هاجم طه حسين بسبب كتاب في الشعر الجاهلي.. لطفي جمعة أول أديب يتحدى عميد الأدب العربي
تحل اليوم ذكرى وفاة الكاتب الكبير والسياسي محمد لطفي جمعة، أحد أعلام النهضة المصرية الحديثة الذي ترك الكثير من المؤلفات في مجالات مختلفة، كما كانت له بصمات سياسية واضحة من خلال انضمامه إلى النضال الوطني مع الزعيمين محمد فريد ومصطفى كامل.
يعد الشهاب الراصد من أهم كتب محمد لطفي جمعة، خصصه بالكامل للرد على كتاب طه حسين في الشعرالجاهلي، وهو الكتاب الذي أنكر فيه عميد الأدب العربي الشعر الجاهلي، وأثار ضجة حوله وقتها وتمت محاكمة طه حسين حينها.
محمد لطفي جمعة يرد على طه حسين
في الشهاب الراصد يقول محمد لطفي جمعة عن كتاب طه حسين: وهذا المؤلف لم يترك فضيلة للعرب في علومهم وتاريخهم وآدابهم وعقائدهم دون أن يحاول هدمها بشدة وقسوة وتهكُّم واستهزاء لم نعهد لها مثيلًا في كتب العلماء، فيخيل للقارئ أنَّ المؤلف يلعب ويلهو بأشرف الأشخاص وأسمى المبادئ التي خلَّفتها المدنية العربية الإسلامية منذ 14 قرنًا.
ويصف لطفي جمعة الكتاب قائلا: والحقيقة أنَّ كتاب في الشعر الجاهلي، عبارة عن بعض نصوص صحيحة أو مزوَّرة، وبعض أكاذيب وأساطير، وشيء من التهويل، وشيء من السياسة، وشيء من الخرق، وكثير من الشعوبية والتعصب ضد العرب وعقائدهم.
ويؤكد لطفي جمعة في كتابه أن طه حسين لم يترك نبيًّا أو صديِّقًا أو عالِمًا أو راويةً أو شاعرًا إلا ابترك في عرضه ابتراكًا، ونال من شرفه وسمعته، وإننا نتحدى هذا المؤلف أن ينقل كتابه أو جزءًا منه إلى لغة أجنبية، فإن وافقه ربع عالم على بعض ما جاء فيه كنا مخطئين وكان هو مصيبًا، ولكننا واثقون من أنه لن يجد من نفسه شجاعة على تفسيره بلغة إفرنجية؛ لئلا يصبح أضحوكة الأجانب، وهم في العلم والتاريخ لا يرحمون مُدَّعيًا، ولا يصبرون على سخف يدلي به مقلد أو مغرور.
ويوجه لطفي جمعة حديثه لطه حسين: لك حقًّا أن تفكر كما تشاء، وتعتقد بما تشاء، وتكتب وتملي ما تشاء، فنحن من أنصار حرية الفكر والقول، ولكن ليس لك مطلقًا أن تتعدى حقك لتعتدي على حقوق الآخرين، فإنَّ للدولة قانونًا يحمي حرية الفكر والاعتقاد، ولهذه الدولة أيضًا قانون يحمي جمهور الأمة الذين خضعوا للقانون، واطمأنوا له وأطاعوه، ولم يعتدوا على حقوق أحد، ولم يمسوا آداب معاصريهم وتاريخهم وعقائدهم.
الحياة الدينية في العصر الجاهلي
ومن النقاط التي يأخذها لطفي جمعة على طه حسين في كتابه في الشعر الجاهلي تأكيد الأخير أن الشعر المنسوب للجاهلية لا يدلنا على الحياة الدينية، ولا يصور لنا عاطفة الدين، حيث يرفض لطفي جمعة هذا الرأي عكس ذلك وأن الشعر الجاهلي يوضح الحياة الدينية عن العرب حيث دانت العرب للأصنام واتخذوها، فكان أقدسها كلها «مناة»، مستشهدا بشعر أحد الشعراء الجاهليي:
إني حلفت يمين صدق برة
بمناة عند محل آل الخزرج