لماذا إيفان توني ثالث هدافي الدوري الإنجليزي؟
نعلم جميعا أن الدوري الإنجليزي الممتاز بخلاف أنه الدوري الأفضل في العالم، لكنه أيضا دوري المفاجآت غير المتوقعة، منذ بداية المسابقة وحتى الجولة الأخيرة، وظهر ذلك كثيرا طوال هذا الموسم، مثلما خطف مانشستر سيتي اللقب من أرسنال الذي تصدر الترتيب لفترات طويلة وكان الأقرب لحصد اللقب، أو الانتظار حتى الجولة الأخيرة لمعرفة الهابطين إلى تشامبيونشيب، أو المنافسة على مقاعد البطولات الأوروبية وغيرها.
وبالطبع مثلما كانت المفاجآت في جدول الدوري كثيرة، كانت أيضا في جدول هدافي المسابقة، فبعيدا عن المنافسة التي قتلها هالاند مهاجم مانشستر سيتي والفائز بالحذاء الذهبي هذا الموسم كهدافا للدوري بـ36 هدفا، ولكن كانت المفاجأة في المراكز التي تليه، وبالتحديد في المركز الثالث.
إيفان توني ثالث هدافي الدوري الإنجليزي
وأنهى إيفان توني نجم هجوم فريق برينتفورد، هذا الموسم من البريميرليج كثالث هدافي الدوري برصيد 20 هدفا، وهو يعتبر أمرا ملفتا للانتباه فكيف للاعب فريقه أنهى الموسم في المركز التاسع، أن يكون ثالث هدافي المسابقة، مع الأخذ بالاعتبار أنه يمكن أن يكون شهدت المنافسة مفاجآت أكبر من ذلك في مواسم ماضية، ولكن السر وراء إيفان مختلفة قليلا وهي التي جعلته ملفت للانتباه.
وتفوق توني الموقوف 8 أشهر بسبب تورطه في قضايا مراهنات، في مركزه بهدافي الدوري الإنجليزي على لاعبين مثل محمد صلاح، وماركوس راشفورد، ومارتين أوديجارد، وكاليوم ويلسون، وجميعهم تقريبا فرقهم حجزت مقاعدها في البطولات الأوروبية.
السر لدى برينتفورد
ولكن بجانب مستواه المميز بالطبع وقدرته على تسجيل الأهداف، قد يكون سر ظهور إيفان توني بهذا الشكل لدى نادي برينتفورد نفسه فهو الذي لديه أصول القصة منذ بداية التعاقد مع اللاعب.
وتبدأ القصة منذ تولي ماثيو بينهام إدارة نادي برينتفورد في 2012، وهو أيضا مالك نادي ميتلاند الدنماركي، وبسبب خبرته في كسب المال من المراهنات وبراعته الإدارية تمكن من استخدام الأدوات المتاحة له من أجل تطوير فريق الكرة من ناحية الدخل المالي والصفقات.
وبدأ بينهام في تطبيق العديد من الطرق الحديث على فريق برينتفورد سواء في التعاقدات أو على مستوى الناشئين، وكانت أبرزها هي تطبيق نظام الـ “moneyball” أو كرة المال، واستمده من استخدامه في لعبة الرجبي بشكل أكبر.
ويستخدم هذا المصطلح لوصف استخدام البيانات في اتخاذ القرارات في أي رياضة، وبالتحديد في الرياضة، أي لا يتم على المعايير التي تستخدم بشكل تقليدي في حسم أي صفقة، ويساعد في معرفة ما يحتاجه النادي في سوق اللاعبين وتقييمه بأقل مما يستحق، ولكنه له شرح معقد قليلا عن ذلك.
وكان أبرز مثال أو الأبسط على هذا النظام، والذي طبقته إدارة برينتفورد، هو الاعتماد على الحكم على المهاجمين الذين يحتاج النادي ضمهم، عن طريق نسبة الأهداف المتوقعة أو ما يعرف بـ “XG”، بمعنى أنه إذا كان هناك مهاجمين متوافقين في العمر وعدد المباريات والتسديدات، ولكن أحدهم سجل 15 هدفا من 50 تسديدة طوال الموسم، والآخر سجل 5 أهداف من 50 تسديدة.
وبالطبع للوهلة الأولى سيبدو أن المهاجم صاحب الـ15 هدفا هو الأفضل، ولكن الأمر ليس كذلك، فيعتمد نظام “كرة المال” مثلما ذكرنا على الأهداف المتوقعة، بالتالي فإن صاحب الـ15 هدفا قد يكون سجلهم من نسبة أهداف متوقعة 10 أهداف، بينما صاحب الـ5 أهداف سجلهم من نسبة أهداف متوقعة 12 هدفا.
وبذلك من الممكن أن نفترض أن صاحب الـ15 هدفا قد واجه في أحد المباريات حارس مرمى ضعيف المستوى أو كان محظوظا، وبالتالي استمراريته في مستواه ومعدله التهديفي غير مضمون، على عكس صاحب الـ5 أهداف الذي تزداد فرص تطوره وتسجيله عدد أكثر من الأهداف لأن النسبة كشفت مستواه الحقيقي.
لذلك وطبقا لطريقة هذا النظام، يتم اختيار التعاقد مع صاحب الـ5 أهداف والذي سيكلف النادي مبلغ مالي أقل، ومع توافر بعض التدريبات التي ستساهم في رفع مستواه، قد يظهر بشكل أفضل ويسجل أهداف أكثر، بل وسيكون صفقة مربحة بنسبة كبيرة لأنه تم تقييمه بأقل من قيمته الحقيقية.
وأيضا من الطرق التي يعتمد عليها نادي برينتفورد في طبيق نظام “ماني بول” هو تركيبات الفريق، أي من الممكن بيع لاعب واحد واستبداله بثلاثة لاعبين أقل منه في المستوى وبالطبع سيكونون أقل تكلفة وقابلين للتطور مع الفريق بمرور الوقت.
بالإضافة إلى اعتماد النظام على التطوير عن طريق التعاقد مع لاعبين أصحاب خبرات ليفيدوا اللاعبين أصحاب الأعمار الصغيرة وهو ما يساهم في تطوير اللاعبين بشكل كبير وبيعهم بمبلغ كبير بالتالي استفادوا منهم ماديا.
وبالطبع طبق برينتفورد هذا النظام في العديد من الأمور الأخرى وتعاملوا بشكل احترافي كبير مع ملفات أخرى مثل، إلغاء الأكاديمية وإنشاء فريق “ب” والذي يتواجد به اللاعبين الموهوبين ويمنحهم فرصة المشاركة في مباريات مع فرق في أعمارهم أو أعمار أخرى، وأيضا استفاد النادي ماديا من بيع اللاعبين الموهبين مثل أولي واتكينز وسعيد بن رحمة، ونيل موباي، وغيرهم.
واستفاد النادي ماديا بسبب نظام الماني بول بشكل كبير جدا في هؤلاء اللاعبين وغيرهم، بعدما اشتراهم بمبلغ بسيط وبعدما تطوروا وظهروا بمستوى أفضل تم بيعهم بمبالغ أكبر بكثير، وساهم ذلك في أن سوق انتقالات صيف 2020 لم يحقق برينتفورد صافي ربح إيجابي من الصفقات بمعنى أنه حقق مكاسب مالية من بيع اللاعبين أكثر من التي تم صرفها في الصفقات الجديدة، وحدث ذلك لأول مرة منذ موسم 2013/2014.
التطبيق على صفقة إيفان توني
وبالتأكيد طبق نادي برينتفورد هذا النظام على صفقة إيفان توني، الذي تعاقد معه في سبتمبر 2020 قادما من صفوف بيتربوروه يونايتد الذي ينشط في دوري تشامبيونشيب، وذلك مقابل 5.6 مليون جنيه إسترليني.
وكان توني طوال 94 مباراة مع بيتربوروه سجل 49 هدفا فقط، وبالتالي تم ضمه بسبب نظام الماني بول، وبالفعل قدم أداء مميز جدا مع برينتفورد.
بخلاف ضم النادي للعديد من الصفقات المميزة الأخرى، التي ساهمت في بناء فريق قوي ظهر بشكل مميز طوال موسمين من تواجده في البريميرليج.
نتائج إيجابية لإدارة برينتفورد
ومنذ أن أصبح ماثيو بينهام مالكا لنادي برينتفورد وتطبيقه لأفكاره وقد اختلف النادي بشكل كبير تحت إدارته، فقد صعد إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2021/ 2022 لأول مرة في تاريخه بشكل المسابقة الجديد، وأنهى موسمه الأول في المسابقة بالمركز الثالث عشر.
ومن الواضح أن الأمور تسير بشكل جيد جدا مع إدارة برينتفورد حتى الآن من كل النواحي تقريبا، سواء على مستوى الفريق فنيا، أو مركز الفريق هذا الموسم حيث انهى المسابقة في المركز التاسع أي بفارق أربعة مراكز عن الموسم الماضي، وكان لاعبه ثالث هدافي المسابقة، فهل إذا استمرت الإدارة بنفس الأداء واستمر الفريق بنفس المستوى أن نرى فريق النحل يحجز مقعدا في أحد البطولات الأوروبية في الموسم المقبل.