فقدت بصرها من الخوف وأخريات لا يستطعن إرضاع الصغار.. معاناة أهالي غزة في ظل الحرب والحصار
خراب ودمار؛ هذا ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة بعد مرور 9 أيام على بدء معركة طوفان الأقصى، والتي جعلت الاحتلال الإسرائيلي يشن حربه على أهالي غزة، فانقطعت بهم السبل، في مدينة محاصرة فلا هم تركوهم يخرجون ولا هم سمحوا بدخول أي مساعدات لهم، ولا حتي تركوا لهم جدران منازلهم تأويهم.
وحرصا من القاهرة 24 على رصد الحالات الإنسانية الموجودة في غزة، تواصلت مع أهالي غزة بعد حرب إسرائيل الأخيرة على القطاع لمعرفة تفاصيل أدق عن حياة مواطني غزة، وما وصلت إليه أحوالهم في ظل الحرب والحصار.
تقول أم سامر وهي أم لستة أولاد: لا أعلم ماذا أقول ولا عن أي معاناة أتحدث، عن منزل يستضيف ما يزيد على 90 شخصا من أطفال ونساء ورجال، دون ماء ولا كهرباء ولا شبكة إنترنت، أحكي عن أنه لا يوجد حتى محلات تبيع أبسط مقومات الحياة وإذا وجدت نجد السعر مضاعف حتى أن زجاجة المياه وصل سعرها إلى 1000 شيكل! قلبي يعتصر من الألم ولا أدري ماذا أقول.
واستكملت أم سامر متحدثة عن معاناة أهالي غزة، قائلة نشحن الهواتف المحمولة في بطاريات الدراجة الكهربائية حتي نستطيع التواصل مع أهلنا وذوينا.
وتابعت أم سامر بقلب مكلوم متحدثة عن أوضاعهم داخل قطاع غزة، ننام أكثر من 20 شخصا من أطفال ونساء في غرفة واحدة، عائلات مع بعضها، البعض منهم يحرص على أن تتواجد كل الأسرة في مكان واحد حتي إذا ماتوا يموتون جميعا أو يبقون على قيد الحياة سويا، في حين أن هناك عائلات يفترقون كل فرد منهم في مكان مختلف عند خالاتهم وأعمامهم حتى إذا مات أحدهم يبقي غيره ليترحم عليه.
واستطردت أم سامر حديثها للقاهرة 24، هناك بعض النازحين تركوا منازلهم إلي المدراس، ووضعهم في أسوأ حال؛ حمامات بلا مياه، بلا نظافة، حتى أن شح المياه جعلهم لا يستحمون ولا يغتسلون، وليس الشح في المياه فقط، حيث إن الوجبات الغذائية التي يوزعونها لا تكفي لسد الجوع.
يعجز لساني عن وصف حالنا وما آل إليه حال قطاع غزة ومن فيه، فهناك عائلات ينامون في المستشفيات المهددة بالقصف، النساء والرجال دون أي خصوصية ولا نعرف ماذا نفعل.
أما عن المرضعات والحوامل، فقد زادهم القصف والحرب وهنا علي وهن، فلم تستطع المرضعات إرضاع صغارهن ومن أين يأتين بحليب في صدورهن في ظل ما يكابدونه من الجوع وقلة الطعام، وحتى اللواتي يرضعن صغارهن بالحليب الاصطناعي لا يجدن ثمن علبة الحليب، وليس لهن إلا الله، ولم يرحم القصف حتى الأجنة في بطون أمهاتهم فكم من أم فقدت جنينها بعدما أصابه التشوه.
مأساة لا تنتهي، من ضمنها ابنة خالي عمرها 26 عاما، فقدت إحدى عينيها وتشوه وجه طفلها البالغ من العمر 5 سنوات، واستشهد أخوها وزوجته وأولاده، حتى أن زوجة خالي أصابها العمي بسبب الشظايا، دمار علي دمار وليس لنا إلا الله انفجرت قلوبنا ونجلس منتظرين الموت ولا ندري أي منا سيغادر الدنيا قبل الآخر.
إذا انتهت الحرب قبل أن نقتل، فلن نجد حياة لا مباني ولا أبراج ولا مساجد ولا مدارس، ولا مستشفيات كلها قضي عليها القصف، حتى أن المعلمات بعضهن استشهدن وأُخَرَ مصابات، "مين راح يدرس، لا ضل معلمات ولا أولاد، سنعود للجهل والتخلف مثلما حدث في نكبة 48".
هناك أشخاص تحت الأنقاض من يوم الإثنين الماضي لم يستطع أحد إخراجهم، كما يتم دفن المئات في مقابر جماعية دون معرفة هويتهم وكيف ذلك وقد أصبحوا أشلاء؟!.
مأساة أم دعاء
والتقطت بنت إحدى سكان القطاع المنكوب الحديث وتدعى دعاء وتعيش في تركيا وقالت: أبي سوري فلسطيني استشهد في حرب 2014، وبقيت أمي مريضة السكري، وحيدة بعد زواجي حيث انتقلت مع زوجي إلى تركيا، ومنذ بداية الحرب على غزة وأحداث طوفان الأقصى أتواصل مع والدتي كل يوم، لكن مع القصف وحالة الهلع والخوف، ارتفعت نسبة السكر لديها من شدة الخوف حتى أصيبت بالعمي، وصار وضعها أصعب بكثير فهي لا تستطيع الحركة نظرا لكبر سنها وفقدانها البصر.
حاولت كثيرا التواصل معها لكي أطمئن عليها والبارحة حدثني صاحب البيت الذي تسكن فيه وأخبرني أنه دبر لها دواء السكر ويتابع حالتها الصحية.
أشعر بالعجز والألم وقلبي يعتصر، فلا أنا أستطيع الذهاب إليها ولا هي تستطيع المجيء إليِ، كل ما أفعله هو المناشدة من خلال جروبات الفيسبوك لعل أحدا يصل إليها ويساعدها حتى تنتهي الحرب إن قدر الله لها البقاء.
مأساة شاب وأسرته
واختتم الشاب الفلسطيني، أبو عمير المتحدثين قائلا: الوضع أصعب بكثير مما تتخيلون وحتى الآن لم تصلنا أي مساعدات، وتم قصف منزلنا بما فيه من أغراض، ونحن الآن جالسون في المستشفى لا نملك إلا مانرتديه من الثياب فقط، نأكل وجبة واحدة في اليوم إما التمر وأحيانًا نكتفي بالماء أو الشاي، نطلب العوض من الله ونحمده علي كل حال، وكل ما نتمناه أن يتحرك إخواننا العرب لنصرتنا للضغط على الدول الأجنبية وجيش الإحتلال حتى يوقفوا الحرب.
نحن الشعب الفلسطيني نوجه صوتنا إلى كل حر وشريف أن يدعمنا ويساعدنا لا نريد أموالا ولا دعما ماديا، كل ما نطلبه منهم أن يتحركوا من أجل القضية الفلسطينية.