شبح خفي يرعب تل أبيب.. من هو يحيى السنوار المطلوب حيًا أو ميتًا لدى إسرائيل؟
شبح خفي لا تراه العين، والعقل المدبر لحماس، والرجل الميت، هكذا تصف إسرائيل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة، ومهندس عملية طوفان الأقصى في نظر الإسرائيليين، لسنوات طويلة تحاول تل أبيب الوصول إليه واغتياله كهدف استراتيجي لها مطلوب تصفيته.
السنوار الشبح الخفي مرعب إسرائيل والذي يسبب لها حالة إرباك كبرى، صاحب الدماغ الذرية في نظر الإسرائيليين والذين يقولون عنه إنه ليس إنسانا طبيعيا، يصفع تل أبيب من حين لآخر، يخطط ويدبر لعمليات المقاومة، يحشد الدعم ويصنع المستحيل في مواجهة إسرائيل.
وفي آخر التطورات التي نشرتها وسائل إعلام عبرية، اليوم الجمعة، فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي داهم مكتب محمد السنوار شقيق رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة يحيى السنوار، في غارات على موقع عسكري ومعسكر تدريب تابعين لحماس يقعان في قلب غزة.
وجاء في تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، أن الأوامر المكتوبة لوحدات حركة حماس أوضحت أن هناك خطة محكمة وضعها رجلان ترى إسرائيل أنهما وراء هجوم حماس المدبر في 7 أكتوبر الماضي، وهما يحيى السنوار زعيم حماس في غزة، ومحمد الضيف رئيس هيئة أركان كتائب عز الدين القسام، وهما شخصان مقربان للغاية.
السنوار شبح إسرائيل الخفي الذي لا تستطيع الوصول إليه، قالوا عنه إنه العقل المدبر لشن الهجوم على تل أبيب، يصنع حالة من التوتر لدى قادة إسرائيل، ومؤخرًا أعلنوا أنه هدف رئيسي في عمليات إسرائيل العسكرية لتصفيته الآن.
ويقول وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت: يحيى السنوار هو المسؤول الأول عن هجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل، والقضاء عليه هو أحد أهدافنا في هذه الحرب، إضافة إلى بقية قادة حماس، زاعمًا: زعيم حماس في غزة، السنوار معزول في مخبئه، وسنصل إليه وسنقتله.
وتقول وسائل إعلام عبرية، إنه من المحتمل أن يبقى يحيى السنوار ومحمد الضيف على قيد الحياة، بعد انتهاء الحرب رغم محاولة إسرائيل تصفيتهما بأسرع وقت ممكن، لكن دون طائل حتى الآن، فهم أشباح في غزة يصعب الوصول إليهما.
من هو يحيى السنوار شبح إسرائيل الخفي؟
ولد يحيى السنوار، وكنيته أبو إبراهيم، في أوائل الستينيات من القرن الماضي داخل مخيم للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، وكان له نشاط ثوري منذ أن كان طالبًا، وبدأ السنوار في الظهور حتى أصبح مقربًا من شيخ المجاهدين الراحل أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، والذي اغتالته إسرائيل في عام 2004، ويعتبر السنوار من أبرز أبناء الجيل الثاني لحركة حماس والمؤهل لقيادة الحركة وتدبير أمورها.
وفي الثمانينات من القرن الماضي انخرط السنوار في تشكيل الجناح العسكري لحركة حماس إبان فترة الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكون وحدة للأمن الداخلي تابعة للحركة.
وفي عام 1988، ألقت إسرائيل القبض على السنوار وتمت إدانته في قضية مقتل جنود إسرائيليين، وحكمت سلطات الاحتلال عليه بأربعة أحكام بالسجن مدى الحياة، ومرت السنوات بسنوات صعبة داخل سجون الاحتلال عندما أصيب بمرض دماغي ولكن تم عمل عملية جراحية ضخمة له في مستشفى إسرائيل العسكرية لإنقاذه.
وكعادة الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل، استغل السنوار سنوات سجنه في دراسة الإسرائيليين والتي تجاوزت العقدين من الزمن بشكل دقيق، حيث تعلم اللغة العبرية، وتابع إعلامهم ومراكز الفكر لديهم، ورصد الشخصيات الإسرائيلية البارزة حتى تكونت لديه صورة كبيرة عن المجتمع الإسرائيلي.
وجاء الإفراج عن يحيى السنوار من المعتقل الإسرائيلي في إطار صفقة تبادل الأسرى عام 2011 في ملف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اختطفته حركة حماس في عام 2006، حيث تم وضع اسم السنوار على رأس قائمة المطلوبين للإفراج عنهم من سجون الاحتلال وهو ما تم رغم معارضة واستياء الكثير من قادة إسرائيل.
ومع خروجه من السجن بدأ السنوار في عمله سريعًا وتدرج بشكل كبير في المناصب القيادية لحركة حماس، حتى تم اختياره من قبل أعضاء الحركة لقيادة غزة في عام 2017.
وتبنى السنوار نهجًا مختلفًا في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث تعامل معهم باستراتيجية مزدوجة، يهدئ الأوضاع ويبتعد عن الحرب حينًا، ويلجأ للعمليات العسكرية وضرب إسرائيل حينًا آخر، حتى أن قادة حماس كانوا يصفونه في بداية تولية قيادة غزة بالرجل المعتدل الذي لا يرغب في الحرب، وكذلك تبنت إسرائيل هذه الفكرة، كما أنه هو نفسه قال في وقت سابق: إن الحرب ليست في مصلحة حماس أو إسرائيل.
السنوار في عيون الإسرائيليين
تسبب السنوار على مدار سنوات طويلة في إثارة حالة الجدل داخل إسرائيل على مختلف الأصعدة، وخلق حالة من الإرباك لديهم بسبب وجوده في قطاع غزة وتفكيره الذي لا يتوقف في محاربة إسرائيل، بداية من نتنياهو الذي يصف السنوار بأنه هتلر الصغير، مرورًا بوزير دفاعه جالانت الذي يقول إن السنوار هدف استراتيجي للجيش الإسرائيلي لاغتياله.
وقال نتنياهو في مقابلة أجراها مع شبكة فوكس نيوز مؤخرًا، إن الحرب تتقدم، في غزة وقادة حماس وعلى رأسهم يحيى السنوار موجودين في غزة داخل أنفاق، وسنصل إليهم ونقتلهم هناك.
وجاء في تقرير استخباراتي إسرائيلي نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز، حول ملامح شخصية السنوار: أنه كان قاسيًا وواثقًا في نفسه، ومؤثرًا ومقبولًا من قبل أصدقائه، ويتمتع بقدرات غير عادية على التحمل والمكر والتلاعب، ويحتفظ بالأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين.
ويقول مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز ديان بجامعة تل أبيب في تصريحات نقلتها شبكة فوكس نيوز الأمريكية: السنوار يمثل الجيل الثاني من قادة حماس، ولديه القدرة على قيادة الحركة بأكملها، وليس فقط شؤونها في غزة، وبالمقارنة مع إسماعيل هنية وخالد مشعل، يتمتع السنوار بشخصية كاريزمية للغاية، وهو أكثر تشددًا منهما.
ويقول أيضًا كوبي مايكل، الباحث بمركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تصريحات لفوكس نيوز: كان السنوار نشطًا منذ الأيام الأولى لانضمامه إلى حركة حماس، وفي السجن أصبح زعيمًا بارزًا لأسرى حماس، وكان شخصية مؤثرة جدًا بين جميع السجناء الفلسطينيين.
وجاء على لسان مسؤول إسرائيلي كبير لموقع زمن إسرائيل: يحيى السنوار لا يستمع لأحد، يتصرف مثل هتلر في القبو، رجل متطرف، يعرف بالميت، يقرر هذا الأمر وما يحدث في غزة، مما يجعل المفاوضات صعبة للغاية مع حماس.