دعوة للجهاد.. هل يتسبب خطاب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في حرب بين المغرب والجزائر؟
تسبب رئيس الاتحاد العالمي للمسلمين، أحمد الريسوني، المغربي الجنسية، في حالة من الغضب لدى الجزائر، بعد تصريحات له بشأن قضية الصحراء الغربية، مؤكدًا أنه يؤمن أن الصحراء وموريتانيا تابعتان للمملكة المغربية، وأن العلماء والدعاة والشعب المغربي على استعداد للجهاد بالمال والنفس والمشاركة في مسيرة شبيهة بالمسيرة الخضراء والزحف بالملايين إلى الصحراء ومنطقة تندوف الجزائرية، حال طلب العاهل المغربي ذلك.
الريسوني يطالب بالزحف تجاه الجزائر
واستكمل الريسوني، في حوار تليفزيوني له، أن قضية الصحراء وموريتانيا صناعة استعمارية، وأنها محاولات لاستهداف الوحدة الترابية المغربية، مشيرًا بأصابع الاتهام لدولا عربية وإسلامية بالتورط في دعم وتبني تلك الصناعة الاستعمارية.
تصريحات الريسوي أثارت غضب الجزائريين، خاصة أن الجزائر تدعم استقلال الصحراء الغربية عن المملكة المغربية، وفي ذلك يرى الدكتور إدريس عطية أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، أن ذلك يشير إلى تغير في الصراع المغربي يتعلق بالحرب الدينية ومحاولة استخدام الدين في صراع مع الجزائر.
وأضاف عطية لـ القاهرة 24، أن تصريحات الريسوني تمثل حلقة جديدة يؤكد فيها النظام المغربي على التوجهات التوسعية من خلال شخصيات دينية وتتحدث باسم الدين، مشيرًا إلى أن الريسوني تم استخدامه كأداة من أدوات الحرب ضد الجزائر من قبل الرباط على حساب دول الجوار، متسائلا: كيف لرجل يمثل الدين والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين أن يتحدث عن الجهاد بالدعوة للجهاد ضد مسلمين آخرين؟ معتبرًا أن لمة الريسوني تعني دعوة للحرب.
المغرب يسعى لتطبيع العلاقات مجددًا مع المغرب
وشدد أستاذ العلوم السياسية أن الخطوات المغربية لن تؤثر على الموقف الجزائري بل تزيد الجرح عمقًا بين الطرفين، منوهًا إلى أن المغرب يستخدم أوراق مختلفة لتطبيع العلاقات مع جارته الجزائر، مؤكدًا أن التطبيع لن يحدث بتلك الطرق، ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ينتمي لجماعة الإخوان، في حين أنه لا يوجد صراع بين الإخوان والجزائر، إلا أن المغرب يستخدم الإخوان للتطبيع وزعزعة الاستقرار في دول الجوار، مقابل حصولهم على امتيازات من قبل الملك المغربي، وأن بلاده لن تربط نزاعها مع المغرب بجماعة الإخوان كونهم أدوات يتم استخدامها فقط.
وفيما يتعلق بحديث الريسوني عن الجهاد، قال إدريس عطية، نتمنى أن يكون الجهاد المغربي لتحرير جزيرتي سبتة ومليلة قبل التحدث على دول الجوار ومواجهة المسلمين بعضهم البعض.
تأثير تصريحات الريسوني على العلاقات الجزائرية المغربية
في حين يرى زواني بن يوسف، البرلماني الجزائري السابق، أن تصريحات الريسوني لن تؤثر على العلاقات الجزائرية المغربية، كونها متورتة مسبقًا، مشيرةا إلى أن الريسوني ليس بالحجم الذي يؤتر في العلاقة ولكنه تركا جرحا لدى الجزائريين بدعوته للجهاد نحو تندوف.
وأضاف بن يوسف لـ القاهرة 24، أن حديث الريسوني عن الجزائر وموريتانيا تمثل سقطة كبرى أفقدت مكانته وهيبته لدى الجزائريين والموريتانيين ولدى الكثير في العالم العربي والإسلامي، وأن هناك فرق بين من يدعو لوحدة مغربية أو وحدة عربية وبين من ينطلق من فكرة توسعية تنبع من عصور قديمة.
الريسوني ليس إخوانيًا
ومغاربيًا أكد الدكتور عبد العلي حمي الدين، أستاذ السياسة والقانون الدستوري بالمغرب، عدم انتماء الريسوني، أحد قيادات حزب العدالة والتنمية المنتمي للتيار الإسلامي في المغرب، لجماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أنه يتعرض بسبب تصريحاته لحملة منظمة تقف وراءها جهات رسمية جزائرية وصفها بأنها معروفة بعدائها للمغرب وتدعم الحركة الانفصالية المعروفة في الصحراء.
وأضاف حمي الدين لـ القاهرة 24، أن الريسوني معروف باستقلاليته ونزاهته الفكرية ودفاعه عن قيمة الحرية، وأن مايتعرض له من قبل الجزائر يعد حملة تثبت هشاشة الطرح الانفصالي، مشيرًا إلى أن رأييه - الريسوني- ليس بجديد ولا مستغرب، وأنه يمكن اعتبارها استحضار لحقائق تاريخية مع التسليم بالحقائق الموجودة اليوم على الأرض.
واستكمل، أنه يمكن اعتبار تصريحات الريسوني تمثل نقد للسياسة الرسمية المغربية في التعاطي مع قضية الصحراء وتنبيه صناع القرار في المغرب إلى ضرورة الرهان على الشعب من أجل حسم معركة الصحراء وعدم الرهان على خيار التطبيع مع إسرائيل.
العلاقات الجزائرية المغربية تقترب من القطيعة
وفي سياق متصل، يرى الدكتور نبيل زكاوي، أستاذ العلاقات الدولية جامعة فاس المغربية، أنه تم تضخيم تصريحات الريسوني من قبل الإعلام الجزائري لتبرير انتقاده للمغرب، مؤكدًا أن حديثه نابع من خلفية تاريخية، إلا أنه هناك نوع من المبالغة في بعض حديث الريسوني بشأن الاستعداد الراسخ لمكونات الشعب المغربي للجهاد في سبيل الصحراء، مؤكدًا أن ذلك ليس تحريضًا ضد الجزائر، في تصريحات لـ القاهرة 24.
وأوضح أن العلاقات بين الجزائر والمغرب متوترة وتقترب من القطيعة، مشيرًا إلى أن موقف المغرب هو مبادرة الملك الأخيرة في خطاب العرش عبر سياسة اليد الممدودة للجارة الجزائر، مطالبا بأنه لا يجب أن تنال تصريحات الريسوني من ما تبقى من علاقات بين الجارتين، وأنه لا يمكن للجزائر مؤاخذة الدولة المغربية على خلفية تصريح صادر عن طرف مستقل حتى لو كان مغربيا.
وفي محاولة منه لتوضيح تصريحات، قال الريسوني إن تصريحاته جاءت في سياق تاريخي ولا علاقة لها بالوضع الحالي، كونه يعبر آرائه بمنطق التاريخ والشرع والحضارة، مؤكدًا أن تصريحاته لم تحمل أية أبعاد أو حسابات سياسية، مشيرًا إلى استعداد المغرب للتحاور مع الجزائر بما يمكنه أن ينهي النزاع في المنطقة، في تصريحات صحفية له.