد ما بين حكومتي الدبيبة وباشاغا.
وفي ذات السياق، يذكر أن موسكو كانت هددت في سبتمبر الماضي، باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن، ضد التصويت على مشروع قرار مقدم من بريطانيا، ومدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية، يجدد لعام واحد ولاية البعثة السياسية للأمم المتحدة في ليبيا التي تترأسها ستيفاني وليامز.
وفي تهديدها قالت موسكو، وفقًا لوكالة تاس الروسية، إن اعتراضها لم يكن على التجديد للبعثة بعينه بل على اللغة التي استخدمها مشروع القرار، للمطالبة بانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وتحديد دور المبعوث الأممي إلى هذا البلد.
كما أن موسكو تدعم الجيش الوطني الليبي في الشرق الليبي، فيما تدعم أمريكا حكومة الوحدة الوطنية الليبية، إلى جانب وجود قوات عسكرية تركية – إحدى دول حلف الناتو- لدعم الحكومة في مواجهة الجيش الليبي، الأمر الذي جعل من طرابلس حديقة خلفية للصراع الروسي الأمريكي، إذ قال اللورد البريطاني سارفراز، عضو مجلس اللوردات البريطاني، في تصريحات لصحيفة أوراسيا ريفيو الأمريكية، إن الصراع الغربي من أجل ليبيا لم ينته بعد.
وأوضح اللورد البريطاني، أن دول الغرب في طليعة منافسة جيوسياسية أكبر بكثير مع النفوذ الروسي في ليبيا، مؤكدًا أن الوجود الروسي في ليبيا من شأنه أن يظل خطرًا مباشرًا على الغرب في الدولة النفطية، مشددًا على أن ليبيا ستكون فضاءً لتسوية الحسابات بعد حرب أوكرانيا وروسيا من جهة وأمريكا وحلفائها الغربيين من جهة أخرى.