الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

علّمنا أن الصمت في حضرة الجرائم جريمة.. الإمام الطيب قولًا وفعلًا

الجمعة 10/نوفمبر/2023 - 05:58 م

يقولون إن الطيبين كُثُر لكن "طيبنا" واحدٌ، هذا الذي قَضَّ مضاجع الصهاينة، وركل أحلامهم إلى أصغر صفحات التاريخ، بقوة الكلمة، وسلاح الخطابة، وتأثير الإمامة، ونهج العزة؛ حتى باتت كلماته جرسَ إنذارٍ بالغَ الإزعاج للاحتلال الإسرائيلي، كسب من خلاله الإمام الأكبر، الشيخ أحمد الطيب، أرفع مكانة في قلوب المسلمين، وردد من ورائه كورال أزهري: العزة للصمود الفلسطيني.

لم يقلْ مقولته ويصمت، لكنه كررها، وكررها كثيرًا حتى بلغت أدنى الأرض وأقصاها، كأنَّه يقول: "الصمتُ في حضرة الجرائم جريمةٌ، والبوح للأنام فريضة"؛ فلتعلم شعوب الأرض أن للمسلمين إمامًا يؤمّهم إلى العزة والكرامة، ولا يرتضي بالهوان، ويصدع -ولا يزال– بالحق دون خشية الطغيان، ولا جور الإنسان على الإنسان، فشرائع الهدي باقية للأنام.

في البدء كان حازمًا؛ كأننا نسمع صوته من بين كلمات أول بيانٍ للأزهر الشريف وصف الجرائم الإسرائيلية بـ العار على الإنسانية، ورفع عاليًا صمود أحرار فلسطين، وتتابعت من بعده البيانات التي تُقرِّع الاحتلال، وتصب جام الغضب على أعوانهم وداعميهم الغربيين، مدعييّ الحضارة والاستنارة. 

 الإمام الطيب قولًا وفعلًا

يُؤخذ على بعض العرب والمسلمين انزواؤهم بعيدًا عن المشهد، بينما يشاهدون تقطيع لحم جزءٍ من جسد الأمة، فيرسلون أحيانًا أكفانًا وفي أحيانٍ أخرى يرسلون جُمَل القلق والإدانة، بينما ينفجر الطيب بصوت عالٍ، حاثًا الأمة الإسلامية على استثمار قوتها وأموالها خلف فلسطين، بعزمٍ وحزمٍ كعزم الغرب وحزمه، كأنّه يقول: افعلوا ما يُبقي لكياننا صورةً غير مشوهة، وبذلك يحيل الإمام الأكبر صورة الأزهر الشريف إلى دفتر مفاخِر المسلمين، وهو امتداد لمواقف جعلت من المؤسسة صنو الحق. 

"شخصيتُنا انتهت.. يُقضى في أمورنا.. هم الذين يخططون ويقررون لنا".. بهذه الكلمات قرَّع "الطيب" آذاننا ذات يوم بحضرة علماء ومفكرين في إحدى مؤتمرات القاهرة، كان يعي جيدًا أنْ لا مكانة للضعيف، رسم بهذه الكلمات صورةً لما يجب أن نكون عليه نحن المسلمين، كان يبحث في هويتنا التي مُسحت، وينكأ جراحنا، لعلنا نعي أن المعركة بين الحق والباطل تُوزن بميزان القوة والهوية والأصالة والتراث، ومن ثمّ يضع أمام أعيننا سيارة تفتقد البنزين، يُراد لها أن تخوض غمار سباق سيارات هجينة!.

أوجد الإمام الأكبر حالةً اعتزازيةً في قلوب المسلمين، ليس لمواقفه الأخيرة إزاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، ولكن بمجمل اختراقاته لما بات محظورًا، بمفهوم الغرب، لم يكن هذا المحظور سوى إعلاء قيمة المسلمين وقيَمِهم، وهي المواقف التي عكست مدى الاحتفاء الذي يلاقيه الشيخ الطيب عندما يحلُّ ضيفًا على أراضي المسلمين في بقاع الأرض، وَلا يُنَبِّئُنا بذلك مِثْلُ مواكبه في دول شرق آسيا، خاصة إندونيسيا وماليزيا.

لكل مرحلة رجالها، والإمام الطيب أحد رجالات هذه المرحلة، بمواقف العظماء، وخطابات الأقوياء، وأخلاق الأوفياء، بإخلاص لا يُضام، ما بقي الزمان وبقي الإمام، حقًا: لك من اسمك نصيب أيها الطيب.

تابع مواقعنا