مفندًا الأفكار الإلحادية.. عمرو خالد يرد على السؤال الشائك: هل الكون نشأ بالصُدفة؟
واصل الداعية الإسلامي، الدكتور عمرو خالد، تفنيد الشبهات التي يثيرها البعض بشأن خلق الكون، زاعمين أن" نشأة الكون حدثت بالصدفة"، مدعمًا ردوده بالأدلة المنطقة.
عمرو خالد يفند الشبهات الإلحادية
وفي إجابته على سؤال لأحد الشباب المشاركين، قال خالد في ثالث حلقات برنامج "الفخ": "الحديث عن الصدفة في نشأة الكون أمر غير منطقي، ولا يقبله أي عاقل؛ فمثلًا هل لنا أن نتخيل جمع عدة قرود من الشامبانزي ومنحناهم مجموعة أوراق، وأقلام، ثم أخذت مجموعة القرود ترسم في الأوراق فنجحت في رسم لوحات فنية جميلة تناظر لوحات الرسام العالمي "بيكاسو"، من باب الصدفة؟! هذا غير معقول، ثم ألقينا إليهم أوراق أخرى فكتب القرود قصص تناظر روايات شكسبير.
وأردف حديثه قائلا: "العالم أينشتاين وصل إلى حقيقة ثابتة تقول: (كل ذرة في الكون لا يمكن أن تتحرك إلا بنظام دقيق من إله عظيم)، وعليه فالصدفة قد تحدث مرة أو اثنتين أو ثلاث، لكن لا يمكن أن تتكرر الصدفة مليارات المرات، مثل نطفة الرجل في رحم المرأة تنشئ طفلًا وتتكرر هذه العملية مليارات المرات وينشأ مليارات البشر بنفس الكيفية والخلق والتكوين، لا يمكن أن يكون هذا من باب الصدفة مطلقًا"!.
عمرو خالد: الصدفة قد تحدث مرة.. ولكن لا تنشئ نظامًا
وأكمل خالد شارحًا: "خذ مثالًا آخر، الصدفة قد تحدث مرة، ولكن لا تحدث نظامًا، مثل شركة لها مواعيد حضور وانصراف الموظفين، ولكل منهم مهمة محددة، ثم خطوط الإنتاج وصولًا لمنتج نهائي يباع للجمهور؛ هل هذا النظام يجوز أن يطلق عليه صدفة؟! بالطبع لا؛ فالصدفة لا تنشئ نظامًا، وهذا ليس كلام دين، ولكنه كلام العلم، والعقل".
وأردف: "هناك مثال آخر؛ مناظرة الإمام أبو حنيفة مع مجموعة من الفلاسفة زعموا بأن الكون نشأ صدفة، وعندما تم تحديد موعد للمناظرة تأخر الإمام أبو حنيفة عن موعده متعمدًا، حتى اغتاظ الفلاسفة لتأخره، ثم حضر متأخرًا ساعتين، وعندما سألوه عن سر تأخره، قال: "لم أجد سفينة أعبر بها النهر إليكم، ولكني فوجئت عندما رأيت خشبة تطفو فوق الماء ثم اقتربت مني، واقتربت منها خشبة أخرى، وأخرى حتى تكونت سفينة فركبتها وعبرت بها إليكم؛ فغضب الفلاسفة وقالوا له: أتهزأ بنا وتسخر منَّا كيف يحدث هذا صدفة؟!، فقال لهم الإمام أبو حنيفة: شهدتم على أنفسكم لم تستسغ عقولكم تكوين سفينة فقط بمجرد الصدفة؛ وتزعمون أن هذا الكون بكل ما فيه نشأ بالصدفة؟! فسقط مذهب من يزعمون بأن الكون نشأ بالصدفة".
وساق عمرو خالد في رده أيضًا، ما ذكره أستاذ فلسفة بجامعة أكسفورد، "أنطوني فلو"، والذي كان ملحدًا لا يؤمن بوجود إله للكون، ثم تحول، وألَّف كتابًا أسماه "رحلة عقل"، وانتهى إلى الاعتراف بأن هناك إله خالق للكون، فآمن، وقال فيه: "لا يمكن أن يحدث أنَّ الكون نشأ بالصدفة، فبعد دراستي الفلسفة هداني قلبي إلى أن كل الكائنات في هذا الكون، والنظام الدقيق الذي يحكم الحياة على الأرض، هذا نظام لا يحدث صدفة مطلقًا، ولابد له من خالق، ثم أردت تأكيد هذه النظرية، فذهبت إلى أساتذة الإحصاء، وطلبت منهم نسبة تكرار أي مسألة بمجرد الصدفة، فتوصلوا إلى أن نسبة تكرار أي أمر بالصدفة تحدث مرة واحدة كل مليار عملية، فما بالكم بهذا الكون الدقيق".
ومضى الداعية الإسلامي، ليقول في إجابته على الزاعمين بأن "الكون نشأ بالصدفة": "عالم آخر انجليزي اسمه "شرويت"، أحضر 6 قرود من الشمبانزي، وترك لهم 6 أجهزة حاسوب -كمبيوتر-، وكانت النتيجة عدم قدرة القرود على كتابة أي كلمة صحيحة، أو حتى ترتيب أي حروف بشكل منظم، وهذا دليل آخر على أن مسألة الصدفة مستحيلة الحدوث أو تصنع نظامًا".
وتطرَّق خالد، في الختام إلى قضية الانفجار العظيم، مشيرًا إلى أن القرآن العظيم لم يرفض فكرة الانفجار العظيم، بل أقرها، وأثبت أن هذا الانفجار لم يحدث مصادفة، بل قال الله تعالى: "أولم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما"، وهذا هو الانفجار العظيم، ثم هذا الانفجار حدث نتاج مواد وبكيفية معينة، فمن صنعها؟! وهذا الأمر مستحيل أن توجده الصدفة، ثم قال الله تعالى: "أم خُلِقوا من غير شيء"، فالصدفة لا يمكن أن تُحدث نظامًا وتخلق حيوانات، وبشر، وزروع، ويتكرر هذا الأمر لمليارات المرات".
ويتناول برنامج "الفخ"، الرد على الأسئلة الأساسية التي يقوم عليها الفكر الإلحادي، وتفنيدها بالمنطق والعقل، كما يهدف البرنامج إلى تحصين عقول الشباب من الوقوع في براثن هذا الفكر الذي يبعث على التطرف وإنكار الدين.
ويستضيف خالد ثلاثة من الشباب في البرنامج، للاستماع إلى تساؤلاتهم المختلفة، والاقتراب من منطقة الأفكار الملغمة، والحديث إليهم بأسلوب عصري، وتسليط الضوء على الكثير من النقاط الغامضة التي لم يسبق تناولها في أي برنامج سابق.
ويهدف خالد من ذلك إلى التصدي بكل جرأة لتلك الأسئلة التي يعتبرها الكثير من الناس من "المحرمات"، آملًا أن يجد فيه الشباب الحائر ما يروي ظمأ عطشه ويشبع نهمه الفكري، وحتى لايسقطوا في فخ الإلحاد، إذا ما مضوا في طرح أسئلة دون أن يجيبهم أحد بالأدلة المقنعة والمنطق السديد.