الإثنين 23 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

محمد حميدة يكتب: ليبيا قبل نقطة اللا عودة

الثلاثاء 12/أبريل/2022 - 04:12 ص

في ليبيا يصعب توقع مسار الأزمة بدقة أو نتائج أي اتفاق، منذ العام 2011 وحتى الآن أكدت التقلبات السياسية المفاجئة تلك النظرية، غير أن الحديث عن سيناريوهات قصيرة المدى يمكن توقع نتائجه، بعد ما تأكد أن المسارات التي يتفق عليها دائما تتوج بأزمة جديدة يمتد عمرها لأطول من عمر الفترة التي اتفق عليها كمرحلة انتقالية توافقية.  

الأزمة التي عاشتها ليبيا مع المؤتمر الوطني العام وما آلت إليه الأوضاع خلال فترة حكومة الوفاق، وما تعيشه البلاد حاليا في ظل حكومة الدبيبة المنتهية ولايته بعد تشكيل حكومة جديدة بقيادة فتحي باشاغا، فضلا عن قرار سحب الثقة في سبتمبر من العام 2021، هي نفس الأزمة بتفاصيل مغايرة، والتي بدأت منذ فترة المؤتمر الوطني العام. 

 لكن الثابت أن رأس السلطة الذي يصل بتوافق يرفض تسليمها إلا بعد أزمة كبيرة راح ضحيتها العشرات خلال المواجهات المسلحة بين الشرق والغرب خلال فترة السراج.

 خلال الأيام الأخيرة وفي ظل انشغال العالم بالأزمة بين روسيا والغرب في أوكرانيا، تعمل بعض الأطراف في ليبيا على تحريك النار تحت الرماد مرة أخرى. 

 لكن هذه المرة يمكنها أن تحرق الأخضر واليابس إن اشتعلت مجددا، مع الأخذ بعين الاعتبار التغير الذي طرأ على العلاقات بين الدول الفاعلة في المشهد الليبي باعتبار أن الأزمة الليبية ظلت رهينة التوافق أو الخلاف الدولي.

حكومة الدبيبة أقحمت نفسها في الأزمة العالمية
 

وباعتبار أن حكومة الدبيبة أقحمت نفسها في الأزمة العالمية الحالية بانحيازها لطرف على حساب مصلحة ليبيا، من أجل التمسك بالكرسي بينما كان يمكنها النأي بليبيا خاصة في ظل حساسية الوضع والأزمة الداخلية لكنها انحازت لمصلحة الأشخاص على حساب الوطن، الأمر الذي وضع المشهد في ليبيا على المحك، خاصة في ظل نفوذ تيار الإسلام السياسي في الغرب، الذي لا يترك فرصة من أجل السيطرة، حتى وإن كان ذلك عبر الاستعانة بالخارج، وربما يعيدنا الأمر لمواقف جماعة الإخوان في مصر، وما فعلته قبل الانتخابات وخلال العام الأسود الذي حكمت فيه مصر.

في 9 إبريل علقت اللجنة العسكرية التابعة للجيش الليبي أعمالها ورفضت ممارسات حكومة الدبيبة، وهو الأمر الذي يجب أن يأخذ على محمل الحذر الشديد، إذ أن الخطوات التي تحققت من فتح الطرق وجلوس الأطراف العسكرية مع بعضها ونقاشها حول توحيد المؤسسة العسكرية (رغم عدم التنفيذ) جميعها خطوات إيجابية كان يمكن البناء عليها مع الحكومة الجديدة لتنفيذ خطوات جديدة نحو توحيد  البلاد، غير أن بعض الأطراف وعلى رأسها تيار الإسلام السياسي لا ترغب في الذهاب نحو هذا المسار إلا إذا كان تحت سيطرتها، وهو ما لن يتحقق. 

في الكواليس قدمت بعض الأطراف دعمها لحكومة الدبيبة من أجل ضمانات تتعلق بإمدادات الطاقة، وكذلك من أجل إبقاء الأوضاع تحت السيطرة وإفشال التوافق الليبي الذي جرى بين الأطراف الليبية والتقارب غير المتوقع الذي نتج عنه حكومة الاستقرار.

الحديث عن إجراء انتخابات خلال العام الجاري قد تكون فكرة جيدة يرحب بها الجميع، لكنها غير ممكنة في ظل حكومة الوحدة الوطنية والتي أفشلت العملية التي جاءت من أجل تنفيذها في المقام الأول، ما يعني أن الطرح الأممي لا يبدو مريحا خاصة مع ربط العملية الانتخابية ببقاء الحكومة المنتهية ولايتها، لكنه في حقيقة الأمر هو محاولة إبقاء على المشهد على ما هو عليه لا أكثر. 

لا أحد يمكنه  ضمان تنفيذ الحكومة الجديدة الالتزامات التي شكلت على أساسها حال استلامها للسلطة، لكن يبقى الأمل أن تقود حالة تراجع التوتر إلى خطوات أكثر إيجابية وتوحيد المؤسسات والعمل على إجراء الانتخابات بما يضمن تأمين نتائجها وتمكين من يصل إلى الرئاسة أو البرلمان من ممارسة مهامه، بدلا من تكرار المشهد الحالي ورفض تسليم السلطة أيضا تحت أي ذريعة حينها.

الخلاصة أن الأطراف الليبية بحاجة لتغليب المصلحة الوطنية في الوقت الراهن، وعدم الارتهان لأي حسابات لأطراف دولية أو مواقف ما يمكن أن تعصف بالمشهد بشكل كامل وقد تقود البلاد لمرحلة غير مسبوقة، حيث لا تزال الفرصة قائمة قبل مرحلة اللاعودة التي ربما تدفع نحوها بعض الأطراف المستفيدة من استمرار الصراع. 

محمد حميدة هو كاتب صحفي ومحلل سياسي متخصص في القضايا الدولية.

تابع مواقعنا