تهجير سكان غزة إلى سيناء.. كيف ظهر في تسجيلات مبارك قبل 10 سنوات؟
حذرت مصر خلال الأيام الماضية على أكثر من مستوى دبلوماسي وسيادي من مخطط إسرائيلي يتضمن دفع سكان قطاع غزة الفلسطيني بفعل عمليات القصف المكثف والوحشي لقوات الاحتلال إلى النزوح باتجاه الحدود المصرية وسيناء، ولم تخفي تل أبيب في عدوانها الأخير نواياها تجاه هذا الأمر بعدما دعا جيشها كافة سكان مدينة غزة لإخلاء منازلهم والتوجه جنوبا، من أجل حمايتهم على حد مزاعمه مؤكدًا أنه لن يسمح بالعودة إلى مدينة غزة إلا بعد صدور بيان يسمح بذلك.
مرة أخرى عاد مخطط دفع الفلسطينيين من سكان قطاع غزة إلى الحدود المصرية وسيناء بعد سنوات طويلة كان يظهر فيها بين فترة وأخرى، وربما قوبل في غالبيتها بنوع من التجاهل وعدم التصديق، لكن العدوان الأخير على القطاع وتوجيه إسرائيل السكان إلى هذا الأمر دفع الدولة في مصر للتعامل مع هذا الأمر تجنبًا إلى محاولات فرض الأمر الواقع عليها وتوريطها في استقبال ما يزيد عن مليوني شخص يعيشون في القطاع.
ومع أعلى درجات الرفض التي أبدتها مصر علانية وعلى أكثر من مستوى لمخطط التهجير أو الدفع نحو الحدود المصرية، طرحت وتطرح تساؤلات كان من بينها هل عرضت إسرائيل هذا الأمر على إدارات مصرية سابقة وكيف كان ردها ولماذا تطرح هذا الأمر الآن؟، وهل توقعت ردًا مصريًا مختلفًا هذه المرة؟.. لكن الإجابة على التساؤل الأول من الممكن أن تكون متاحة بالنسبة لنا.
تسجيلات مبارك
ففي سبتمبر 2013 نشر الكاتب الصحفي محمود المملوك ما عرف وقتها بتسجيلات مبارك والتي تتضمن حديث للرئيس الراحل محمد حسني مبارك يمتد لـ 3 ساعات كاملة كشف خلالها مفاجآت عدة وتطرق إلى الكثير من الملفات السياسية والأمنية لاسيما أن تلك الفترة كانت ساخنة للغاية ومن بين المفاجآت التي كشفها مبارك كان الأمر الذي نتحدث عنه في الوقت الحالي.
فبعدما تحدث مبارك عن إدارته لملف سيناء في سنوات حكمه، وعن نفوذ شباب القبائل هناك وكيف فرض وزير داخليته حبيب العادلي قبضة حديدية على ما وصفهم بـ العيال المجرمين داخل سيناء من خلال اعتقالهم بين فترة وأخرى، تطرق مبارك إلى لقاء جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليكشف عن خطة إسرائيل لتمكين أهالي غزة في سيناء.
مبارك يرد على عرض نتنياهو
يقول مبارك: إسرائيل عايزة تزق بتوع غزة لسيناء، وقال لي ده بصراحة نتنياهو قبل ما أمشى من الحكم بـ6 شهور.. لقيته جايب لي خريطة بيقول لي فيها آدي حدودنا وآدي قطاع غزة.. لو سبنا بتوع غزة دول في أي حتة.. ولقيتوا بيشاور على سيناء.. قولت له نسيبهم فين؟!!.. إنسى الموضوع ده forget it".
ويضيف: أصلي أنا صريح جدًا في الحاجات ديه ودوغري على طول".
طبيب مبارك قاطعه أثناء حديثه قائلًا: هو قالها كده بصراحة، ليرد: وقالها جس نبض.. قولت له انسى الموضوع إلا لو عايز حرب.. لا أنا ولا أتخن مني يقدر يهوب ناحية الحدود.. إحنا عملنا بلوة فى قضية طابا".
مرة أخرى مصر ترفض
ومرة أخرى تعيد مصر رفضها لهذا الأمر في 2023 فمع مجرد طرحه حذرت مصادر مصرية رفيعة المستوى من دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية وتغذية بعض الأطراف لدعوات بالنزوح الجماعي.
وشددت المصادر على خطورة دعوات النزوح أنها كفيلة بتفريغ القطاع من سكانه وتصفية القضية الفلسطينية ذاتها فضلا عن كون السيادة المصرية ليست مستباحة.
وحذرت جمهورية مصر العربية في بيان صادر عن وزارة الخارجية، يوم الجمعة الماضي الموافق 13 أكتوبر الجاري، من مطالبة الجيش الإسرائيلي سكان قطاع غزة وممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في القطاع بمغادرة منازلهم خلال 24 ساعة والتوجه جنوبًا.
وأكدت مصر على أن هذا الإجراء يعد مخالفة جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وسوف يعرض حياة أكثر من مليون مواطن فلسطيني وأسرهم لمخاطر البقاء في العراء دون مأوى في مواجهة ظروف إنسانية وأمنية خطيرة وقاسية، فضلًا عن تكدس مئات الآلاف في مناطق غير مؤهلة لاستيعابها
وتحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي عن هذا المخطط خلال كلمته بحفل تخرج الأكاديمية والكليات العسكرية 2023 قائلًا " لدينا 9 ملايين ضيف يعيشون في مصر، في أمن وأمان، موضحًا أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب، ومهم أن يكون شعبها صامد ومتواجد على أرضه، حتى لا تتم تصفية القضية، ونحن نبذل أقصى جهد للتخفيف عنه".
وشدد اجتماع مجلس الأمن القومى الأخير على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.