لمرورها بأزمة وقود.. هل تستخدم أمريكا قانون نوبك للضغط على أوبك بلس لزيادة الإنتاج؟
تمر الولايات المتحدة بأشد أزمة وقود في تاريخها، حيث ارتفع سعر البنزين إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، نتيجة تراجع طاقة التكرير بنحو 5% منذ أزمة كورونا، وهو ما يشير إلى احتمالية إقرار قانون نوبك، الذي وافقت عليه اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأمريكي، ويهدف لمساءلة الدول الأعضاء في أوبك بلس، بدعوى التآمر لرفع أسعار البترول عالميًا، وفقا لما ذكره المشرعون الأمريكيون.
ويلتزم تحالف أوبك بلس بخفض الإنتاج، وذلك بعد وصول الأسعار إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال أزمة كورونا، إلا أنه يعمل على زيادة الإنتاج بنحو 400 ألف برميل يوميًا كل شهر، حتى لا تغرق السوق بالإمدادات، إلا أن هذه الزيادة غير كافية لخفض الأسعار، التي وصلت إلى مستويات قياسية مع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى الرغم من تراجعها إلا أنها ظلت فوق مستوى 100 دولار للبرميل.
قانون نوبك مجرد وسيلة ضغط
قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن قانون نوبك هو مجرد وسيلة ضغط، وهذه ليست المرة الأولى لمناقشة إصدار هذا القانون فقد نوقش أول مرة في الكونجرس عام 2007 ولكن لم يصدر، موضحًا أنه لكي يصدر القانون لابد من موافقة مجلس الشيوخ عليه ثم موافقة مجلس النواب ثم موافقة الرئيس الأمريكي عليه وإقراره.
أضاف غراب، أنه بعد اضطراب مبيعات البترول الروسي، وهي ثاني أكبر مصدر للبترول في العالم بعد السعودية، إضافة لاستمرار الحرب الروسية وارتفاع معدلات التضخم في أمريكا لأعلى مستوى لها من عشرات السنين، إضافة لرفع البنك الفيدرالي الفائدة وارتفاع الأسعار، أثر بالسلب على المواطن الأمريكي، وهذا ما جعل نواب من الحزب الجمهوري والديمقراطي بمجلس الشيوخ الأمريكي يلجأون لمناقشة إمكانية تمرير قانون نوبك للضغط على الدول المنتجة للبترول بزيادة الإنتاج وبالتالي انخفاض سعره عالميا.
وأوضح أن القانون يلغي الحصانة السيادية التي تحمي دول أوبك وشركات البترول من المقاضاة، وإذا أصبح قانونًا ساريًا سيصبح بمقدور وزير العدل الأمريكي مقاضاة دول أوبك وأوبك بلس أمام المحاكم الاتحادية، لافتًا إلى أنه من الصعب إصدار قانون نوبك، لتأثيره السلبي بالضرر المباشر على أمريكا أولًا، إضافة إلى أن تنفيذ الحكم من قبل محكمة أمريكية في مكافحة الاحتكار على دول أجنبية من الصعب تنفيذه وهذا هو سبب تعطيل إصدار قانون نوبك منذ ما يقارب الـ 20 عاما.
قانون نوبك يضر بالمنتجين في أمريكا
وذكر غراب أن معهد البترول الأمريكي أكد في تقرير له أن القانون يضر بمنتجي البترول والغاز في أمريكا أولًا، وذلك عن طريق إما أن يرفع المنتجون أسعار بيع الخام لأمريكا، أو يرفعون سقف الإنتاج أعلى من حاجة السوق وبالتالي ينخفض سعر البترول لدرجة تتجاوز قدرة شركات البترول الأمريكية على الإنتاج، ما يعقبه تجميد أنشطة الحفر بها، كما قالت مجموعة "كلير فيو إنرجي بارتنرز" إن أي ضخ إضافي للبترول من منتجي أوبك في ظل نقص الامدادات الروسية قد يجمد أنشطة الحفر في أمريكا وهذا يعرض أمن الطاقة المحلي للخطر.
وأردف الخبير الاقتصادي، بأن أمريكا تخشى عواقب إصدار القانون وبنسبة كبيرة لن يصدر، موضحًا أن دول أوبك أيضا تملك عقوبات قد تفرضها على أمريكا في حالة إصدار القانون، ففي عام 2019 عندما لمحت واشنطن بإصدار القانون هددت السعودية ببيع إنتاجها بعملات غير الدولار وهذا يعد تقويضًا لعملة الاحتياطي الرئيسية وتقويض نفوذ واشنطن في التجارة العالمية، وإضعاف قدرتها على فرض عقوبات على دول أخرى.
وأكمل أن دول أوبك تملك فرض عقوبات أخرى ضد أمريكا منها تقليل استيراد المزروعات من أمريكا، ووقف شراء السلاح الأمريكي، إضافة إلى تقليص الاستثمارات الامريكية في دول أوبك أو تقليص الاستثمار في أمريكا، وغيرها من العقوبات التي تؤثر بالسلب على أمريكا.
وأشار غراب، إلى أن موقف البيت الأبيض حتى الآن لم يعلن رسميا، وما أعلن من تصريحات غير رسمية قلقة من إصدار القانون، موضحًا أن البيت الأبيض في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش قد استخدم حق الفيتو في إيقاف إقرار نسخة سابقة من هذا القانون، متوقعًا أن لا يتم إصدار قانون نوبك لخطورته على الاقتصاد الأمريكي أولا.