سائل: بلغني أن إنصاف غير المسلم المتقن لعمله يخالف الولاء للإسلام.. والإفتاء تجيبه
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال يقول صاحبه: ما حكم اتباع الإنصاف لغير المسلم المتقن في عمله؟ حيث بعض الناس يرفض ذلك ويقول إن هذا مخالف لمبدأ الولاء والبراء للإسلام؛ فما مدى صحة ذلك؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على هذا السؤال، إن من قيم الشريعة الإسلامية ومبادئها الراسخة دعم التعايش السلمي والتعارف والتعاون والمحبة والمؤازرة في جميع وجوه الخير المختلفة بين أبناء الوطن وأفراد الأسرة الإنسانية جمعاء.
وأشارت الدار في هذا الصدد إلى قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13].
حث الشريعة الإسلامية على الإنصاف والعدل
وأكدت الإفتاء، خلال فتوى منشورة عبر موقعها الرسمي، أن الشريعة الإسلامية حثت على الإنصاف والعدل وإعطاء كل ذي حقٍّ حقَّه، مستدعية قول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ.
وأوضحت المؤسسة أن تخصيص المسلم بالذكر في الحديث السابق ليس للاختصاص من كل وجه، لأن غير المسلم يشاركه في حرمة ظلمه وخذلانه بنحو الكذب عليه والاحتقار.
ولفتت الإفتاء إلى أن القول بأنَّ إنصاف غير المسلم بالثناء على إتقانه لتخصصه - بل والاقتداء به في ذلك - مخالف للولاء والبراء: كلام غير صحيح؛ مردود عليه بأن الولاء والانتماء الديني لا بد أن يتوافق مع منظومة تعايش المسلم مع غيره؛ فعلى المسلم أن ينتمي للإسلام ويحافظ على هويته الإسلامية من غير الإخلال بمبدأ التعايش السلمي بين الناس ولا بالتبادل الحضاري، ويشهد لهذا إنصاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم لغير المسلمين والثناء عليهم في مواقف مختلفة، والاستفادة من خبراتهم في مجالات متعددة.