الفتوى والتشريع: الدولة أنصفت المخترعين والمبدعين بإنشاء جهاز للحقوق الفكرية بصلاحيات كاملة
انتهت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، برئاسة المستشار أسامة محرم النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، إلى تمتع الجهاز القومي للملكية الفكرية المُزمع إنشاؤه وفقًا لحكم المادة 69 من الدستور، بجميع السلطات والاختصاصات والصلاحيات الفنية والتنفيذية المتعلقة برعاية وحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها في المجالات كافة.
وأوضحت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع: جاءت الفتوى؛ ردًا على خلاف أُثير بين الجهات المعنية في الدولة، حول آلية تطبيق نص المادة 69 من الدستور، فيما يتعلق باختصاصات وسلطات الجهاز المُزمع إنشاؤه "حقوق الملكية الفكرية"، وما إذا كان الجهاز المقصود بهذه المادة، لا يعدو أن يكون جهازًا تنسيقيًّا، بحسبان أن النص الدستوري المشار إليه لم يتضمن دمج الإدارات والمكاتب المختصة بحماية حقوق الملكية في جهاز واحد، يجمع اختصاصات مكاتب الملكية الفكرية كافة، أم هو المنوط به دون غيره رعاية حقوق الملكية الفكرية وحمايتها القانونية، بحيث يضم مكاتب الملكية الفكرية بفروعها الأربعة (براءات الاختراع- العلامات التجارية- حقوق المؤلف- الأصناف النباتية)، وإذ عُرض الرأيان سالفا الذكر على رئيس الجمهورية؛ فتفضل بالتوجيه بإحالة المسألة برُمتها إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
وأضافت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع: وثبت للفتوى، أنه نزولًا من المشرع الدستوري على الاعتبارات التي تُلزم الدولة بمعايير الشفافية والحوكمة، ودعم محاور التنافسية وتشجيع الاستثمار، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، ومن ضمنها الملكية الفكرية؛ لما لها من دور رئيس في تعزيز الابتكار والإبداع وتحفيز البحث والتطوير وإنتاج التكنولوجيا وتنمية الثقافة والفنون، ورغبةً منه في معالجة الوضع التشريعي القائم الذى يُوزع الاختصاص بقيد وتسجيل حقوق الملكية الفكرية بين العديد من الجهات الإدارية، وما أفضى إليه ذلك من تشابك فى الاختصاصات بين هذه الجهات، وظهور العديد من السلبيات والمعوقات أمام أصحاب هذه الحقوق.
وتابعت: لذا سَنّ المُشرع المادة 69 المشار إليها مُستحدثًا التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها في المجالات كافة، وكذا إنشاء جهاز مختص برعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية؛ وأنه ولئن كانت هذه المادة لم تتضمن الإشارة صراحةً إلى دمج المكاتب والمصالح والجهات المختصة بحماية حقوق الملكية الفكرية بأنواعها المختلفة فى هذا الجهاز، فإن من مقتضى إعمال حكمها أن يحلّ الجهاز المشار إليه محلّ هذه الجهات، فى ضوء أن مفهوم "الجهاز" ينصرف إلى السلطة التنفيذية المسئولة عن تنفيذ القانون وفرضه على أرض الواقع، بما لديها من صلاحيات قانونية تجعل لها القدرة على إنفاذ قراراتها فى مواجهة أصحاب الشأن.
وأشارت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع، إلى أن المشرع الدستوري عهد إليه برعاية وحماية حقوق الملكية الفكرية، وهو الاختصاص ذاته الذى كان معقودًا للجهات المارّ ذكرها بموجب أحكام قانون الملكية الفكرية المشار إليه، بما مؤدّاه أن يكون الجهاز هو المسئول عن تطبيق النظام التشريعي المقرر لحماية هذه الحقوق، وعلى ذلك فإنه لا مجال للاجتهاد فى تفسير الغايات المقصودة من هذه المادة مع وضوح حكمها على النحو سالف البيان.
ورأت الفتوى، أنه لا مناص من جمع شَتات هذه التشريعات بوضع تنظيم تشريعي يُعهد فيه إلى جهاز مستقل يتمتع بالفاعلية، واليَدّ الطولي فى حماية هذه الحقوق، وذلك على غرار (IP OFFICE) الذي يوجد في بعض دول أوربا وأمريكا الشمالية، بحسبان أن مكتب (IP) الذى يوجد حاليًّا بمركز البحوث لا يُلبى الاحتياجات والتحديات التي تواجه أصحاب الحقوق المشار إليها، مع ترك الحرية للمشرع في تحديد الآليات التي سيعمل بها هذا الجهاز فى سبيل مباشرته لاختصاصاته، ومنحه المرونة اللازمة لتحقيق أهدافه، بما يستخلص منه أن إرادة المشرع الدستوري قد انصرفت إلى منح هذا الجهاز جميع السلطات والاختصاصات والصلاحيات المتعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية.
وأوضحت الفتوى، أنه لا مجال إلى تأويل هذا النص بالمخالفة لذلك وتفسيره بأن الجهاز المشار إليه لا يعدو أن يكون دوره تنسيقيًّا بين الجهات المعنية بحماية حقوق الملكية الفكرية سالفة البيان، وأن نطاق اختصاصه ينحصر فى التنسيق وتبادل الرؤى والخبرات والأفكار بين الجهات المعنية بتطبيق أحكام قانون حماية حقوق الملكية الفكرية واقتراح مشروعات القوانين المتعلقة بحماية هذه الحقوق وإبداء الرأي في شأنها وكذا فى شأن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الحقوق المشار إليها وتقديم أوجه العون والدعم لتلك الكيانات فى مجال تحديث شبكاتها الإلكترونية أو تدريب العاملين بها أو تطوير منشآتها، واستقدام خبراء الملكية الفكرية ووضع السياسات العامة والاستراتيجيات القومية للملكية الفكرية فى البلاد ومتابعة تنفيذها بعد اعتمادها؛ إذ إن ذلك من شأنه أن يُفرغ النص الدستوري المشار إليه من مضمونه.