الأربعاء 18 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

شبابنا بين الجامعة والمستقبل

الإثنين 25/ديسمبر/2023 - 12:54 م

أثناء الحملة الانتخابية شكلنا غرفة عمليات داخل أروقة حزب العدل، كان قوامها شباب في الجامعة وحديثو التخرج، الملفت هو الطاقة التي تحتويهم، فعندما تم شرح دور كل فرد في الغرفة المركزية تحولت إلى خلية نحل مع قدرة هائلة للمتابعة مع الغرف الفرعية، وإتمام عمليات الرصد والمتابعة والتحليل ما جعل الغرفة تحظى بعبارات الثناء والإشادة.

فقلت لماذا لا يتم استيعاب هذا الجيل المؤهل والطموح، وتعويض نظرة القلق الذي ينتابه حول مستقبلة؟.

وهنا خطر في ذهني سؤال مهم هل لو توافر داخل أروقة الجامعات عملية التأهيل والتعليم الجيد، وأنشطة ينخرط فيها كل الطلاب ما هو شكل مجتمعنا؟.

علينا أن نعرف أن الجامعات كانت أحد روافد الحركة الوطنية المصرية، وكثيرًا ما شارك الطلبة في المظاهرات والاعتصامات، وكانوا نواة لحالة الحراك في كثير من القضايا المصرية والمصيرية.

فالتعليم الجيد يزيد من حالة الوعي، وتكامل الأنشطة وتفاعل الطلبة بها يزيد حالة المشاركة، لذلك للجامعة دور كبير تربويا وفكريا وفي إعداد الطالب سياسيًا لتأمينه من التيارات المتطرفة، وكذلك لتقوية الانتماء داخله وزيادة رغبته في التشابك والفهم لكل قضايا مجتمعه، لأن ترك هؤلاء الطلاب دون خلق وعي سياسي لديهم سيجعلهم يعيشون في حالة اللامبالاة وعدم الانخراط في مجتمعاتهم، وتكون السلبية هي العمود الفقري لتصرفاتهم والانزواء بعيدا.

فعملية التنشئة السياسية والتوعية السليمة تخلق منهم مجتمعا قويا ومتماسكا، يؤمن بالحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة واحترام آراء الآخرين، ويؤمن كذلك بضرورة الحوار والتعددية السياسية.

كذلك يجب أن تكون هناك مناقشات بين الطلبة والأساتذة، ليعبروا فيها عن فكرهم وآرائهم بكل حرية، ويتم تصحيح المفاهيم المغلوطة لديهم لتعديل مسارهم، وأن تقام الأنشطة والندوات المختلفة مع مفكرين وأدباء وشعراء وسياسيين وأكاديميين ورواد أعمال وغيرهم لزيادة التنوع المعرفي لديهم، وليكون عندهم قدوة وحلم لتحقيقه في المستقبل.

ولكي تقوم الجامعة بدورها يجب أن تكون غير مقيدة بأي سلطة، وأن فرصة انتخابات الكليات المختلفة لاتحادات الطلبة فرصة لممارسة القيادة، وممارسة تجربة ديمقراطية، ويخلق حالة حوار هادئ وراقي يشرف عليه الأساتذة بدون تدخل في سير العملية الانتخابية أو التأثير على اختياراتهم، فذلك يخلق فيهم قيادة تعرف معنى المسؤولية، ويُعمق روح الجماعة والتعاون بين كل أفراد الفريق، وتقدم لنا سياسي المستقبل، ومن يقودون شعلة الوطن في مجالاته المختلفة.

كذلك هناك خطر حقيقي يواجه شبابنا في ظل صحوة عالم الإنترنت، وعالم وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يعد للدولة سطوة في تشكيل الوعي عبر إعلامها ومنصاته المختلفة، بل أصبحت عملية البحث تتم في ثواني من على الهواتف وأجهزة الكمبيوتر، ويستمد معلوماته من خلال تلك الشبكة العنكبوتية، ويصبح في فخ بين الأخبار المغلوطة، وعرضة للاستقطاب الديني، بل والأيدلوجي لتشكيل وعيه، مع تعرضه لتصديق الشائعات والأكاذيب التي تملأ الصفحات المشبوهة واللجان الإلكترونية وتأثيراتها، وهنا يأتي دور الجامعة والدولة في تصحيح المفاهيم، والسماح بكافة الأنشطة، وإعطاء الطلبة الحرية في عرض أفكارهم وإقامة حوار ليخرج الشخص المهتز من جنباته، وليقوي دعائم ثقته بكل الحوارات والمناقشات الجادة.

وطلابنا هم رأس مالنا البشري، وقوتنا للمستقبل، ويجب العناية بهم وثقل فكرهم ودمجمهم مع قضايا مجتمعهم، ولأنهم جزء أصيل من المجتمع يجب تنمية ثقافة العمل التطوعي، ليفيدوا مجتمعاتهم، ويكونوا النور الذي يضيء لأهاليهم الطريق، وكذلك التعاون والتكافل والتكاتف ومساعدة الغير والمحتاج والمريض والتنبيه من خطورة أمراض عديدة والتوعية التي يتكسبوها عبر كثير من المبادرات كلها أشياء إيجابية ليكونوا نواة وأداة بناء وتحفظهم من التطرف والسلبية وتضيف لمجتمعاتهم.

دائما ما نقول أن الاهتمام بالتعليم، نتيجته دولة ناهضة متقدمة، وهؤلاء هم المستقبل فلا نهضة بدون الاستثمار في البشر.

فالجامعة لا يقتصر دورها على الجانب العلمي إنما لها جانب مجتمعي وتوعوي وسياسي، وتنمية روح المواطنة، وتحقيق تنمية المجتمعات، والحفاظ على التقاليد والأعراف السائدة، وتنمية مشاعر الولاء والانتماء وحب الوطن لطلابها، وذلك عبر انخراطهم في كل قضايا المجتمع.

وعلى الطلبة أن يشعروا بالأمان بعد إنهاء المرحلة الجامعية، وأن تكون الدولة جاهزة لاستيعابهم وتسكينهم في سوق العمل للاستفادة بما تعلموا، لأنها هي المسؤولة عن إعداد المقبولين داخل كل كلية، لأنه أصبح من الواضح أنهم أصبحوا عبأ لعدم تخطيط الدولة استراتيجية احتياجاتها طبقا لنوع التعليم المؤهل لذلك.

قد يذكر البعض أن هناك عملية تمكين للشباب، وأن الجامعة تقوم بدورها، وأن وزارة الشباب والرياضة تطلق الكثير من المبادرات، كل هذا جميل، لكن من يستفيد من كل ما سبق فئة قليلة ومختارة وليس غالبية الطلبة.

في الختام يجب أن نعلم أن أساتذة الجامعة بطلابها هم أكثر فئات المجتمع وعيا وإدراكا للمتغيرات وخطط التنمية الشاملة ورؤية الدولة، لذا يجب على الدولة التخطيط السليم لاستيعاب مستقبلها المتمثل في إرثها البشري للذهاب إلى الجمهورية الجديدة.

تابع مواقعنا