أمامنا 50 سنة صعبة.. أستاذ جامعي فلسطيني يكشف لـ القاهرة 24 وضع الجامعات في قطاع غزة ومصير الدراسة
بدأت اليوم الجمعة، هدنة إنسانية مؤقتة في قطاع غزة، بعد الاتفاق عليها من الجانب الفلسطيني وقوات الاحتلال، بوساطة مصرية وقطرية، وتستمر لمدة 4 أيام قابلة للتجديد حال تم الاتفاق.
ومع شروق اليوم الجمعة على قطاع غزة وبدء سريان الهدنة، بدأ المواطنين وبدأت عدسات الكاميرات، في رصد حالة الدمار التي طالت كافة مدن القطاع خاصة الجزء الشمالي “محافظة الشمال ومحافظة غزة”، والذي طال كافة القطاعات سواء المصانع أو المستشفيات أو حتى الجامعات، ناهيك بالمنازل والوحدات السكنية التي طالها التدمير جراء قصف قوات الاحتلال.
دمار كبير في قطاع غزة كشفته أول أيام الهدنة
وبما أن وضع القطاع الصحي في غزة من مستشفيات ووحدات صحية، لا يخفى عن أي أحد، بعد الدمار الذي طال معظم المستشفيات والحصار الذي طال مستشفيات الشفاء والإندونيسي والرنتيسي، كان لزامًا علينا أن نُمعن النظر في وضع قطاع التعليم وخاصة الجامعات.
مصير قطاع التعليم العالي والجامعات
القاهرة 24 تواصل مع الدكتور حسين سعد، أستاذ الإعلام بجامعة القدس المفتوحة، لرصد وضع وحالة الجامعات في قطاع غزة، والجامعات التي تضررت، إضافة إلى مدى إمكانية استئناف الدراسة في فصلها الأول حال التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة.
وبدأ حسين سعد حديثه عن حجم الدمار الذي طال جامعات القطاع قائلًا: الجامعات في قطاع غزة مثلها مثل معظم المؤسسات في قطاع غزة سواء التعليمية أو الصحية وغيرها، والتي تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين من الشمال إلى وبعض مناطق الجنوب ممن تهدمت منازلهم.
وسرد أستاذ الإعلام حال الجامعات قائلًا: عدد من النازحين دخلوا مباني الجامعات خاصة بعدما فاقت الأعداد قدرة وطاقة المدارس والمستشفيات، والكل حاول التواجد حفاظًا على الأسرة والأبناء، خاصة بسبب التجهيز الكامل للجامعات من قاعات دراسية ومرافق، وعلى رأس هذه الجامعات كانت جامعة القدس المفتوحة في الشمال والأقصى في الجنوب.
وأكمل حسين سعيد حديثه: بسبب الأعداد الكبيرة لم يكن النازحون فقط في داخل القاعات الدراسية وإنما تحولت ساحات الجامعات لمكان لنصب الخيام وإيواء النازحين فيها هربًا من القصف العنيف.
ووصف سعد المشهد في القطاع الجامعي والجامعات التي طالها القصف، بقوله: أما عن الجامعات التي تعرضت للقصف، فيأتي في مقدمتها الجامعة الإسلامية التي تعرضت لقصف بشكل شبه كامل، وجامعة القدس المفتوحة سواء في فرع غزة أو شمال غزة تم تدميرها بالكامل، كذلك الأضرار التي لحقت بجامعة الأزهر وبعض مبانيها، وكذلك بعض الكليات التي تعطي دبلوم سنتين "المعاهد العليا"، لكن هناك جامعات مثل جامعتا فلسطين والإسراء لم تتعرضا للقصف والتدمير.
طاقة استيعابية ضعيفة بعد الدمار
وواصل سعد: بعض من هذه الجامعات لديها فروع منها في مدن الجنوب، وأفرع الشمال هي التي تدمرت لكن هذه الأفرع الموجودة في الجنوب ليس لديها الطاقة لتحمل الطلاب الآخرين، بسبب عدم استعدادها الكامل.
ولتوضيح الصور كاملة، أكمل حسين سعد: كل الجامعات تشغل نازحين وهناك عدد كبير يتواجد بها، والتخوف كامل أن يتحول الصراع حال استئنافه بعد الهدنة إلى المناطق الجنوبية، وقصف مثل هذه الجامعات التي تؤوي عددًا كبيرًا.
إمكانية استئناف الدراسة في قطاع غزة
“الفصل الدراسي الأول أعتقد أنه بات على مشارف إلغاءه بشكل كامل حتى لو توقفت الحرب بشكل دائم”، بهذه الكلمات رسم أستاذ الإعلام تفاصيل المشهد ما بعد حرب غزة، والذي أكد أنه حتى لو تم انسحاب كامل، لا يمكن أن يكون هناك فصل دراسي أول وفصل دراسي ثانٍ وقتها، وذلك بسبب عدة عوامل.
وبدأ سعد بسرد أسباب صعوبة استئناف الدراسة بقوله: الناحية الاقتصادية تضررت وأثرت على الطلاب وأهلهم سواء بقصف منازلهم أو محالهم التجارية، بعد استهداف الاحتلال القطاع الاقتصادي بما فيه من مصانع ومولات ومحالات وغيرها، والأوضاع الاقتصادية هذه ستؤثر على الطلاب في مسألة الرسوم والإمكانات المادية المطلوبة لمواصلة الدراسة.
تعدد الشهداء وفقدان العائلات
وأكمل أستاذ الإعلام بجامعة القدس المفتوحة: ثاني الأمور التي قد تعيق الطلاب من استكمال العملية التعليمية، هي أن غالبية الطلاب تعرضوا لفقدان بعض عائلاتهم أو حتى معلميهم أو زملائهم، وهو ما سيؤثر على النسيج الاجتماعي ومواصلة التعليم، خاصة إذا كان من فقدهم الطلاب هم من الذين كانوا يتكفلون بهم وبأمورهم المادية.
وعن ثالث العوامل برر سعد صعوبة عودة الدراسة بقوله: الجانب النفسي الصعب والمرير قد يُعيق الاستئناف، حيث يحتاج الطلاب إلى تهيئة نفسية وجو من الراحة والاستقرار ومنع الاضطرابات والخوف والتوتر، وهو ما يحتاج إلى فترة كبيرة من أجل عودة التوازن.
وتابع حسين سعد: هناك بعض الطلاب ممن تعرضوا لإصابات بالغة أو حتى زملائهم، والبعض سيجد أن بعض أصدقائه قد تعرضوا للقصف وهو ما سيخلق حالة من الحزن العام، ويجعل هناك صعوبة في التعايش مع الواقع الجديد الأليم ولو لفترة معينة.
صعوبة خروج النازحين
"النازحين يحتاجون وقتا للخروج"، بهذه الكلمات أكمل أستاذ الإعلام، موضحًا: أما أهم العوامل في صعوبة عودة الدراسة حتى لو توقفت الحرب بشكل كامل، هو هؤلاء النازحين الموجودون في الجامعات والمدارس ممن تحدثت عنهم، والذين لن يتمكنوا من الخروج بشكل سريع حال انتهاء الحرب بسبب فقدان منازلهم وسيحتاج الأمر إلى فترة لحين خروجهم، وهو ما يعيق عودة الدراسة حتى حدوث ذلك.
فقر قادم لمدة 50 عامًا
واختتم الأستاذ الجامعي الفلسطيني: بشكل عام يُمكنني أن أقول إن غزة وقعت في فقر قادم لمدة 50 عامًا، فحتى لو جاءت بعض الدول من أجل إعادة الإعمار، فيكفيني فقط أن أقول إن الرمال الموجودة في القطاع لا تكفي لاستخدامها في بناء ما تم تدميره في غزة، فمابالك بالحياة الاقتصادية والاجتماعية التي ستحتاج وقتًا كبيرًا للعودة إلى طبيعتها.