مبارك شعبي مصر
في ظل الأخبار الصعبة التي انتشرت طوال اليوم بخصوص الحادث الآليم الذي أصاب مصر كلها وليس أقباط مصر فقط، لفت نظري قصة البطل المصري الذي يسكن جوار الكنيسة وعندما علم بخبر الحريق قام مسرعًا وحاول أن يكسر الباب ليدخل هو ومجموعة من جيران الكنيسة ليسرعوا بإخراج الأطفال وكبار السن ونقل المصابين.
"محمد" بطل الحكاية يمثل قطاع عريض من شعبنا المصري الجميل، الذي في رحم المعاناة تجده بشهامة يتدخل ويسرع دون التفكير في أي عواقب، بل أيضًا حزن لأنه تعرض لانكسار قدمه مما منعه من تقديم المزيد من المساعدة للضحايا والأطفال.
تلك هي المشاعر التي ربما صرنا نفتقدها بشدة في تلك الأيام، ففي عز الحزن نجد من يبحث أولًا عن حكم الترحم على المسيحيين بدلًا من أن يفكر كيف يساند ويشارك الإنسان الذي يعيش جنبًا إلى جنب معه، يمرون بنفس التجارب سويًا، وفي حروب مصر القديمة كانوا يحاربون جنبًا إلى جنب على الضفة لأن العدو واحد والأرض واحدة.
ولا أستطيع أيضًا أن أخفي إنني حينما كنت أرى بعض التعليقات واستخدام "إيموجي" الضحك سواء على أخبار حرق الكنيسة أو حتى انتقال الأب عبد المسيح بخيت راعي الكنيسة الذي فضل الموت مع الصغار بدلًا من الهروب لينجد نفسه، كان بداخلي الكثير من الغضب والتعجب والاستنكار.
بل ما زاد تعجبي هو إن بعض من لجان الجماعة الإرهابية الذي قرر أن يقارن لماذا ستدفع الحكومة تعويضات كبيرة -من وجهة نظره- للمسيحيين ولم يدفعوا مثلها للمسلمين مما دفعني لأسأل نفسي سؤالًا هاما، هل هناك بيتًا سيغنيه التعويض عوضًا عن ابنه الذي مات؟، بل أن هناك عائلات اليوم لم تفقد ولدًا واحدًا، بل هناك أمهات قدمت ثلاثة من أبناءها للسماء ليصعدوا مع ملاك الذبيحة الصاعة إلى العلو بعد صلاة القداس.
وما بين جدعنة البطل المصري "محمد"، وبين أفعال بعض اللجان الشامتة في كل ما يصيب مصر، تبقى هناك شيئًا واحدًا لا يمكن أن تدركه تلك اللجان، وهي الإنسانية، الإنسانية التي دفعت بمحمد ليسرع ويمد يد المساعدة للأطفال والكبار، ولكنها نزعت من قلوبهم فلم تعد تشعر سوى بكل مشاعر سوداء لا حياة فيها.
ألف تحية لكل شخص مثل "محمد" يحيا بيننا، وألف عار وعار يلحق بكل من يتمنى سقوط دولتنا فقط ليحس بلذة انتصار كاذبة، لأننا بدون وطننا لا يمكن أن يكون لنا نصرًا ولا حياة من الأساس، ورغم تلك المأساة الصعبة مازال ما يطمئنني هو وعد الله في كتابه المقدس بأن " مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ".