نار أسفل ماء الخليج.. هل يؤثر حقل الدرة على خطوات استئناف العلاقات بين السعودية وإيران؟
حالة من الجدل والخلاف ما بين المملكة العربية السعودية والكويت من جهة، وإيران من جهة أخرى، تسبب فيها حقل الدرة النفطي، بعدما أعلنت طهران عزمها التنقيب في الحقل الذي زعمت بأحقيتها في جزء من ثرواته، الأمر الذي أثار حالة واسعة من الانتقاد في ما اعتبر تدخلًا إيرانيًا بشأن عربي، وسط تأكيدات سعودية كويتية بأن الحقل النفطي يمثل ثروات مشتركة بينهمخا فقط لا غير.
حقل الدرة أم حقل آرش؟
وتسبب الخلاف الذي اشتعل مؤخرًا بين الكويت والسعودية من جهة، وإيران من جهة أخرى، بإثارة العديد من التساؤلات حول تأثير حقل الدرة النفطي على العلاقات السعودية الإيرانية التي جرى استئنافها خلال شهر مارس الماضي، بعد قطيعة استمرت عدة سنوات، خاصة في ظل الردود المتتالية القادمة من العاصمة الإيرانية طهران بشأن مزاعمها في الحقل الذي تطلق عليه اسم آرش، بإجرائها مفاوضات منفردة مع الجانب الكويتي حول ترسيم الحدود والتعاون في الحقل النفطي الواقع بالقرب من الكويت والمملكة السعودية.
وفي ذلك الشأن يرى الدكتور خالد الدخيل، الكاتب والمحلل السياسي السعودي، أن السلوك الإيراني لم يتغير كثيرًا، وأن أزمة حقل الدرة النفطي من شأنها أن تترك أثرًا على الاتفاق بين طهران والرياض بشأن استئناف العلاقات بين البلدين، والذي وقع في مارس الماضي بالعاصمة الصينية بكين.
وأضاف الدخيل في تصريحات لـ القاهرة 24، أن إيران تسعى إلى التفاوض بشكل منفرد مع الكويت دون المملكة العربية السعودية للفصل بين البلدين الشقيقين والاستفراد بواحدة دون الأخرى، إلا أن الكويت تحرص على رفض تلك الخطوات.
تأثير أزمة حقل الدرة على السعودية وإيران
في حين يرى الدكتور نايف الوقاع، السياسي السعودي، أن الخليج العربي يحظى بأهمية استراتيجية كبيرة كونه به ثروات بترولية وغازية ضخمة، ما جعله محل أطماع من دول أخرى من بينها إيران، منوهًا بأن طهران من العواصم المشاكسة بشكل دائم بشأن الحدود مع الدول العربية على الخليج، وتعمل على التدخل في شؤون دول الخليج.
وأوضح الوقاع في تصريحات لـ القاهرة 24، أن ما يحدث من قبل الحكومة الإيرانية بشأن حقل الدرة ليس مفاجئًا، وأن تأخير استثمار حقل الدرة من قبل الرياض والكويت مثل السبب الأبرز في فتح شهية إيران للتدخل والاستفادة من ذلك التأخير، مشيرًا إلى مخاوف من النوايا الإيرانية بالمنطقة، كونها لا تريد إنهاء المشكلات في الخليج مع دول الجوار.
وأردف أن التحركات الإيرانية تشير دافع الطمع من خلال اشتراطها على الكويت بالاعتراف بحقوق طهران في حقل الدرة قبل ترسيم الحدود مع الكويت، ما يؤكد وجود نية مبيتة لإحداث أزمات جديدة مع دول الخليج العربية، أو لتعطيل الاستفادة في الحقل والتدخل لنهب الثروات دون الأخذ في الاعتبار قوانين الحدود الدولية البحرية.
واستطرد السياسي السعودي، أن مساعي إيران للانفراد بالكويت في المفاوضات تؤكد محاولاتها لللانفراد بكل دولة خليجية على حدة لإضعافها في المفاوضات، مؤكدًا أن إيران ستتردد كثيرًا في محاولة عرقلة الاستفادة من الحقل، خاصة أن الاتفاقية السعودية الإيرانية بشأن عودة العلاقات تضمنت التأكيد على عدم التدخل في شؤون الدول، وأنه عندما تقدم طهران على خطوتها بشأن حقل الدرة، تخرق الاتفاقية مع المملكة السعودية حول استئناف العلاقات فيما بينهما، ما يلقي بظلاله على إمكانية استمرار التهدئة بين الرياض وطهران.
الحقل سعودي كويتي خالص
وعلى الصعيد الرسمي الكويتي، أكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر، أن الثروات التي تقع في حقل الدرة هي ثروات مشتركة بين الكويت والمملكة العربية السعودية بالمناصفة فقط لا غير، وذلك ردًا على أحد نواب مجلس الأمة الكويتي في جلسته التي عقدت الثلاثاء.
وهو ما أكدته وزارة الخارجية السعودية، بقولها إن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط.
وأضافت حسب وكالة الأنباء السعودية، أن المملكة والكويت لهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة، وأن الرياض تجدد دعواتها السابقة للجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني، وفقا لأحكام القانون الدولي.
في حين قالت الخارجية الإيرانية على لسان متحدثها ناصر كنعاني، إن الجولة الأخيرة من المفاوضات القانونية والفنية بشأن حقل الدرة عقدت 13 مارس الماضي في طهران بين وفدي إيران والكويت، في إشارة منه إلى عدم حضور المملكة العربية السعودية لتلك الاجتماعات التي عقدت على مستوى كبار مديري وزارتي الخارجية في الجانبين.
وأضاف متحدث الخارجية الإيرانية، أن هذه القضية إلى جانب ترسيم الحدود البحرية، كانت إحدى القضايا التي بحثتها إيران والكويت، كما جرى بحث القضايا المتعلقة بترسيم الحدود البحرية واستثمار الموارد الهيدروكربونية المشتركة، مع مراعاة المصالح المشتركة ومبدأ حسن الجوار مع جميع الجيران، بما في ذلك الكويت، الأمر الذي من شأنه أن يثير العديد من التساؤلات بشان مصير العلاقات السعودية الإيرانية في ظل ما تقدم عليه طهران من خطوات بشان حقل الدرة المتنازع عليه.