ليس بشيء إنه نصاب.. هكذا استقبل سعد زغلول وفاة مصطفى كامل
في مثل هذا اليوم 10 فبراير 1908 توفي مصطفى كامل أحد أبرز السياسيين في تاريخ مصر الحديث، بعدما قدم العديد من المساهمات في مواجهة الاحتلال الإنجليزي لمصر والدعوة إلى حصولها على الاستقلال الذي عانت منه منذ هزيمة أحمد عرابي أمام قوات الإنجليز.
كيف استقبل سعد زغلول وفاة مصطفى كامل؟
وفي مذكراته التي تعتبر إحدى أهم المذكرات السياسية التي صدرت في التاريخ المصري يكشف الزعيم الراحل سعد زغلول كيف استقبل نبأ وفاة مصطفى كامل فيروي في مذكراته أنه سافر إلى الفيوم وفي مساء يوم وصوله يوم 10 فبراير عام 1908 تلقّى خبر وفاة الزعيم الوطني مصطفى كامل فلم يتأثر تأثرًا بهذا الخبر.
ويضيف: بعد العشاء اجتمع بعض القضاة وأعضاء النيابة وناظر المدرسة وجرى ذكر الفقيد، فلم أُبدِ شيئًا ضدّه، ولكن قلت: سمعت أنه كان يحابي أحيانًا لأغراض شخصية، ولم أرَ معارضًا من السامعين، ولكن موافقتهم لم تكن شديدة ولا ظاهرة ظهورًا بينًا، وقلت إنه كان على علاته نابغًا.
وفي طريق عودته إلى القاهرة حصل على بعض الجرائد فقرأها، وحسب قوله: رأيتها تبكي بكاءً مرًّا وفاة مصطفى كامل، وما وصلت مصر حتى علمت فوق ما قرأت، وأصبحت الناس لا حديث لها إلا الوفاة، وما أصاب الناس من الفزع الأكبر من هولها، وأكثر الناس من الإعجاب بها، ومن كان منهم لا يعبأ بالمتوفى حين حياته اهتم لوفاته اهتمامًا كبيرًا، وعدّ التفاف الناس حوله وبكاء الكثير منهم علامة على تنبّه الشعور الوطني، ودليلًا على نمو الإحساس في الناس، وذهبوا إلى أنه هو الذي أوجد هذا الشعور ونمّاه، وافتتحت «الجريدة» وهي من الجرائد المخالفة له التي كان بينها وبين جرائده خلافات شديدة اكتتابًا لرفع تمثال له، تذكارًا لشأنه، واكتتب الكثير فيه أول مرة بمبلغ أزيد من خمسمائة جنيه.
ويتابع: قاسم أمين من الذين لم يسلموا من لسان المتوفى، فقد حمل على كتابه في تحرير المرأة حملة شعواء، وانتقده أشد الانتقاد، لا اعتقادًا بضرورة، ولكن تقرّبًا من الجناب العالي، ونفاقًا لذوي الأفكار المتأخّرة والمُتعصّبين من الأمّة، ومن الذين كانوا لغاية وفاته يعتقدون أنه نصّاب خدّاع، ومنافق كذّاب.. قاسم بك هذا حضر إليَّ يوم الجمعة 14 فبراير 1908، في اليوم الرابع من الوفاة، وكان أول ما بدأني به: ماذا تقول في وفاة مصطفى كامل؟ إن اهتمام الناس بها لدليل على تنبّه عام، وحياة في الناس جديدة، وهذه قيمة تستحق الإعجاب، وأنه معجب أيضًا للطفي بك السيّد الذي اقترح إقامة التمثال، ولم يبقَ عنده الآن شك في حياة الأمّة ونهضتها.
ورد زغلول على قاسم أمين قائلًا: نعلم أن الرجل ليس بشيء، وأنه نصّاب، فقال قاسم: كذلك ولكن النتيجة التي ترتّبت عليه تستحق الإعجاب.
