طرق وعرة أمام المجلس.. برلمان تونس الجديد بين المقاطعة وعودة الحياة الدستورية
انطلقت اليوم الاثنين أولى جلسات مجلس النواب التونسي الجديد، بدعوة من الرئيس قيس سعيد، وسط تباين في الساحة السياسية بشأن الموافقة على البرلمان الجديد من قبل الأطراف السياسية، فيما مثلت أولى جلساته أزمة بين الحكومة التونسية ونقابة الصحفيين بالبلاد، بعدما منعت قوات الأمن المحيطة للمجلس الصحفيين المحليين والدوليين من حضور فعاليات أولى الجلسات العامة، باستثناء التليفزيون الوطني ووكالة الأنباء التونسية، الأمر الذي دفع الصحفيين للاعتصام أمام البرلمان.
ويحظى البرلمان التونسي الجديد باهتمام دولي لمجيئه عقب تعطل الحياة البرلمانية في البلاد منذ يوليو من عام 2021، بقرار من الرئيس قيس سعيد، الذي قرر تجميد المجلس الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة الذراع السياسية لجماعة الإخوان في تونس، قبل أن يقرر حله والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة أسفرت عن البرلمان الحالي.
خطوة على درب عودة المؤسسات الدستورية
من جانبها، ترى ضحى طليق المحللة السياسية التونسية، أن انطلاق الجلسة العامة النيابية الجديدة تمثل خطوة كبيرة على درب عودة عمل المؤسسات الدستورية وفي مقدمتها المؤسسة التشريعية بالبلاد.
وأضافت طليق في تصريحات لـ القاهرة 24، أن أبرز ما يميز البرلمان الجديد أنه لا يعيش قطيعة مع السلطة التنفيذية كما كان البرلمان السابق، والذي تسبب في تعطيل عمل المؤسسات التنفيذية في أكثر من مناسبة، جراء ما وصفته بـ تغول السلطة التشريعية.
وأوضحت أنه فيما يتعلق بعلاقة النواب التونسي الجديد بالمعارضة، فإن المجلس يواجه بالرفض من قبل المعارضة، وأنها (أي المعارضة) لا تعترف بشرعيته، مبينة أنه توجد فرصة لدى المجلس الجديد لكسب ود المعارضة من خلال العمل بجدية بعيدًا عن الصورة الصادرة عن المجلس القديم.
وأكدت أن النواب الجدد سيكونون تحت مراقبة ناخبيهم الذين من حقهم أن يسحبوا منهم الثقة حال عدم قيامهم بواجبهم، مشددة على أن النواب الجدد مطالبون بالقطع مع الصورة الكارثية التي كان عليها المجلس القديم من خلال الانكباب على وضع حلول اقتصادية واجتماعية تعيد الثقة الشعب التونسي في السياسيين وتعيد نشاط دواليب الاقتصاد.
طرق وعرة أمام المجلس الجديد في تونس
على ذات السياق يقول نزار جليدي السياسي التونسي، أن انعقاد مجلس النواب التونسي اليوم الاثنين يمثل خطوة جديدة في مسار 25 يوليو، بعد أن تعطل مجلس ما وصفه بالفوضى والإخوان بقرار من الرئيس قيس سعيد، في يوليو من عام 2021.
وأضاف جليدي في تصريحات لـ القاهرة 24، أن المجلس الجديد أمامه تحديات كبيرة، وأن الطرق النيابية أمامه وعرة، لكنها لن تكون كالمجلس السابق وما شهده من فوضى وفساد، في إشارة منه إلى مجلس النواب الذي كان يترأسه راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإخوانية.
وأوضح، أن المجلس الجديد سيشهد إصرارا على العمل والإنتاج من قبل النواب الجدد، خاصة فيما يتعلق بالتشريعات التي توقفت منذ فترة، وأنه سيتم البدء للعمل على تشريعات جديدة، مؤكدًا أن المعارضة التونسية لا تملك ما يمكنها من خلق الفوضى في البلاد، باعتبار أن من تم انتخابهم هم أكثر مشروعية بالعمل على تنفيذ مسار 25 يوليو الذي أطاح بالبرلمان السابق الذي كانت تسيطر عليه حركة النهضة الإخوانية.
المجلس الجديد غير شرعي في نظر المعارضة
وعلى الجهة المقابلة، يقول حمة الهمامي، أمين عام حزب العمال التونسي، المعارض للرئيس قيس سعيد، إن مجلس النواب الجديد لا يملك أي شرعية، بوصفه أنه برلمان يتبع الرئيس سعيد، كما لم يحظ بمشاركة نحو 90% من الناخبين لاختيار أعضائه.
وأضاف الهمامي، في تصريحات لـ القاهرة 24، أن البرلمان التونسي الجديد لا يمكل صلاحيات كاملة (على حد قوله) معتبرًا أن كافة الصلاحيات ممثلة للرئيس قيس سعيد، وفقًا للدستور الجديد.
وشدد أمين عام حزب العمال التونسي المعارض، أن البرلمان الجديد لن يحل الأزمة السياسية في البلاد، وسيعمل على تأجيجها، مؤكدًا استمرار المعارضة من خلال تعبئة الشعب التونسي.
وشهدت أولى جلسات المجلس التونسي الجديد صدامًا مع نقابة الصحفيين بالبلاد، حيث استنكرت أميرة محمد نائب، رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، منع حضور الصحفيين للجلسة العامة لمجلس النواب، مبينة أن النقابة لن تقبل بهذا الوضع، كما انتقدت ما وصفته بـ سياسة تمييزية وسياسة تعتيمية مسيئة لصورة تونس، مؤكدة أن تلك الخطوة ستمثل وصمة عار في مسيرة البرلمان الجديد.
ويعيش الشارع السياسي في تونس حالة من التباين ما بين مؤيد ومعارض للرئيس قيس سعيد، ومجلس النواب الجديد، فيما تنتهي الفترة الرئاسية للرئيس قيس سعيد في العام التالي أي 2024.