عمر الكودي.. ألم الفراق مش سهل يتداوى
الجدعنة.. وصف يعرفه أبناء مصر الأصليين من خيرة شبابها، ومن اختلطت طباعهم بطباعها من كرمٍ وجدعنة ووفاء وعدم البخل بشيءِ مهما عظم الطلب، حيث شهدت قرية شطورة التابعة لمحافظة سوهاج، وفاة شاب كان يتفنن في أداة الواجب رغم إمكانياته البسيطة.
عمر الكودي
أحزنت قلوبنا يا عمر بخير وفاتك لكن هكذا الدنيا يا صديقي؛ بعد قرابة شهر من حادث تصادم على الطريق الصحراوي في بني سويف أجرى على إثرها أكثر من عملية جراحية، ليلقى ربه اليوم ويترك حزنا عميقا في قلوب محبيه كما ترك رسالة قوية للشباب من بعده، مفادها أن عمل الخير لا يحتاج إلى أمول أو مناصب لفعله.
ترى عمر الكودي في الأفراح من الساعات الأولى، يقوم بالتنظيم والمساعدة لأصحاب الفرح والحضور رغم ما عرفناه بالصعيد من العصبية القبلية وأنا ابن فلان وفلان، لكن الشاب لم يكترث بكل هذا، وقدم شعار تقديم الواجب على أي مصطلحات أخرى، ليس وحده الأفراح التي ترى فيها عمر الكودي بل تجده في الأحزان بمقدمة الناس، ولي مواقف عديدة مع هذا الشاب أتذكرها في جائحة كرونا، إذ جاب عمر الكودي جميع شوارع شطورة لرش الكلور ومساعدة الأهالي، وكذلك الحريق الذي راح ضحيته العديد من أبناء شطورة كان هو في الصفوف الأمامية لمجابهة النيران ومحاولة إنقاد الضحايا، كما كان في الصفوف الأولى لحظة تشييع الجنازة من بلدي شطورة حتى يخطر على بالك أنه من أهل المتوفى.
عمر الكودي رغم صغر سنه اجتهد في تقديم الخدمات البسيطة، ومشاركة الأهل والأحباب في أفراحهم وأوجاعهم، نحتاج إلى شباب يتفهم أنفاس الدنيا القصيرة وسرعتها المخيفة وأوجاعها وآلامها وكبدها وساعة الرحيل الخاطفة التي لا تمهلك الكثير، بتنا نشتاق إلى الاستظلال الدائم تحت ظل شجرة الخيرات التي تبقينا في ديمومة من العطاء والأثر الجميل في حياة الناس.. فعل الخير لا يتوقف في زمان ما ولا في مكان ما، ولا يقتصر على أناس دون غيرهم، فكل إنسان مع نفسه يستطيع أن يفعل الخير ولو بكلمة طيبة يسعد بها نفسه ويحفزها إلى أن تكون في مقدمة الركب.
كان عمر الودي على وشك بداية حياته الزوجية التي كثيرًا ما حلم بها، إلا أن طائر الموت كان أقرب إليه من طائر الفرح.
رثاه أصحابه على مواقع التواصل الاجتماعي قائلين: مات الجدع... مات ابن الأصول... مات خيرة شباب القرية.. ربنا يصبرنا على فراقك يا صديقي.
بينما قال آخر خبر منتهى الحزن ويحسسك قد إيه الدنيا صغيرة ولا ليها لازمة، وفاة الشاب الجدع صاحب الواجب المحترم عمر الكودي ابن بلدي وسبحان من تفرد بالبقاء والدوام.
