لعنة العقد الثامن.. هل تتحقق النبوءة اليهودية بتفكك إسرائيل؟
تعيش إسرائيل على صفيح ساخن هذه الأيام، على خلفية ملف الإصلاحات القضائية التي يرغب في تمريرها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، لحماية نفسه من خطر السجن الذي يهدده بسبب قضايا الفساد التي تطارده في المقام الأول، دون وضع اعتبار لفكرة الدولة العميقة في نظر الإسرائيليين، والتي قد تنهار على أثر عمل نتنياهو على تحقيق مصالحه الشخصية.
وينظر الإسرائيليون إلى أزمة العقد الثامن التي تطاردهم بعين الاعتبار في ظل الأحداث الجارية في تل أبيب، والتي ربما تنذر بنشوب حرب أهلية كبرى بين الإسرائيليين أنفسهم مما يدفع نحو انهيار الدولة المزعومة.
وعلى الرغم من إعلان نتنياهو تأجيل التصويت على مشروع قرار الإصلاحات القضائية للدورة القادمة للكنيست، إلا أن إسرائيل ما زالت تعيش الأزمة الداخلية، والتي ظهرت ملامحها في الكثير من المؤسسات الإسرائيلية، أبرزها الجيش وعدد من النقابات العمالية والجامعات.
وقال المحلل السياسي والأستاذ بجامعة قناة السويس سامح عباس: في واقع الأمر الوضع الحالي في إسرائيل هو ليس نتاج الحراك الأخير على الساحة السياسية الداخلية الإسرائيلية واعتزام حكومة نتنياهو إجراء تعديلات قانونية، بل هو انعكاسا لمؤشرات وارهاصات سابقة تنبئ بتفكك الكيان الإسرائيلي المصطنع، الذي تم استزراعه في أرض فلسطين التاريخية.
وأضاف عباس في تصريحات للقاهرة 24: تأتي تلك المظاهرات بل والمصادمات الاجتماعية الإسرائيلية في ذروة هواجس ومخاوف المفكرين الاسرائيليين من لعنة العقد الثامن وبداية انهيار إسرائيل وتشرذمها، طبقا لسيناريو الأحداث التاريخية في التاريخ اليهودي القديم، فما يحدث ليس خريفا أو ربيعا إسرائيليا طبقا لفصول العام بل هو خطوة على طريق التفكك الإسرائيلي، لتصل إلى مستوى الحرب الأهلية وبداية الدمار اليهودي الثالث طبقا لرؤية علماء المستقبليات الإسرائيليين.
وتابع بأن: سعي الأحزاب الصهيونية الدينية المتطرفة في حكومة نتنياهو لتشكيل قوة عسكرية من قطعان المستوطنين اليهود على غرار الحرس الثوري الإيراني، يعزز من المخاوف والهواجس الإسرائيلية من المصير التاريخي المحتوم الذي سيقود اليهود للسبي البابلي الثالث.
وأردف: أما السيناريو المحتمل اليوم بعد قرار نتنياهو بوقف التعديلات القانونية مؤقتا، فهو أن تظل إسرائيل على صفيح ساخن حتى نهاية يونيو المقبل نهاية الهدنة التي عقدها نتنياهو مع كل الأطراف في سبيل بقاء ائتلافه الحكومي؛ ليجعل كل الاحتمالات قائمة أقلها ضررا سقوط حكومته والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة، لأن أي احتمال آخر سيأكل الأخضر واليابس في إسرائيل.
واختتم: لذلك فمن المتوقع أن يختلق فزاعة جديدة تحت مسمى التهديد الأمني الوجودي على إسرائيل، لفرض الهدوء القسري على كافة تيارات المجتمع الإسرائيلي المتناحر، لذلك من المتوقع أن يدفع الشعب الفلسطيني فاتورة الوئام الإسرائيلي في ظل أي تصعيد عسكري مرتقب، فنتنياهو إما أن يخرج الخاسر الأكبر من هذا الصراع الجديد/القديم على الساحة الإسرائيلية بتفكيك حكومته وسقوطها، أو يكون الرابح الأكبر عند نجاحه في احتواء المظاهرات وتمرير التعديلات القانونية التي يرغب في أجراها، وحتى ذلك الموعد ستظل إسرائيل على صفيح ساخن حتى إشعار اخر.
أزمة العقد الثامن في إسرائيل
وحسب وسائل إعلام عبرية، فقد حذر عدد من كبار المفكرين والسياسيين الإسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إيهود باراك، من خطر العقد الثامن على دولة الاحتلال، في ظل قوة تأثير الرواية التاريخية الصهيونية في الوعي الصهيوني الجمعي.
وتشير أزمة العقد الثامن في إسرائيل إلى بداية تفكك الوحدة اليهودية الداخلية، وظهور الكراهية التي سادت بين جميع أطياف المجتمع اليهودي، على خلفية الأزمات الداخلية الطاحنة التي تشهدها تل أبيب، خاصة أزمة الإصلاحات القضائية، التي تشير إلى بوادر نشوب حرب أهلية في إسرائيل، كذلك تعاظم الأخطار الخارجية التي تهددها وعلى رأسها الملف الفلسطيني، وسط تحذيرات أمنية إسرائيلية من أخطار تهدد البلاد على كل الجبهات.
وأشار العديد من المحللين والمفكرين والسياسيين في إسرائيل إلى أزمة العقد الثامن التي تهدد إسرائيل، ومن بينهم الجنرال المُتقاعد شاؤول أرئيلي، الذي نشر مقالًا في صحيفة هآرتس العبرية، قال فيه إن الحركة الصهيونيّة فشلت في تحقيق حُلم إقامة دولة إسرائيلية ديمقراطية بأغلبية يهودية، وإن الوقت ليس في صالح إسرائيل، وإن هذه النظرية سقطت.
ونشر المحلل الإسرائيلي، آري شافيط، مقالًا في الصحيفة نفسها، قال فيه: اجتزنا نقطة اللا عودة، وإسرائيلُ تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولا طعم للعيش فيها، والإسرائيليون يُدركون مُنذ أن جاءوا إلى فلسطين أنهم ضحايا كذبة اخترعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خِلالها كل المكر في الشخصية اليهودية عندما ضخمت المحرقة واستغلتها لإقناع العالم أن فلسطين أرض بلا شعب، وأن الهيكل المزعوم تحت الأقصى.