عمرها 200 عام وتعمل بالطريقة الفرعونية.. معصرة يونس بقنا تتحدى الزمن والتكنولوجيا
مبنى قديم في أحد أزقة مدينة قوص بمحافظة قنا، تقع معصرة يونس، التي اتخذت اسمها نسبة إلى عائلة يونس زراع، لا تحمل واجهته أي لافتة تقود الزائر إلى سيرة عمرها أكثر من 200 عام لأقدم معصرة زيوت في قنا التي ما زالت تعمل بالطريقة الفرعونية، يعمل بها أحفاده الذين شبّوا وشابوا على الحرفة، فأبدعوا في استخراج أنواع مختلفة من الزيوت الطبيعية، عبروا بها حدود الصعيد ووصل صداها إلى كل محافظات الجمهورية.
معصرة يونس في قوص
المكان بالداخل ينقسم إلى غرفتين، في الواجهة حجر جرانيت يزن نحو 500 كيلو تجره بقرة لطحن قرابة 50 كيلو حبوب أو أكثر، وأما الغرفة الثانية تشمل آلة خشبية تستخدم في استخلاص الزيوت من الشوائب عبر فلاتر مصنوعة من سعف النخيل بشكل طبيعي تمهيدا للتعئبة وتوزيعها إلى منافذ البيع.
طوال 200 عام صمدت في وجه الزمن، تعاقبت عليها العقود والأجيال والورثة كذلك، بحسب محمد يونس، أحد أحفاد يونس زراع صاحب المعصرة، قائلا: لـ القاهرة 24، إن المعصرة أنشئت فى بداية عهدها لإنتاج زيوت الطعام من بذور الخس وحبة البركة لكنها تحولت مع تطور صناعة زيوت الطعام إلى معصرة لإنتاج الزيوت بكافة أنواعها، وتحولت إلى صرح طبي شعبي يقصده الكثير من المرضى للبحث عن زيوت علاج لأمراض كثيرة.
ويضيف يونس أن طريقة استخراج الزيوت تبدأ في الـ 7 صباحا، حيث يبدأ عاملين بالمعصرة بطحن البذور عن طريق المطحنة التي تتكون من حجر بالجرانيت وقائم خشبي يأخذ شكل متوازي المستطيلات مثقوب ثقبين إسطوانيين يثبت بأحدهما قائمان وتتحرك بواسطة بقرة لهرس البذور وتستمر تلك المرحلة لمدة ساعتين، أما عن المرحلة الثانية فتوضع البذور التي هرست بـ البرشة، وهي عبارة عن حلقة مستديرة مصنوعة من زعف النخيل ويتم وضع الحلقات واحدة فوق الأخرى، ويتم الضغط عليهم بالكابس اليدوي لاستخلاص الزيت بالتنقيط وتستمر هذه المرحلة 24 ساعة.
وأما عن الزيوت المستخرجة، فربما تصل إلى 150 نوعا منها زيوت طبية، وزيوت عطرية، كانت تستخلص من عصور الفراعنة مثل زيت الخس، والجزر، والقرطم، والبصل، والثوم، والفجل، والبقدونس، وحبة البركة، والزيتون، والكافور، والجرجير، والخروع وغيرها.
العم محمد يونس يقول إن سبب شهرة هذه الزيوت وإقبال الناس عليها هي أنها تطحن على الطريقة الباردة باستخدام الأدوات التقليدية التي تحافظ على درجة حرارة مسحوق البذور، مما يمكنها من الحفاظ على مكوناتها من الزيوت الطيارة، وهي المواد الفعالة فيها كما هي، ودون أن تفقد الزيوت لزوجتها وخصائصها وفوائدها، فمثلا زيت حبة البركة وهو أشهر الزيوت التي يتم استخلاصها وله فوائد عديدة.
وحاول أبناء يونس زراع تطوير مبنى المعصرة، إلا أن إدراجه كمبنى أثري منعهم من اتخاذ تلك الخطوة، مردفا: حاولنا تطوير المعصرة لكن قرار الآثار بعدم تطوير المكان منعنا من دة، مشيرا إلى أن جميع العصارات بالمركز أغلقت ولم يتبق سوى هذه المعصرة التاريخية بقنا لإنتاج الزيوت.