القمح والدولار والسياحة.. كيف تستفيد مصر من الانضمام لمجموعة بريكس؟
بعد مرور أيام على إعلان انضمام مصر لمجموعة بريكس، إلا أن هناك العديد من التساؤلات التي تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي حول مدى استفادة مصر من هذه الخطوة التي لاقت احتفاء كبيرًا محليا وعالميا.
ومنظمة بريكس، هي منظمة دولية تضم 40 دولة من بينها روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب إفريقيا، وتهدف تلك المجموعة إلى أن تصبح القوة الاقتصادية الأقوى في العالم وقادرة على منافسة الاقتصاد العالمي.
وتعمل مجموعة بريكس على تحقيق مجموعة من الأهداف منها أهداف اقتصادية وسياسية وأمنية، عن طريق التعاون وتعزيز السلام في العالم، وذلك لفرض السيطرة الاقتصادية على العالم لتتخلص من استحواذ الولايات المتحدة الأمريكية والدولار على الاقتصاد العالمي.
وليست مصر الوحيدة التي أعلنت انضمامها إلى بريكس، فهناك دول أخرى مثل الهند والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين والسعودية، ويبقى التساؤل هنا حول الفوائد التي ستجنيها مصر من هذه الخطوة.
انضمام مصر لـ بريكس
ويرى الخبير الاقتصادي محمد أنيس، أنه يوجد أكثر من محور يفيد انضمام مصر إلى مجموعة بريكس، منها المحور الاقتصادي، موضحًا أن العائد الاقتصادي لمصر من الانضمام للمجموعة يأتي من محاولة مجموعة بريكس السيطرة على النظام الاقتصادي الدولي من خلال إصدار عملة خاصة للمجموعة.
وأضاف أنيس لـ القاهرة 24، أن بريكس هي مجموعة دولية ودية وليست منظمة دولية موثقة مثل الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى الجهود التي ستبذلها الدول داخل المجموعة لتغيير اقتصادي، وانضمام مصر لتلك المجموعة سيكون أمرا له العديد من المكاسب المحفوفة بالمخاطر أيضا، لأن دول مثل روسيا والصين لها اتجاه سياسي معين تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، موضحًا أن مصر غير ملزمة بهذا الاتجاه لأن كل دولة لها بعدها وحدودها السياسية الخاصة بها.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مصر انضمت لمجموعة بريكس على أساس اقتصادي وتنموي وتمويلي، فمجموعة بريكس أنشأت بنك التنمية الجديد، وتعد مصر عضو من المشاركين في تأسيس هذا البنك، وذلك في العام الماضي، وللبنك نفس دور بنوك التمويل الكبيرة مثل البنك الدولي، وبنك التنمية والاعمار الأوروبي وبنك التنمية الإفريقي، وتلك البنوك بنوك تنموية لمشاريع تنموية، مؤكدًا أهمية هذه الفرصة التي ستسمح لمصر بوجود بديل تمويلي للمشاريع التمويلية ذات البعد الاجتماعي.
وعلى الأساس التنموي والتجاري، أضاف الخبير الاقتصادي أن مجموعة بريكس بشكلها الجديد عبارة عن مجموعة من الاقتصاديات النامية ذات معدلات النمو السريع، وبالتالي التبادل التجاري لتلك الدول مع باقي دول العالم يزيد وينمو، موضحًا أنه عند انضمام مصر لتلك الدول يقوي فرص التبادل التجاري بشكل أكبر وسط تلك الدول، وأن ذلك يزيد من اتجاهات الدولة في الاستيراد التجاري مما يوفر للدولة سعر أقل، بالإضافة إلى التصدير، ما سيعطي لمصر فرص أكبر وجديدة وفرص تصديرية جديدة للمنتج المصنع داخل مصر.
وحول العائد الاقتصادي لمصر، أوضح أنه يشمل الجانب التنموي والجانب التمويلي، حيث سيعطي ذلك فرصة أكبر ومساحة أكبر في شد وجذب الاستثمار الخارجي بفرص أكبر ومباشرة لتلك الدول التي تنمو بشكل كبير، ولها رأس المال الدولي الخاص الذي يساعدها في التنمية خارج الدولة، والحفاظ على زيادة النمو بشكل مرتفع وزيادة الاستثمار وجذبه، بخلاف الفرص التي وسعت دائرة مصر الاقتصادية بالانضمام إلى مجموعة بريكس.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن إمكانية استفادة مصر من الجانب التنموي والاقتصادي من مشاركتها في مجموعة بريكس بعيدًا عن الأهداف السياسية للدول، من خلال تفعيل التبادل التجاري بين مصر والدول الأخرى بالعملة المحلية، مشيرًا إلى أن هناك فرصة كبيرة لزيادة الصادرات لتلك الدول ما يساعد على سد الفجوة في ميزان المدفوعات مع بعض دول البريكس مثل الصين وروسيا وغيرهما من دول المجموعة.
العملة الموحدة
وحول العملة الموحدة بين دول بريكس، أكد أن تلك النقطة بعيدة للغاية عن التطبيق؛ لعدم وجود بعض الأساسيات في تطبيق ذلك الأمر، منها أن تكون تلك الدول متقاربة جغرافيا، بالإضافة إلى تقارب النظم السياسية لها.
ومن جانبه، رأى خبير العلاقات الدولية الدكتور أيمن سمير أن انضمام مصر لمجموعة بريكس يعد حدثا تاريخيا، فمصر ستجني الكثير من ذلك الانضمام سواء على الجانب الاقتصادي أو على الجانب السياسي، فهي تشكل قوة كبيرة في النظام الدولي النظام العالمي، وذات حضور ونفوذ في كافة الجوانب السياسية الدولية.
وأشار سمير لـ القاهرة 24، أن تجمع بريكس يضم 3 دول نووية تمتلك أكثر من 6 آلاف رأس نووي، بالإضافة إلى وجود دولتين ذات عضوية دائمة ولها حق الفيتو في مجلس الأمن، وهما روسيا والصين، مشيرا إلى أن ذلك يعطي قوة لأي دولة تنضم لمجموعة بريكس.
ولفت خبير العلاقات الدولية إلى أن مصر تأتي في قلب تلك الأحداث لتعطي وزنا سياسيا كبيرا لمجموعة البريكس، وفي المقابل تحصل على قيمة سياسية جيدة من انضمامها للمجموعة، والتي ستكون عضوا كاملا في 2024.
وعلى الجانب الاقتصادي، أوضح سمير أن مصر ستستفيد بشكل كبير اقتصاديا، حيث إن معدل التجارة بين مصر ودول البريكس يبلغ 26.5 مليار دولار، متوقعا أنها ستزيد لتصل إلى 50 مليار دولار حتى عام 2035 وهذا سيكون إضافة قوية جدا للاقتصاد المصري لأن دول البريكس تشكل 30% من الناتج الإجمالي العالمي.
وأكد أن تلك الدول من أكبر المنتجين للقمح ومصر من أكبر الدول التي تستورد القمح، ويمكن لمصر أن تستفيد من البيئية الاستثمارية في تلك الدول بشكل كبير في مواجهة أزمة استيراد القمح وتوافر العملة، بخلاف أن دول البريكس من الدول المصدرة للسياحة، ومصر من الدول الجاذبة للسياحة، وبالتالي تستطيع مصر أن تستفيد من الأسواق السياحية الكبيرة.
واختتم حديثه قائلا: الصين تصدر سنويا 130 مليون سائح، والبرازيل تصدر 70 مليون سائح، ما يدعم السياحة في مصر وأعداد السياح بشكل كبير ليصل إلى 30 مليون سائح بحلول 2030 مقارنة بالأعداد الحالية التي تتراوح ما بين 12 إلى 13 مليون سائح.