دعاء سيدنا الخضر لصنع المعجزات بصيغتين.. لماذا أثار الجدل بين أهل العلم؟

يتداول البعض دعاء سيدنا الخضر والذي قيل عنه أنه يصنع المعجزات، وله صيغة محددة تجمع من ضمنها أدعية للنبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن هناك خلاف بين أهل العلم حول هذا الدعاء، وقد وصفه فريق منهم أنه ملفق وموضوع، وآخرون يرونه جائز لا حرج فيه، فلماذا أثار هذا الجدل وما صيغته وكيف يقال وما قصته؟، هذا ما نوضحه عبر القاهرة 24.

دعاء سيدنا الخضر

يصنف دعاء سيدنا الخضر عليه السلام، كأحد أدعية الفرج والتضرع إلى الله للشفاء من الأمراض وجلب الرزق، وهو دعاء منسوب لسيدنا الخضر بدون سند موثوق فيه، وقد اختلف العلماء حول صحة نسبه للخضر من عدمه، وتركوا الأمر دون حسم، بل قال نفر منهم أن سيدنا الخضر لم يلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

واختلف العلماء حول سيدنا الخضر، فقالوا أنه إما نبي أو رسول أو ولي أو ملك، وكونه بشرًا يجعل الجدل قائمًا حول نسبه، فقد قيل أنه ابن سيدنا آدم، أو ابن ابنه قابيل، أو من ذرية العيص بن إسحاق، حتى أنه قيل أنه ابن فرعون من صلبه، أو أحد ذرية من آمن بسيدنا إبراهيم وقد هاجر إلى بابل، وشمل الجدل اسمه، فقد اختلفوا حول أي الأسماء هي اسمه من بين "عامر -  بليان بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن سام بن نوح عليه السلام - المعمر بن مالك بن عبدالله بن نصر بن الازد"، بل اختلفوا على كونه حي أو ميت.

هل دعاء سيدنا الخضر صحيح؟

ومن جملة الجدل بين العلماء، اختلفوا حول هل دعاء سيدنا الخضر صحيح أم لا؟، فقد ذكر هذا الدعاء مصدر واحد من أهل العلم، حيث ورد في كتاب "كشف الخفاء ومزيل الالباس" لصاحبه الحافظ العجلوني أن الدعاء أخرجه الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب، قال: "بينما أنا أطوف بالبيت إذا رجل معلق بأستار الكعبة يقول: يا من لا يشغله سمع إلى آخره، فقلت يا عبد الله أعد الكلام، قال: وسمعت؟ قلت: نعم، قال: والذي نفس الخضر بيده -وكان هو الخضر- لا يقولهن عبد دبر الصلاة المكتوبة إلا غُفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر".
 

وذكرت تلك الحادثة على رواية ابن عساكر في الدر المنثور للسيوطي في تفسير قوله تعالى: "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا" الكهف:60، وقال عنه ابن حجر في الفتح: "أخرجه ابن عساكر من وجهين في كل منهما ضعف".
 

ويذهب أهل العلم إلى أن الدعاء لم يرد في كتب السنة المشهورة، كما أنه "اشتمل على الثواب الكثير مقابل العمل القليل" مستندين إلى قول الإمام السيوطي عنه في ألفيته "وما به وعد عظيم أو وعيد على حقير وصغيرة شديد"، وأجمعوا على ثراء السنة النبوية بما يغني عن هذا الدعاء للفرج والغفران.
 

ومن الأحاديث النبوية الصحيحة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بنفس معنى دعاء سيدنا الخضر، ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين وحمد الله ثلاثًا وثلاثين وكبر الله ثلاثًا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر".

دعاء حزب البحر لقضاء الحوائج وتحقيق المعجزات مكتوب كامل

دعاء حزب البحر.. ما قصته ولماذا اشترطت الإفتاء الإذن للتعبد به؟

هل يوجد دعاء بعد الأذان يغفر الذنوب؟.. فرصتان ذهبيتان لا تفوتهما

دعاء الرعد.. الصيغة النبوية الصحيحة وهل توجد صلاة خاصة به؟

دعاء سيدنا الخضر بسم الله ما شاء الله

ورد دعاء سيدنا الخضر بسم الله ما شاء الله في أكثر من أثر عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، إذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يلتقي الخَضِر وإلياس عليهما السلام كل عامٍ بالمواسم بمنى فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه، فيتفرقان عن هؤلاء الكلمات: بسم الله، ما شاء الله، لا يسوق الخير إلا الله، ما شاء الله، لا يصرف السوء إلا الله، ما شاء الله، ما كان من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله".

قال ابن عباس: "من قالهن حين يصبح وحين يمسي أمنه الله عز وجل من الغرق والحرق والسرق" وأحسبه قال: "ومن الشيطان والسلطان ومن الحية والعقرب".

ويصنف الحديث السابق على أنه من الأحاديث الموضوعة، إلا أنه يتداوله الشيوخ وبعض العلماء، وقد قال عنه الدكتور محمد مهنا، أحد علماء الأزهر الشريف، في مقطع مصور له، أنه دعاء ثابت بما ورد في القوت، وما رواه ابن عدي في الكامل، وما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق والديلمي.

دعاء سيدنا الخضر لصنع المعجزات

وشدد الدكتور محمد مهنا، على أن من قرأ دعاء سيدنا الخضر لصنع المعجزات حين يصبح 3 مرات أمن من الغرق والحرق والسرقة، مشيرًا إلى أن جمهور العلماء يعتقدون بأن سيدنا الخضر ما زال حيًا، وأن بعض الأولياء ذكروا لقائهم به، وأن هذا الدعاء من الأوراد التي يحرص الصالحين عليها.

وصيغة دعاء سيدنا الخضر لصنع المعجزات كالتالي:-

"بِسمِ اللَّهِ ما شاءَ اللَّهُ لا يسوقُ الخيرَ إلا اللَّهُ، ما شاءَ اللَّهُ لا يصرِفُ السُّوءَ إلا اللَّهُ، ما شاءَ اللَّهُ ما يَكونُ من نعمةٍ فمنَ اللَّهِ، ما شاءَ اللَّهُ لا حول ولا قوَّةَ إلا باللَّهِ".

وجاء في كتاب الموضوعات لابن الجوزي، أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال عن أبيه أن صيغة دعاء الخضر بسم الله "من قالَها حينَ يُصبحُ وحينَ يُمسي كلَّ يومٍ وليلةٍ ثلاثَ مرَّاتٍ عوفِيَ منَ الغَرَقِ والحرقِ والشَّرَقِ وأحسبُهُ قالَ: ومنَ الشَّيطانِ ومنَ الحيَّةِ والعقرَبِ حتَّى يُصْبِحَ ويمسي".

دعاء سيدنا الخضر للشفاء من الأمراض

ويروج الكثيرون لـ دعاء سيدنا الخضر للشفاء من الأمراض، حيث يرون أن تكرار قول صيغة دعاء سيدنا الخضر عند الكعبة بنية الشفاء تحقق الشفاء من الأمراض، وهذه الصيغة هي: 

"يا مَن لا يَشغَلُه سَمْعٌ عن سَمْعٍ، يا مَن لا تُغْلِطُه المَسائِلُ، يا مَن لا يَتبَرَّمُ بإلحاحِ المُلِحِّينَ، أَذِقْني بَرْدَ عَفْوِكَ، وحَلاوةَ رَحمَتِكَ".

وتستخدم تلك الصيغة أيضًا للفرج، وقد أجمع أهل العلم على أن صيغتي الدعاءين المنسوبين لسيدنا الخضر على الرغم من عدم وجود سند متفق عليه وصحيح لنسبتهما إليه، إلا أنهما صيغتان ليس فيهما استنكار ولا حرج بالدعاء بها من دون تخصيص وقت معين أو الاستغناء بهما عما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من أدعية صحيحة.