دار الإفتاء توضح حكم تلقين المصلي التشهد في الصلاة إذا عجز عن حفظه
أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال ورد لها عبر موقعها الرسمي نصه: ما حكم تلقين المصلّي التشهد في الصلاة إذا عجز عن حفظه؟ فإنَّ والدي لا يحفظ التشهد وعند صلاته أجلس أمامه ألقنه التشهد ويردّده ورائي؛ فهل هذا يجوز شرعًا؟
وقالت دار الإفتاء في فتوى سابقة: لتشهد: مصدر تشهد، والتشهد النطق بالشهادتين، وفي الصلاة: اسم لمجموع الكلمات التي تقرأ في الصلاة؛ كما رواها سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره من الصحابة الكرام. ينظر: "حاشية ابن عابدين" (1/ 448، ط. دار الفكر).
وأضافت دار الإفتاء: وألفاظ التشهد وردت في كثير من الأحاديث الشريفة على اختلاف بينها؛ منها: ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ: «التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».
أقوال الفقهاء
وأوضحت: وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ».
وأردفت: فتمام الصلاة وكمالها بالتشهد، وبالنظر إلى ما ذهب إليه جمهور الفقهاء فإنَّه يجب على المكلف حفظ واحدة من صيغ التشهد الواردة، فإن لم يستطع فعليه أن يكتب صيغته في ورقة ويقرأ منها حال صلاته.
وتابعت: قال الإمام قليوبي الشافعي في "حاشيته على شرح المحلي على المنهاج" (1/ 190، ط. دار الفكر): [لو عجز عن التشهد جالسًا لكونه مكتوبًا على رأس جدارٍ مثلًا: قام له كما في الفاتحة في عكسه، ثم يجلس للسلام] اهـ.
وأضافت: فيفهم من هذا أن المصلي إذا عجز عن حفظ التشهد فإنَّه يقرأه من خلال ورقة أو شاشة يعده عليها حال الصلاة فيقرأ منها أو نحو ذلك.
وأكملت: إنّ عجز عن القراءة فإنَّ المصلي يلزمه أنْ يأتي بأحد ليلقنه لفظ التشهد عند صلاته، ولو بأجرة، وقال الإمام العدوي المالكي في "حاشيته على كفاية الطالب الرباني" (1/ 347، ط. دار الفكر): [لو كان لا يقدر على الإتيان ببعض أقوال الصلاة أو أفعالها إلا بالتلقين لوجب عليه اتخاذ من يلقنه، ولو بأجرة ولو زادت على ما يجب عليه بذله في ثمن الماء، فيقول له عند الإحرام للصلاة قل: الله أكبر وهكذا ويقول بعد الفاتحة والسورة افعل هكذا إشارة إلى الركوع] اهـ.
واختتمت دار الإفتاء: وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 353): [(وتتعين الفاتحة) أي: قراءتها حفظًا، أو نظرًا في مصحف أو تلقينًا أو نحو ذلك (في كل ركعة) في قيامها أو بدله، للمنفرد وغيره، سرية كانت الصلاة أو جهرية، فرضًا أو نفلًا] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.
